هِيَ النَفسُ ما حَمَّلتَها تَتَحَمَّلُ … وَلِلدَّهرِ أَيّامٌ تَجورُ وَتَعدِلُ
وَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِ جَميلَةٌ … وَأَفضَلُ أَخلاقِ الرِجالِ التَفَضُّلُ
وَلا عارَ أَن زالَت عَن الحُرِّ نِعمَةٌ … وَلكِنَّ عاراً أَن يَزولَ التَجَمُّلُ
وَما المالُ إِلّا حَسرَةٌ إِن تَرَكتَهُ … وَغُنمٌ إِذا قَدَّمتَهُ مُتَعَجَّلُ
وَلِلخَيرِ أَهلٌ يَسعَدونَ بِفِعلِهِ … وَلِلناسِ أَحوالٌ بِهِم تَتَنَقَّلُ
وَلِلَّهِ فينا عِلمُ غَيبٍ وَإِنَّما … يُوَفِّقُ مِنّا مَن يَشاءُ وَيَخذُلُ
وَأَقوَمُ خَلقِ اللَهِ لِلَّهِ بِالَّذي … يُحِبُّ وَيَرضى جَعفَرُ المُتَوَكِّلُ
فَتىً جَمَعَت فيهِ المَكارِمُ شَملَها … فَما فاتَهُ مِنها أَخيرٌ وَأَوَّلُ
أَبى اللَهُ إِلّا أَنُّهُ خَيرُ خَلقِهِ … وَأَعدَلُهُم فيما يَقولُ وَيَفعَلُ
عِنايَتُهُ بِالدينِ تَشهَدُ أَنَّهُ … بِقَوسِ رَسولِ اللَهِ يَرمى وَينصُلُ
إِذا ما رَأى رَأياً تَيَقَّنتَ أَنَّهُ … بِرَأيِ اِبنِ عَبّاسٍ يُقاسُ وَيُعدَلُ
لَهُ المِنَّةُ العُظمى عَلى كُلِّ مُسلِمٍ … وَطاعَتُهُ فَرضٌ مِنَ اللَهِ مُنزَلُ
أَعادَ لَنا الإِسلامَ بَعدَ دُروسِهِ … وَقامَ بِأَمرِ اللَهِ وَالأَمرُ مُهمَلُ
وَآثَرَ آثارَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ … فَقالَ بِما قالَ الكِتابُ المُنَزَّلُ
وَأَلَّفَ بَينَ المُسلِمينَ بِيُمنِهِ … وَأَطفَأَ نيراناً عَلى الدينِ تُشعَلُ
يُعاقِبُ تَأديباً وَيَعفو تَطَوُّلاً … وَيَجزي عَلى الحُسنى وَيُعطي فَيُجزِلُ
وَلا يُتبِعُ المَعروفَ مَنّاً وَلا أَذَىً … وَلا البُخلُ مِن عاداتِهِ حينَ يُسأَلُ
يُضيءُ لِأَبصارِ الرِجالِ كَأَنَّهُ … صَباحٌ تَجَلّى يَزحَمُ اللَيلَ مُقبِلُ
تَأَمَّل تَرى لِلَّهِ فيهِ بَدايِعاً … مِنَ الحُسنِ لا تَخفى وَلا تَتَبَدَّلُ
فَنَضرَةُ وَجهٍ يَقصُرُ الطَرفُ دونَهُ … وَطَرفٌ وَإِن لَم يَألَفِ الكُحلَ أَكحَلُ
وَمُعتَصِمِيُّ الخَلقِ لِلسَيفِ وَالقَنا … عَلَيهِ بَهاءٌ حينَ يَبدو وَيُقبِلُ
إِذا نَحنُ شَبَّهناكَ بِالبَدرِ طالِعاً … بَخَسناكَ حَظّاً أَنتَ أَبهى وَأَجمَلُ
وَنَظلِمُ إِن قِسناكَ بِاللَيثِ في الوَغى … فَإِنَّكَ أَحمى لِلذِّمارِ وَأَبسَلُ
وَلَستُ بِبَحرٍ أَنتَ أَعذَبُ مَورِداً … وَأَنفَعُ لِلرّاجي نَداكَ وَأَشمَلُ
وَلا وَصفَ إِلّا قَد تَجاوَزتَ حَدَّهُ … وَلا سَيبَ إِلّا سَيبُ كَفِّكَ أَفضَلُ
رَعاكَ الَّذي اِستَرعاكَ أَمرَ عِبادِهِ … وَكافاكَ عَنّا المُنعِمُ المُتَفَضِّلُ