لاح الهوى واستنار العدلُ والبصر … فازدادت الشمس ضوءاً واستوى القمرُ
وأصبح الناس قد ساغ الشرابُ لهم … بَعْدَ الْبَلاَءِ وَبَعْدَ الْجَهْدِ أنْ شَكَرُوا
يا صاح لو كنت منا في بليتنا … إذ لا محالة إلا أننا صبرُ
إذ تحسبُ البدر منقوصاً لليلته … وَلاَتَرَى الشَّمْسَ إِلاَّ دُونَهَا غِيَرُ
أيام سلطاننا مر مذاقته … وَالْمَالُ مُسْتَبْخَرٌ وَالْعَيْشُ مُعْتَذِرُ
لو طالعت من ثلاث المصر واحدة ٌ … مُعَمَّرِينَ عَلَى السَّرَّاء ما عُمِرُوا
هن الثلاث اللواتي لو نفحت بها … أبْنَاءَ عَادٍ عَلَى عِلاَّتِهِمْ دَمِرُوا
قامت بهن المنايا في مشاربها … فالحمض يأخذنا والفتل والبعر
حتى تنقذ عبد الله عامرنا … كما تنقذنا من مثلها عمرُ
لما حمدت أميراً بعده أبداً … ولا ذَمَمْتَ لَنَا مَن كَانَ يأتَمِرُ
ضَمَّ الْعراقَ وَقَدْ هَزَّتْ دَعَائِمَهُ … صماء عمياء لا تبقي ولا تذر
فقَوَّمَ اللَّهُ أضْغَانَ الْقُلُوبِ بِهِ … وأدرك الدين إذ إدراكه عسرُ
شهم اللقاء حليم عند قدرته … سِيَّان مَعْرُوفُهُ فِي النَّاسِ وَالْمَطَرُ
لا يحقب القطر إلا فاض نائلهُ … وَلاَ تَزَلْزَلَ إِلاَّ خِلْتَه يَقِرُ
يثني مخالب ليثٍ عن مجاهلهم … يشفى بأمثالهن الصابُ والصدرُ
هو الشهابُ الذي يكوى العدو به … والْمشْرفِيُّ الذِي تَعْصَى به مُضَرُ
ماضي العدات إذا وافقت نظرته … أدَّى إِلَيْكَ الَّذِي يَعْنَى به النَّظرُ
لاَيرْهَبُ الْمَوْتَ إِنَّ النَّفْسَ بَاسِلة ٌ … والرأي مجتمع والدين منتشر
إِنَّ الأَمِير جَزَاه اللَّهُ صالِحة ً … فِي كُلِّ صالِحة أمْسَى لهُ أثَرُ
شَقَّ الْمُغِيثَ لَنَا نُعْطَى غَوَارِبُهُ … مِن الْبَطَائِحِ فيهَا الْغَارُ وَالْعُشَرُ
حتى انثنى البحرُ عن دفاع جريته … مُسْتَبطِحَ الْماء حيْثُ الدُّورُ ينْحدِرُ
جَوْنَ السَّراة ِ كأنَّ الْجِنَّ تَهْمِزُهُ … إِذَا بَغَى الْبَحْرَ من باغٍ فَيَنْهَمِرُ
تخفى القراقير في دفاع لجته … حيناً وتظهر أحياناً فتنتشر
يَنْسَاخُ فِي بَطْنِ جَيَّاشٍ غَوَارِبُهُ … تحت السماء سماءٌ موجها أشرُ
جاف الحداء إذا ما لج أتعبها … حتَّى تَزَاوَرَ أوْ فِيهِ لَهَا وَزَرُ
كأنها الخيل طارت في مواطنها … أو رَعْلَة ٌ من بناتِ الْهِيقِ تَنْشَمِرُ
أَصَابَنَا حينَ عَافَ السَّرْجُ مشْرَبَنَا … وإِذْ ذَوى الْقَضْبُ والرَّيْحانُ والخَضِرُ
فاهتزَّت الأرضُ إذ طَابَتْ مَشارِبُهَا … وحنَّت الْوحش والأَنْعَامُ والشَّجَرُ
لا نشْرَبُ الْماء إِلا قال شاربُنا … نعم الأمير كفاه السمع والبصر
جادت يداه بسقيانا وعيشتنا … فالعيش منبسط والماء منفجر
أروى مِن الْعذْبِ هاماتٍ مُصرَّدة ً … قدْ كان أزْرى بِهِنَّ الْمِلْحُ والْكدرُ