أنهمر حزناً على أصابع الآلة الكاتبة
كصفصافة تنتحب عصافيرها
تك تك في قلب الظلام الدامس
تعني أنني لست امرأة من المعدن
تك تك بأصابع تشتعل قهراً
فوطني ليس رقعة شطرنج
وذاكرتي عبثاً تنسى حكاية حبها
مع عبد الرحمن الداخل، وحقول البرتقال اليافاوي الحزين
في الجرح بين إسكندرون والناقورة وحيفا وغرناطة وحطين.
تك تك تك في قلب الظلام
برقية S.O.S إلى من لا يهمه الأمر
في ليل عمره قرون بين مطلع فجر الحلم وحتى غروب النبض
تك تك تك، أضرب قلبي على الآلة الكاتبة
ثم أضرب روحي ميداية تذكارية، تعويذة ضد النسيان،
وأنا أعرف أن الشخير أنشودة “الضمير”
وربما لن يسمعني أحد…
تك تك تك يا رياح السموم الجهنمية،
فلا تكتمي سرّ بدوية من أحفاد السندباد الجوي
ضربت قلبها حروفاً
مثل وحيد في أرخبيل اللامبالاة
يخط استغاثته ويرمي بها في زجاجة،
من مناطيد الحلم
إلى أمواج المجهول الآتي في القاع
مراهناً على الأحصنة العربية للأحفاد.
تك تك تك أيها الشخير الذي يضم عشّاق غسيل الدماغ
إلى صدر عباءة النوم، أعرف
لن يسمعني أحد… لكنني أنتحب كي لا أختنق…
تك تك تك يا رفيق أضواء الدرب
وهي تنطفئ مصباحاً بعد آخر.
حزينة من أجل الأيام التي عشتها معك
حزينة من أجل الأيام التي لم أعشها معك
حزينة من أجل الأيام التي تعيشها المرأة الأخرى معك
منذ افترقنا وأنا أحسدك، فكيف ألومك؟
حسدتك راحلاً بحقيبة التخدير
حين بقيت وحيدة أخطّ مناشير اليأس المضاد المكابر
لأوطان يلتهمها الرخ، ويطعنها وهم الخلّ الوفي.
تك تك تك كيف ألوم هربك
من مستنقعات الرمال المتحرك المزيّنة بالشعارات المزورة..
تك تك تك ماذا منحتك غير غثيان الصحو
ما دمتُ أريد ارتداء الخاتم السحري في أصبعي
( وأفركه ليأتي جنيّ الحب) لا الخاتم الزوجي..
أريد أن أعقد قراني على ليالي الدهشة
لا على أنين الخيول في إسطبلك..
أريد أن أعاقر الحرية وأعاني سكراتها
ولا أريد الزواج من مسمار يدقني إلى جدار..
فماذا أفعل بتلك الروح الشقية التي تلبّستني
لعنةً مباركة منذ ولادتي في فراش شاسع
يمتد من تطوان إلى الشام؟
تك تك تك في قلب الظلام
رسالة طابعها البريدي اسمه السرّ
فحبي لك صامت وعميق مثل جرس تقرعه الأمواج
ولكن في قاع البحر..
حبي لك داكن وأخرس ومتكلّس
مثل صخرة في جزيرة مقفرة
لا تقول غير صمتها.
تك تك تك في قلب الظلام
الليلة أشعر أنني مستنزفة ومتعبة
مثل شريط آلة كاتبة
ركضت فوقها مطارق الحروف طويلاً…
الليلة ، عيناي لا تلتمعان
مثل تينة برية نضرة لم تُقطف بعد.
الليلة افتقدتك في شوارع نيويورك
وهي تحدق بي بعين من زجاج وأخرى من إسمنت،
الليلة قلبي مترع بالليل البيروتي أيام الأحلام الكبيرة،
الليلة افتقدتك…
تك تك تك في ظلام القلب النيويوركي النابض بالنيون
حتامَ تطاردني في عقر نومي
وتداهمني على حين غرة، وروحي فضفاضة
كثوب منشور على ضفاف الحلم والكوابيس
بين الحب والموت وقواميس الخيبات؟