قدمت كالسيف إلى غمده … واليمن موقوف على حده
قد أثرت فيك ليالي السرى … ما أثر السيف بإفرنده
وعدت مشكور الثنا والسنا … كذاك عودُ البدر في سعده
لله ما أسعدها طلعة ً … يجيبها الوابل من مهده
نعم وما أيمنها عزمة … سلمها الرأي إلى رشده
عزم فتى صورة أخلاصه … في البرّ قد أفضت الى حمده
ماضرَّ ركباً كان بدراً له … أن لا يراعي النجم في قصده
كأنني أبصر بين الفلا … حماهُ يستدعي إلى رفده
مخيماً تنثر ألطافه … نثر سقيطِ الوبلِ من عقده
يستمسك العافي باطنابه … فليسَ يحتاجُ الى وده
و ماجد حث ركاب السرى … حث الرجا الساري الى قصده
أهلة تحمل بدر العلى … لله ما تحملُ من مجده
هوادج تحملها من سرى … فواقع الآل على مده
حتى قضيت النسك من بعدما … قضيت نسك الجود في وفده
يرنو اليك الحجر المجتلى … ياأيها العين بمسوده
أعظم به من حجر للهدى … كأنه خالٌ على خده
هذا وفي جلق وجد عشت … طوارق الحزن الى وقده
هانَ حماها منذ فارقته … ما أهون الغاب بلا أسده
و مزق الروض بها كلّ ما … حاكت خيوط الودق من برده
شوقاً إلى مرتحل أقسمت … لا تبسم الأزهار من بعده
فالعام مثل اليوم في قربه … واليوم مثل العام في بعده
حتى اذا عاد إلى صرحها … قام الى الغصن على قده
و أقبلت تلثم آثاره … تلك الشفاه الحمر عن ورده
أبلج مارد إليها الحيا … الا بشمّ الآس في رده
ليثٌ وغيثٌ في سطاً أو لهاً … فاحذره يا طالب واستجده
يروق مثل السيف في صفحه … وربما راعك في حده
فالأمن كل الأمن في لينه … والخوف كل الخوف في شده
مهابة الزهد وعزّ التقى … قد كفيا الواحد في جنده
تغفيه في الليل سهام الدجى … وأنصل الادمع عن حشده
لا يطمع الطالبُ في شأوهِ … وانما يطمعُ في رفده
رفد أراد الغيثُ تشبيهه … فعد ذاك الفعل من برده
يعطي ويملينا معني الثنا … فالمدح والإرفاد من عنده
حقاً لقد أنجبتمو يا بني … شيبانَ في المجد وفي ولده
مناسبٌ غرٌّ لها رونقٌ … أبصرت عقد الدرّ في نضده
أواخر نمّ بها أولٌ … ومجمع لم يغن عن فرده
كما تلا التنزيل مستقبل المح … راب والاتمام في حمده
سجاهُ حبّ العفوِ حتى لقد … كاد الفتى يذنب عن عمده
و مرّ في المجد إلى غاية ٍ … ما حظّ حاكيها سوى كدّه
ذو قلم يجني الغنى والقنا … من سمه الجاري ومن شهده
يقدح في أفق العلى زنده … وليس من يقدح في زنده
يا سيدا إن أشكُ دهراً له … كأنما أشكو أذى عبده
ماذا جنى بعدك من صرفه … لنازح أوحشَ من فقده
حتى اذا هبّ نسيمُ اللقا … قام الرجا يستنّ من لحده
أهلاً بفياضِ الندى لم يقل … مادحه أحسن من ضده
الهى قريضي عن غزالِ النقا … تغزلاً فيه وعن هنده
فلم أصف من طاح من أجلها … وأجله قلبيَ في وجده
أغيد ذو ردف وخصر فكم … في غوره أصبو وفي نجده
يجرح أجفاني وأرنو له … كأنني أقتص من خده
يا ليته لي بالجفا موعداً … لانه يكذبُ في وعده
و غادة مذ عقدت صدغها … ما خرج العاشق عن عقده
كأنها إذ خضبت غيّبت … في دمعيَ الكفّ الى زنده
دع ذا وعد للقول في معشرٍ … غرٍّ وفي غيرهم عده
لولا بنو العطار لم ينتشق … عرف ندى يربو على نده
لا توحش العلياء من نسلهم … ولا ترى الشنعاء من فقده
يكاد سفرٌ ضمّ أخبارهم … من طربٍ يخرج من جلده