عسى باخِلٌ بلقاءٍ يجودُ … عَسى ما مَضى مِنْ تَدانٍ يَعُودُ
عَسى مَوْقِفٌ أنْشُدُ القَلْبَ فِيهِ … فيوجَدَ ذاكَ الفُؤادُ الفقيدُ
عناءً سهِرْتُ إلى هاجِدٍ … وأيْنَ مِنَ السّاهِرِينَ الهُجُودُ
إذا طالَ عَهْدُكَ بِالنّازِحينَ … تَغَيَّرَ وُدٌّ وَحالَتْ عُهُودُ
أأحمِلُ يا هجْرُ جُورَ البعادِ … وجُورَكَ إنِّي إذاً للجليدُ
أيا كَمَدِي ألليلِي انقِضاءٌ … أيا كبدِي ألنارِي خُمُودُ
مَرِضْتُ فهلْ منْ شفاءٍ يُصابُ … وهَيْهاتَ والداءُ طرْفٌ وجِيدُ
ويا حبَّذا مرضِي لو يَكُو … نُ مُمرِضيَ اليومَ فيمنْ يعُودُ
أيا غُرْمَ ما أتلفَتْ مُقلَتاهُ … وقدْ يحمِلُ الثَّأْرَ منْ لا يُقِيدُ
ومَنّى الوصالَ فأهدى الصدودَ … وما وعدُ ذي الخُلْفِ إلا وَعِيدُ
خليليَّ إنْ خانَ خلٌّ ألا … حليفٌ على هجرِهِ أو عقيدُ
وَهَلْ إنْ وَفى لِي بِعَهْدِ الوِصالِ … أيَنْقُصُ هذا الجَوى أمْ يَزِيدُ
ويا قلبُ إنْ أخلَقَ الوجدُ منكَ … فأنّى ليَ اليومَ قلبٌ جديدُ
إلى مَ تحُومُ حِيامَ العطاشِ … إذا مَوْرِدٌ عَنَّ عَزَّ الوُرُودُ
تَمَنّى زَرُودَ وَلَمْ تَحْتَرِقْ … بنارِ الصبابة ِ لولا زَرُودُ
وتُمِسِي تَهِيمُ بِماءِ الغَوَيْرِ … وقَدْ ذَادَ عَنْ وِرْدِهِ مَنْ يَذُودُ
إذا الرِّيُّ جَاوَزَ أيْدِي الكِرامِ … فلا ساغَ لِي منهُ عذْبٌ بَرُودُ
فأنْقَعُ منْ وردِهِ ذا الصَّدى … وأنْفعُ مِنْ بَرْدهِ ذا الوُقُودُ
وما ذا تُرِيدُ من الباخِلينَ … إذا لمْ تجدْ عندَهُمْ ما تُريدُ
أتأْمُلُ إسْعادَ قَوْمٍ إذا … كُفِيتَ أذاهُمْ فأنْتَ السَّعِيدُ
عمِرْتُ أرُوضُ خطُوبَ الزَّما … نِ لوْ أنَّ جامِحَها يستَقيدُ
وَما كانَ أجَدَرَنِي بالعَلا … ءِ لوْ قدْ تنَبَّهَ حظٌّ رَقُودُ
وَمَنْ لِي بِيَوْمٍ أبيِّ المُقامِ … تُقامُ علَى الدهْرِ فيهِ الحُدودُ
سَلا الخَلْقُ جَمْعاً عَن المِكْرُماتِ … وأمّا العَمِيدُ فَصَبٌّ عَمِيدُ
غَذاهُ هواها وَليداً فلَيْـ … ـسَ يسلُوهُ حتّى يشِيبُ الوَليدُ
يُغْنِّيهِ وَجْدٌ بِها غَالِبٌ … ويُصْبيهِ شَوْقٌ إلَيْها شَدِيدُ
على أنَّهُ لمْ تَخُنْهُ النَّوى … ولمْ يدْرِ في حُبِّها ما الصُّدُودُ
فتى ً لمْ يَفُتْهُ الثَّناءُ الجَميلُ … ولَمْ يَعْدُ فِيهِ المَحَلُّ المَجِيدُ
ولمْ يَنْبُ عنْهُ رجاءٌ شريفٌ … ولمْ يخْلُ منْهُ مَقامٌ حميدُ
سَما للعُلى ودَنا للندى … وذو الفضْلِ يقرَبُ وهوَا لبعيدُ
مِنَ القَوْمِ سادُوا وَجادُوا وَقَلَّ … لهُمْ أنْ يسُودُو الوَرى أو يجُودُوا
بَنِي أسَدٍ إنَّما أنْتُمُ … بُدُورُ علاءٍ نمَتْها أُسُودُ
أليسَ لكُمْ ما بَنى الكامِلُ الـ … ـأمين عُلُوّاً وشادَ السديدُ
سماءُ عُلى ً قمراها لكُمْ … ومنكُمْ كواكِبُها والسُّعُودُ
لَنا مِنْ ذُرى العِزِّ طَوْدٌ أشَمُّ … وَمِنْ رَغَدِ العَيْشُ رَوْضٌ مَجُودُ
فَما المَحْلُ ـ كالفَقْرِ ـ إلاّ قَتِيلٌ … وما الخوفُ كالجورِ إلا طريدُ
كأنّا سقانا بنُعماهُ أوْ … حمانا بظِلِّ عُلاهُ العميدُ
فَتًى لَمْ تَزَلْ عاقِراً فِي ذَرا … هُ أمُّ الحَوادِثِ وَهْيَ الوَلُودُ
يُظَفَّرُ فِي ظِلِّهِ الخائِبُونَ … وتنهَضُ بالعاثِرينَ الجُدُودُ
إذا نحنُ عُذْنا ولُذْنا بهِ … فَمَنْ ذَا نَشِيمُ وَمَنْ ذَا نَرُودُ
كَسا الفَخْرَ والدَّهْرَ والعالَمِيـ … ـنَ فَخْراً بهِ أبَداً لا يَبِيدُ
فَلا يَدْعُهُ زَيْنَ كُتّابِهِ … حَسُودٌ يُصادِيهِ خابَ الحَسُودُ
فما خصَّهُمْ ما يَعُمَّ الأنامَ … ولا جهِلُوا ما أرادَ المُريدُ
وإنْ غَرسُوا غرسَهُ في الكِرامِ … فَما كُلُّ عُودٍ وإنْ طاب عُودُ
منَ الكظِمِي الغيظِ والمُحْسِنينَ … إذا برَّحَتْ بالصدورِ الحُقُودُ
فمُتَّ بحزْمٍ إلى جُودِهِ … يَنَلْكَ مَعَ العَفْوِ بِرٌّ وَجُودُ
إذا كُنْتَ سيِّدَ قومٍ ولمْ … تَسَعْهُمْ بِحُلْمٍ فأنْتَ المَسُودُ
يُفِيدُ فَيَحْزُنُهُ جُودُهُ … إذا كانَ دُونَ العُلى ما يُفِيدُ
وَيُبْدِي فَيَعْظُمُ معْرُوفُهُ … ولكنْ يصغِّرُهُ ما يُعيدُ
كأوْبَة ِ أحْبابِهِ عِنْدَهُ … حُلُولُ وُفُودٍ يَلِيهِمْ وُفُودُ
وكَکلْبَيْنِ أنْ تَسْتَقِلَّ الرِّكابُ … بِهمْ أوْ تُشَدُّ لِعافٍ فُتُودُ
يَجِلُّ عُلى ً أن يُرى راكِباً … طريقاً عنِ القصْدِ فيها يَحيدُ
ويَشْرُفُ عنْ فعْلِ ما لا يَشُقُّ … وَيَكْرُمُ عَنْ حَمْلِ ما لا يَؤُودُ
غنِيٌّ بآرائِهِ البيضِ أنْ … تُظاهِرَهُ عُدَّة ٌ أوْ عَدِيدُ
وَقَفْتُ القَوافِي عَلى حَمْدهِ … وَما رَجَزِي عِنْدَهُ والقَصِيدُ
يُقَصِّرُ عَنْ قَدْرِهِ جَهْدُها … وفِي عفْوِها عنْ أُناسٍ مَزِيدُ
أنالَ فَكُلُّ جَوادٍ بَخِيلٌ … وقَالَ فَكُلُّ بَلِيغٍ بَلِيدُ
كأنَّكَ منْ سيبِهِ تستميحَ … متى جئتَ منْ علمهِ تستفيدُ
كِلا الزَّاخِرَيْنِ كَفيلاكَ أنْ … تَفَيضَ سُيُولٌ وتَطْمُو مُدُودُ
لَهُ فِقَرٌ لَوْ تَجَسَّدْنَ لَمْ … يُفضَّلْنَ إلا بهِنَّ العُقُودُ
فيُظْلمْنَ إنْ قيلَ نَوْرٌ نضيرٌ … وَيُبْخَسْنَ إنْ قِيلَ دُرٌّ نَضِيدُ
وَإنِّي وَإنْ كُنْتُ لَمْ تَعْدُنِي … نفائسُ بيضٌ منَ الغُرِّ غِيدُ
ليَحْسُنُ بِي في هواكَ الغُلُوُّ … ويَقْبُحُ بِي عنْ نداكَ القُعُودُ
مَضى الأكرَمُونَ فأمْسَى يُشِيدُ … بِذِكْرِ مَناقِبِهِمْ مَنْ يُشِيدُ
كأنْ لمْ يَبينُوا بما خَلَّدُوا … وليسَ المحامِدَ إلا الخُلُودُ
مناقِبُ تشْرُدُ ما لَمْ يكُنْ … لهَا منْ نظامِ القوافِي قيُودُ
وَما زالَ يُحْفَظُ مِنْها المُضاعُ … لَدَيْكَ وَيُجْمَعُ مِنْها البَدِيدُ
فداءُ عطائكَ ذاكَ الجزيلِ … يا حَمْزَ شُكْرِي هذا الزهيدُ
وُجِدْتَ فكنتَ حياً لا يُغِبُّ … سَقى الكونَ ريّاً وجيدَ الوُجُودُ
بَلَغْتَ مِنَ الفَضْلِ أقْصَى مَداهُ … فَما يَسْتَزِيدُ لَكَ المُسْتَزِيدُ
وطالَ أبُو الفَتْحِ أنْ لا يَكُونَ … طريفُ العُلى لكُما والتَّليدُ
فلولاهُ أعْوَزَ أهْلَ الزمانِ … شبيهُكَ في عصْرِهِمْ والنديدُ
لقدْ صدقَتْ في نداهُ الظُّنونُ … فلا كَذَبَتْ في عُلاهُ الوُعودُ