صِلَةُ الهَجْرِ لي وهَجرُ الوِصالِ … نَكَساني في السُّقمِ نُكسَ الهِلالِ
فَغَدا الجِسْمُ ناقِصاً والذي يَنْـ … ـقُصُ مِنْهُ يَزيدُ في بَلْبَالي
قِفْ على الدِّمْنَتَينِ بِالدَّوِّ من رَيّـ … ـا كَخالٍ في وجنةٍ جنبَ خالِ
بطُلُولٍ كأنّهُنّ نُجُومٌ … في عِراصٍ كأنّهُنّ لَيَالِ
وَنُؤيٍّ كأنّهُنّ عَلَيْهِـ … ـنّ خِدامٌ خُرْسٌ بسُوقٍ خِدالِ
لا تَلُمْني فإنّني أعْشَقُ العُشّـ … ـاقِ فيها يا أعْذَلَ العُذّالِ
ما تُريدُ النّوَى منَ الحَيّةِ الذوّ … اقِ حَرَّ الفَلا وبَرْدَ الظّلالِ
فهوَ أمضَى في الرّوْعِ من مَلَكِ الموْ … تِ وأسرَى في ظُلمةٍ من خيالِ
ولحَتْفٍ في العِزّ يَدْنُو مُحِبٌّ … ولعُمْرٍ يَطُولُ في الذّلّ قالِ
نحنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ في زيّ ناسٍ … فوْقَ طَيرٍ لها شخوصُ الجِمالِ
من بَناتِ الجَديلِ تَمشي بنا في الـ … ـبيدِ مَشْيَ الأيّامِ في الآجالِ
كُلُّ هَوْجاءَ للدّياميمِ فيها … أثَرُ النّارِ في سَليطِ الذُّبَالِ
عامِداتٍ للبَدْرِ والبَحْرِ والضِّرْ … غامَةِ ابنِ المُبارَكِ المِفْضالِ
مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمانَ في الملْـ … ـكِ جَلالاً ويُوسُفاً في الجَمَالِ
ورَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ … زَهَرَ الشّكْرِ من رِياضِ المَعالي
نَفَحَتْنَا منهُ الصَّبَا بنَسيمٍ … رَدّ روحاً في مَيّتِ الآمَالِ
هَمُّ عَبدِ الرّحمنِ نَفعُ المَوالي … وبَوارُ الأعْداءِ والأمْوالِ
أكبرُ العَيبِ عندَهُ البُخلُ والطّعْـ … ـنُ عَلَيْهِ التّشْبيهُ بالرّئْبَالِ
والجِراحاتُ عِندَهُ نِعَمَاتٌ … سُبِقَتْ قَبلَ سَيْبِهِ بِسُؤالِ
ذا السّراجُ المُنِيرُ هذا النّقيُّ الـ … ـجَيْبِ هذا بَقِيّةُ الأبْدالِ
فَخُذا ماءَ رِجْلِهِ وانْضِحا في الـ … ـمُدْنِ تأمَنْ بَوائِقَ الزّلْزَالِ
وامْسَحَا ثَوْبَهُ البَقيرَ على دا … ئِكُما تُشْفَيَا مِنَ الإعْلالِ
مالِئاً مِنْ نَوالِهِ الشّرْقَ والغَرْ … بَ ومن خَوْفِهِ قُلوبَ الرّجالِ
قابِضاً كَفّهُ اليَمينَ على الدّنْـ … ـيَا ولَوْ شاءَ حازَها بالشّمالِ
نَفْسُهُ جَيْشُهُ وتَدْبيرُهُ النّصْـ … ـرُ وألحاظُهُ الظُّبَى والعَوالي
ولَهُ في جَماجِمِ المالِ ضَرْبٌ … وَقْعُهُ في جَماجِمِ الأبْطالِ
فَهُمُ لاتّقائِهِ الدّهْرَ في يَوْ … مِ نِزالٍ ولَيسَ يَوْمُ نِزالِ
رَجُلٌ طِينُهُ منَ العَنبَرِ الوَرْ … دِ وطينُ العِبادِ مِنْ صَلْصَالِ
فَبَقِيّاتُ طِينِهِ لاقَتِ المَا … ءَ فَصارَتْ عُذوبَةً في الزُّلالِ
وبَقايا وقارِهِ عافَتِ النّا … سَ فصارَتْ رَكانَةً في الجِبالِ
لَستُ ممّنْ يَغُرّهُ حُبُّكَ السِّلْـ … ـمَ وأنْ لا تَرَى شُهودَ القِتالِ
ذاكَ شيءٌ كَفاكَهُ عَيشُ شانيـ … ـكَ ذَليلاً وقِلّةُ الأشْكالِ
واغْتِفارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخطُ منْهُ … جُعِلَتْ هامُهُمْ نِعالَ النّعالِ
لجِيادٍ يَدْخُلْنَ في الحَرْبِ أعرا … ءً ويخرُجنَ مِن دَمٍ في جِلالِ
واسْتَعارَ الحَديدُ لَوْناً وألْقَى … لَوْنَهُ في ذَوائِبِ الأطْفالِ
أنتَ طَوراً أمَرُّ مِنْ ناقِعِ السّمّ … وطَوْراً أحْلى مِنَ السّلْسالِ
إنّما النّاسُ حَيثُ أنْتَ وما النّا … سُ بناسٍ في مَوْضِعٍ منكَ خالِ