عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا … فقُدْها شُزَّباً قبَّاً تَبَارى
كأنَّ أهِلَّة ً قَذفَتْ نُجُوماً … إذا قدحت سنابكُها شَرارا
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الجُردَ المَذاكي … كَمَنْ جَعلَ الطِّرادَ لها ضِمارا
كأنَّ الليلَ موتورٌ حريبٌ … يحاوِلُ عندَ ضوءِ الصُّبحِ ثارا
فليسَ يحيدُ عنها مستجيشاً … على الإصباح عثيرها المُثارا
أخَذْنَ بِثأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً … مددنَ على الصباحِ بهِ إزارا
وقد هبتْ سيوفُكَ لامعاتٍ … تُفرِّقُ في دجنتهِ نَهارا
أمَا والسابقاتِ لقدْ أباحتْ … لَكَ الشَّرَفَ المُمَنَّعَ وَالْفَخَارا
فزُرْ حلباً بكلِّ أقبًَّ نهدٍ … فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزارا
وكلِّفْ ردَّها إن شئْتَ قسراً … عَزائمَ تَستَرِدُّ المُستعارا
فأجْدِرْ بِالمَمالِكِ أنْ تراها … لمنْ كانتْ ممالكَهُ مِرارا
وإنْ ولدَتْ لكَ الآمال حظّاً … فما زالَتْ مواعدُها عِشارا
إذا عايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً … فأوشِكْ أنْ تُعايِنَ منهُ نارا
ويأبى اللَّهُ إنْ أبَتِ الأعادي … لِناصرِ دِينهِ إلاَّ انتصِارا
وما كبُرَتْ عليكَ اُمورُ مجدٍ … إذا أصْدَقْتَها الهممَ الكِبارا
وما هممُ الفَتى إلاَّ غُصُونٌ … تَكونُ لها مَطالِبُهُ ثِمارا
ألسْتَ ابنَ الذي هطلتْ يداهُ … ندى ً سرَفاً لمنْ نطقَ اختصارا
وأعطى الأفَ لمْ تُعْقَرْ بنَقْصٍ … وما غُنِّي ولا شَرِبَ العقارا
وأشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأمانِي … وَرَوَّى بأسُهُ الأسَلَ الحِرارا
وقَادَ إلى الأعادِي كُلَّ جَيْشٍ … تَقُودُ إليْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا
وَلَوْ قُلْتُ ابنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي … صِفاتُ عُلاكَ فَضْلاً واشتِهارا
وهلْ يخفى علَى السَّارينَ نَهجٌ … إذا ما البَدْرُ في الأُفُقِ استنارا
مِنَ القَوْمِ الأولى جَادُوا سِرارا … وَعادَوْا كُلَّ مَنْ عادَوْا جِهارا
وما كتَمُوا الندى إلا ليَخْفى … ويأْبى الْغَيْثُ أنْ يَخْفى انْهِمارا
بُدُورُ الأرضِ ضاحية ً عليها … وأطيَبُ مَنْ ثوى فيها نُجارا
إذا ما زُلْزِلَتْ كانوا جِبالاً … وإنْ هِيَ أمْحَلَتْ كانوا بِحارا
وأنْتَ أشدُّهُمْ بَأساً وَأنْدا … هُمُ كفَّا وأكثرهمْ فخارا
وأوفاهمْ إذا عقدوا ذِماماً … وَأحْمَاهُمْ إذا حَامَوْا ذِمارا
وأمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَناباً … وأمنعهمْ لمطلُوبٍ جِوارا
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً … فلو كانتْ يداً كنتَ السِّوَارا
يُضِيءُ جَبِينُكَ الوَضَّاحُ فيها … إذا ما الرَّكْبُ في الظَّلْماءِ حارا
فما يدري أنارُ قِراكَ لاحَتْ … لهُ أمْ بَرقُ غيثكَ قد أنارا
تَمَلَّ أبا القِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ … رفعْتُ بهِ على الدُّنْيا مَنارا
ثناءٌ ما حَداهُ الفِكْرُ إلاّ … أقامَ بِكلِّ مَنْزِلَة ٍ وَسارا
إذا أُثْني بحمدَ قالَ قومٌ … بِحَقِّ الرَّوْضِ أنْ حَمِدَ القِطارا
غَفَرْتُ ذِنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمَّا … أصارَ إليَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا
وردَّ ليَ الصِّبا بنداكَ حتّى … خلعتُ لديهِ في اللهوِ العِذارا