حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو … كانَ حُبّي يَفنى وَناريَ تَخبو
قُلتِ لي بي أَسى فَهَل مِنكَ نُصحٌ … وَبِنَفسي داءٌ فَهَل مِنكَ طِبُّ
جِئتِ تَستَوصِفينَني في شُؤونٍ … ما بِها لي يَدٌ وَلا لَكِ ذَنبُ
قُلتِ إِن كانَ لِلشَّرائِعِ رَبٌّ … مُستَبِدُّ أَلَيسَ لِلقَلبِ رَبُّ
قُلتُ هذا بَيني وَبَينَكِ حَقٌّ … إِنَّما لِلوَرى فُروضٌ وَكُتبُ
أَلقَوانينُ سَنَّها العَقلُ في النّا … سِ فَبَينَ الضَميرِ وَالعَقلِ حَربُ
إِن بَينَ السَماءِ وَالأَرضِ حرباً … قُلتِ حَتّى يَصيرَ لِلنّاسِ قَلبُ
وَمَضَت أَشهُرٌ وَتِلكَ الأَحادي … ثُ يَدُبُّ الهَوى بِها وَيَرُبُّ
قُلتِ لي مَرَّةً أَتَفهَمُ قَلبي … قُلتُ يا سِتِّ قلتِ لَيلى أَحَبُّ
قُلتُ يا لَيلَ كَم خَبِرتُ قُلوباً … فَبِنَفسي مِن ذلِكَ الخُبرِ حَسبُ
غَيرَ أَنّي أَرى بِعَينَيكِ ما لَم … تَرَهُ مُقلَةٌ وَيَلمِسهُ لبُّ
أَتَكونينَ ذلكَ المَلَكَ البا … قي وَلَو جاءَ مِن جَهَنَّمَ خَطبُ
أَتَكونينَ فيهِ ما لَم تَكُن أُن … ثى وَما لَم يَكُن مِن الناسِ حُبُّ
فَتَأَمَّلتِ بي وَقُلتِ وَماضي … كَ أَلَم تَبقَ مِنهُ نارٌ تُشَبُّ
فَأَفاعي الفِردَوسِ ما زِلنَ حَيّا … تٍ وَما زالَ سُمُّهُنَ يَدُبُّ
قُلتُ يا لَيلَ قُلتِ بَعدَ الأَفاعي … جاءَ شِعرٌ مُرَطَّبُ الحُبِّ عَذبُ
صاحِ في عَينَيكَ صَدّاحُ الأَماني … وَعَلى ثَغرِكَ حُبّي وَحَناني
ما عَلى الدُنيا إِذا عَنَّت بِنا … لَيسَ في الدُنيا سِوانا شاعِرانِ
فَاِعصُري قَلبَكِ في خَمرِ دَمي … وَاِجعَلي الأَيّامَ في الكَأسِ ثَواني
وَاِرشِفي مِرشَفي … وَاِهتُفي نَحنُ في
كانَ في قَلبي مِنَ الحُبِّ بَقايا … توقظ الماضِيَ وَالماضي خَطايا
حينَ أَشرَفتِ عَلى قَلبي اِمَّحَت … غَسَلَت روحُكِ بُؤسي وَشَقايا
وَنَما حُبٌّ جَديدٌ في دَمي … ما نَما أُختَ روحي في سوايا
ما اِرتَوى بي جَوى … وَالهَوى ما رَوى
جُنَّتِ الدُنيا كَما نَهوى فَجُنّي … إِنَّما الدُنيا هَوىً مِنكِ وَمِنّي
أَنزَلَت عَيناكِ في صَحرائِها … مِن سَماءِ الحُبِّ سَلوايَ وَمَنّي
هيَ كَنّارَةُ فَتحِ في يَدي … طارَ عَن أَوتارِها الشَكُّ فَغَنّي
فَالغِنا خَمرُنا … وَالمُنى مِلؤُنا
سَوفَ نَغدو في الوَرى أُسطورَةً … يَنقُلُ الناسُ الهَوى عَنكِ وَعَنّي
إِنَّ أُنثى غَنَّيتَها مِثلَ هذا ال … شِعرِ نِسيانُها ولَو شِئتَ صَعبُ
مَن تُراها تَكون أَيَّة أَرضٍ … كانَ فيها زَرعٌ كَهذا وَخِصبُ
رَأَيتُكِ في قَلبي فَحُلمي مُنَوَّرُ … وَصُبحيَ مِشراقٌ وَلَيليَ مُقمِرُ
تَرَكتُ أَباطيلَ التَقاليدِ لِلوَرى … فَإِن كُنتُ في إِثمٍ فَعَيناكِ مَطهَرُ
أُحُبُّكِ لا أَدري لِماذا أُحِبُّها … كَفانيَ إيماني بِأَنِّيَ أَشعُرُ
وَأَهوى الَّذي تَهوينَ حَتّى كَأَنَّني … بِقَلبِكِ أَستَهدي وَعَينَيكِ أَنظُرُ
أُحِبُّكِ في قَلبي كَما ثارَ جائِعٌ … وَهَجَّرَ مُشتاقٌ وَصَلّى مُفَكِّرُ
وَحَقِّ هَوى غَلوا أُحَسُّكِ في دَمي … وَأُقسِمُ ما في غَلَ حُبٌّ مدمَّرُ
جَرَت في دَمي وَحياً وَتَجرينَ في دَمي … وَلكِنَّ لَونَ الحُبِّ قَد يَتَغَيَّرُ
أُحِبُّكِ وَالدُنيا سَحابٌ مُغَرِّرٌ … سَرابٌ وَقَبضُ الريحِ حُلمٌ مُكَسَّرُ
جَعَلنا خَيالَ الحُبِّ فيها حَقيقَةً … فَنَحنُ عَلى وَهمِ المُحِبّينَ جَوهَرُ
أُحِبُّكِ وَالدُنيا تَغيمُ بِناظِري … غِشاءٌ عَلى عَينِ الشَبابِ مُحَيَّرُ
أَرى الناسَ مِن حَولي شُخوصاً غَريبَةً … وَكُلُّ غَريبٍ حينَ تَأتينَ يَحضُرُ
أُحِبُّكِ وَالدُنيا طَنين بِمَسمَعي … كَأَنّي بِالدُنيا حَديثٌ مَغَوَّرُ
تَهَوِّلُ لي فيها طُيوفٌ كَبيرٌ … وَكُلُّ كَبيرٍ حينَ أَلقاكَ يَصغُرُ
أُحِبُّك ما أَشهى صَداها بِمَسمَعي … سَماعٌ لِأَحلامي العِذابِ مصَوَّرُ
تَغَلغَلَ في مَهدي لِأُمّيَ مِن أَبي … وَباقٍ عَلى قَلبي إِلى حينَ أُقبَرُ
مَن تُراها تَكونُ طوبى لِحُبٍّ … كانَ فيهِ لِمِثلِ شِعرِك سَكبُ
أَيُّ حُسنٍ أَوحاهُ أَيةُ أُنثى … بي عَذابٌ مِنها كِشِعرِكَ رَحبُ
تَقرِّبُني نَفسي فَتُبعِدُني غَلوا … وَيَدفَعُني حُبّي فَتَردَعني التَقوى
أَغالِبُ قَلبي في هَواك فَلا يَني … وَأُوشكُ أَن أَقسو عَلَيهِ فَلا أَقوى
وَأَشعُرُ في نَفسي بِضَعفٍ أُحِبُّهُ … فَأُلوي بِهِ عَمّا يُقالُ وَما يُروى
كَأَنِّيَ أَخشى أَن أُطاوِعَ لائِمي … فَأَسمَعُ تَبكيتاً وَلا أَفهَمُ الفَحوى
أُحِبُّكِ لا أَرجو نَعيماً يُصيبُني … وَأَبذُلُ مِن قَلبي وَلا أَبتَغي جَدوى
وَقَد كُنتُ أَهوى فيكِ حُسناً أَنا لَهُ … فَأَصبَحتُ أَهوى فيكِ فَوقَ الَّذي أَهوى
أَراكِ عَلى جَفني أُحسُّكِ في دَمي … وَأَنشَقُ في روحي شَذا روحِكِ الحُلوا
مَزَجتُكِ بي كَالخَمرِ تُمزَجُ بِالنَدى … فَمِنكِ بِجِسمي كُلُّ جارِحَةٍ نَشوى
غَير أَنّي أَرى بِسائِرِ ما قُل … تَ هَوىً فيهِ لِلشَّقاءِ مَهبُّ
أَلغَرامُ الَّذي أَطالَ شُجوني … حار قَلبي بِهِ وَحارَت عُيوني
لا أُطيقُ الغَرامَ في أَلفِ وَجهٍ … فَاِذهَبي ما عَرَفتُهُ يَكفيني
وَاِطرُحيني مِن مُقلَتَيكِ وَخَلّيني … تَعالَي في مُقلَتَيكِ ضَعيني
أَنا في مُقلَتَيكِ أَسعَدُ أَشقى … فيهِما فَاِذهَبي وَلا تَشقيني
أَنا أَهوى الشَقاءَ لا لَست أَهوا … هُ تَعالَي إِلَيَّ لا بَل دَعيني
مَن تَكونينَ أَنتِ أَجهَلُ بَل أَع … رِفُ فَاِمضي عَنّي وَمَن شِئتِ كوني
أَنتِ حُبٌّ في مُهجَتي فَتَعالَي … أَنتِ هزءٌ في ناظِري فَاِترُكيني
أَنتِ نورٌ في خاطِري وَظَلامٌ … في خَيالي وَريبَةٌ في جَبيني
وَسُوَيداءُ في دَمي … وَهُمومٌ عَلى فَمي
أَنتِ عرسٌ في مَأتَمي … بَسمَةٌ في جَهَنَّمي
آهِ عَيناكِ كَيفَ أُنكِرُ عَينَي … كِ وَقَلبي عَلَيهِما وَفُتوني
حينَ تَغرَورِقانِ بِالحُبِّ يَطفو … مِن حَناني عَلَيهِما وَحَنيني
أَنتِ في خاطِري وَروحي نَشيدٌ … زائِلٌ فَاِهدُميهِ أَو فَاِهدُميني
وَدَعيني أَعُد إِلى يَقظَةِ الماض … ي فَأَحيا في ذِكرَياتِ جُنوني
آهِ مِن مُقلَتَيكِ لَم يَبقَ إِلّا … وَهَجٌ في يَراعَتي يُغريني
غَرَقٌ في شَواعِري وَذُهولٌ … في ضَميري وَرِعشَةٌ في جُفوني
قُلتُ يا لَيلَ قُلتِ شِعرُكَ فيها … حَيَّرَتني فيهِ مَآسٍ تُغِبُّ
أَرجيمٌ أَتى بِوَجهِ مَلاكٍ … أَم غَزالٌ في قَلبِهِ حَلَّ ذِئبُ
مَرَّ عَلى قَلبي المُعَنّى … مَرَّ عَصوف عَلى أَخيه
أَيَعرِفُ القَلبَ كَيفَ جُنّا … وَكَيفَ جُنَّ الغَرامُ فيه
دَعني فَقَد صارَ نَحنُ كُنّا … وَحَلَّ ما كُنتُ أَتَّقيه
هَوىً تَسَرّى قَلبي وَحَلّا … عَلى خَطيف
جاءَ مَعَ الصَيفِ ثُمَّ وَلّى … مَعَ الخَريف
كَما يَجيءُ الهَوى عَنيفاً … يَمضي عَنيف
وَليمَةٌ مَدَّها الغَرامُ … وَسادَها الزَهوُ وَالمَرَح
ما كادَ يَصفو بِها المُدامُ … حَتّى بَدا الشَكُّ في القَدَح
وَمُذ جَلا عَنّيَ الغَمامُ … رَأَيتُ في قَعرِهِ شَبَح
سَكَبتُ فيكِ الهَوى أَغاني … وَالقَلبَ راح
فَأَيُّ شادٍ عَلى حَناني … سَطا وَطاح
وَأَيُّ مِسخٍ أَحالَ شِعري … إِلى نُباح
حَلَفتُ بِاِسمِ الهَوى وَبِاِسمِك … فَبِاِسمِ مَن كُنتِ تَحلِفين
وَحَقِّ قَلبي وَحَقِّ سَهمِك … أَخشى عَلى الخُبثِ أَن يَبين
أَن يَأكُلَ البُؤسُ جِسمِك … وَتُبذَلَ النَفسُ وَالجَبين
أَيَحجُبُ الخامِلونَ عَنّي … ما تَبدِعين
لَقَّنتُ في مُقلَتَيكِ فَنّي … لِلعاشِقين
وَأَنتِ عِشقي فَلِم أَغنّي … وَتَصمُتين
قُلتُ يا لَيلَ إِنَّ حُكمَتِ ظالِم … فَاِرحَميها فَالحُبُّ كَاللَهِ راحِم
لَم تَجيئني بِدون قَلبٍ بَريءٍ … إِنَّما أَلسُنُ الوُشاةِ أَراقِم
قُلتِ في مُقلَتَيكِ مِنها خَيالٌ … فَهَواها ما ماتَ بَل هُو نائِم
لَيتَني جِئتُ قَبلَها قُلتُ لَو جِئ … تِ لِأَلفَيتِ في تُرابي جَماجِم
كانَ قَلبي يا لَيلَ يدفُنُ ماضي … هِ فَلَم تَبتَلي بِتِلكَ المَآتِم
كانَ روحي إِذ أَقبَلَت يَتَنَزّى ال … حِقدُ فيهِ وَكانَ حُبِّيَ ناقِم
فَالأَفاعي لَم تُبقِ إِلّا سُموماً … في جَناني وَفي ضَمري سَمائِم
كانَ في صَوتِها ذَرورٌ مِن السِح … رِ وَهذا الذَرورُ كانَ مراهِم
فَتَلاشى حُلقومُها في لَظى نَف … سي يلاشي فَحيحَ تِلكَ الحَلاقِم
حُبُّها كانَ مطهراً لِعَذابي … قُمتُ مِنهُ إِلى نَعيمٍ قائِم
فَعَلى مُقلَتَيكِ سِحرٌ غَريبٌ … فيهِ مِن بَهجَةِ السَماءِ مَباسِم
وَنَقاءٌ عَلى جَبينِكِ يا لَي … لى كَأَنَّ المَلاكَ ما زالَ حائِم
لي إِلى اللَهِ في حَنانِكِ مِرقا … ةٌ وَفي صَوتِكِ الشَجِيِّ سَلالِم
أَنا يا لَيلَ أَسعَدَ الناسِ حُبّاً … مِلءُ عَيني نورٌ وَقَلبي وَلائِم
سَوفَ تُمحى رُؤىً وَتَنهارُ أَحلا … مٌ وَتَبلى مُنىً وَحُبّيَ دائِم