مُلِثَّ القَطْرِ أعْطِشْها رُبُوعَا … وإلاّ فاسْقِهَا السّمّ النّقيعَا
أُسائِلُهَا عَنِ المُتَدَيّريهَا … فَلا تَدري ولا تُذْري دُمُوعَا
لَحاهَا الله إلاّ ماضِيَيْهَا … زَمَانَ اللّهْوِ والخَوْدَ الشَّمُوعَا
مُنَعَّمَةٌ مُمَنَّعَةٌ رَداحٌ … يُكَلّفُ لَفظُها الطّيرَ الوُقُوعَا
كأنّ نِقابَها غَيْمٌ رَقيقٌ … يُضِيءُ بمَنْعِهِ البَدْرَ الطُّلُوعَا
أقُولُ لها اكشفِي ضُرّي وَقَوْلي … بأكْثَرَ مِنْ تَدَلّلِها خُضُوعَا
أخِفْتِ الله في إحْيَاءِ نَفْسٍ … متى عُصِيَ الإلهُ بأنْ أُطِيعَا
غَدا بكِ كُلُّ خِلْوٍ مُسْتَهَاماً … وأصْبَحَ كلُّ مَسْتُورٍ خَليعَا
أُحِبّكِ أوْ يَقُولوا جَرّ نَمْلٌ … ثَبِيرَ أوِ ابنُ إبْراهِيمَ رِيعَا
بَعيدُ الصّيتِ مُنْبَثُّ السّرايَا … يُشَيّبُ ذِكْرُهُ الطّفلَ الرّضِيعَا
يَغُضّ الطّرْفَ مِن مَكرٍ وَدَهيٍ … كأنّ بهِ ولَيسَ بهِ خُشُوعَا
إذا اسْتَعْطَيتَهُ ما في يَديْهِ … فقَدْكَ سألتَ عن سِرٍّ مُذيعَا
قَبُولُكَ مَنَّهُ مَنٌّ عَلَيْهِ … وَإنْ لا يَبْتَدىءْ يَرَهُ فَظيعَا
لهُونِ المَالِ أفْرَشَهُ أدِيماً … وللتّفريقِ يَكْرَهُ أنْ يَضِيعَا
إذا ضَرَبَ الأميرُ رِقابَ قَوْمٍ … فَما لكَرامَةٍ مَدَّ النُّطُوعَا
فَلَيسَ بواهِبٍ إلاّ كَثيراً … ولَيسَ بقاتِلٍ إلاّ قَريعَا
ولَيسَ مُؤدِّباً إلاّ بِنَصْلٍ … كفى الصّمصامةُ التّعبَ القَطيعَا
عَلِيٌّ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ مَجيءٍ … مُبارِزَهُ ويَمْنَعُهُ الرّجُوعَا
عَلِيٌّ قاتِلُ البَطَلِ المُفَدّى … وَمُبْدِلُهُ مِنَ الزّرَدِ النّجيعَا
إذا اعْوَجّ القَنَا في حامِليهِ … وجازَ إلى ضُلوعِهِمِ الضُّلُوعَا
ونالَتْ ثَأرَها الأكْبادُ مِنْهُ … فأوْلَتْهُ انْدِقاقاً أوْ صُدوعَا
فَحِدْ في مُلْتَقَى الخَيلَينِ عَنهُ … وإنْ كُنتَ الخُبَعْثِنَةَ الشّجيعَا
إنِ اسْتَجرَأتَ تَرْمُقُهُ بَعِيداً … فأنْتَ اسْطَعْتَ شيئاً ما استُطيعَا
وإنْ مارَيْتَني فارْكَبْ حِصاناً … ومَثّلْهُ تَخِرَّ لَهُ صَريعَا
غَمَامٌ رُبّما مَطَرَ انْتِقاماً … فَأقْحَطَ وَدْقُهُ البَلَدَ المَريعَا
رَآني بَعْدَما قَطَعَ المَطَايَا … تَيَمُّمُهُ وقَطّعَتِ القُطُوعَا
فَصَيّرَ سَيْلُهُ بَلَدي غَديراً … وصَيّرَ خَيْرُهُ سَنَتي رَبِيعَا
وجاوَدَني بأنْ يُعْطي وأحوي … فأغْرَقَ نَيْلُهُ أخذي سَريعَا
أمُنْسِيَّ السّكونَ وحَضرمَوْتاً … ووالِدَتي وكِنْدَةَ والسّبِيعَا
قدِ استَقصَيتَ في سَلبِ الأعادي … فرُدّ لهُمْ من السّلَبِ الهُجُوعَا
إذا ما لم تُسِرْ جَيْشاً إلَيْهِمْ … أسَرْتَ إلى قُلُوبِهِم الهُلُوعَا
رَضُوا بكَ كالرّضَى بالشّيبِ قسراً … وقد وَخَطَ النّواصِيَ والفُرُوعَا
فلا عَزَلٌ وأنْتَ بِلا سِلاحٍ … لحَاظُكَ ما تَكُونُ بهِ مَنِيعَا
لَوِ اسْتَبدَلتَ ذِهْنَكَ من حسامٍ … قَدَدْتَ بِهِ المَغافِرَ والدّرُوعَا
لوِ استَفْرَغتَ جُهدَكَ في قِتالٍ … أتَيْتَ بهِ على الدّنْيا جَميعَا
سَمَوْتَ بهِمّةٍ تَسمُو فتَسْمُو … فَما تُلْفَى بمَرْتَبَةٍ قَنُوعَا
وهَبْكَ سَمَحتَ حتى لا جَوادٌ … فكَيفَ عَلَوْتَ حتى لا رَفيعَا؟