أُلقي في حبّكَ القناعُ … وصارَ كالرؤية ِ السّماعُ
وشاعَ من سرّنا الذي ما … كنّا نرى أنهُ يُشاعُ
وقد خلعنا فلا رقيبٌ … نَخْشَى ولا عاذلٌ يُطاعُ
صَارَتْ مناجاتُنا شِفاهاً … وانقضَتِ الرّسْلُ والرقاعُ
وأسرعَتْ سَلْوتي وداعاً … فحبّذا ذلكَ الودَاعَ
يا ذا الذي بِعْتُهُ فؤاداً … ما كانَ لولا الهوى يُبَاعُ
وصلُلتَ لي مُذْ وصلتَ فرداً … وإنّما هجرُكَ المشاعُ
وكلّما زادَ فيك عقدٌ … من كَلَفٍ زادَ فيَّ اتّبَاعُ
ما إنْ رأينا سِواكَ ظَبياَ … تَفْرَقُ من لحظِهِ السّباعُ
طَبيٌ تراعُ القلوبُ منه … والظّبيُ من ظلّهِ يُراعُ
وجنة ٌ مِلؤُهَا غرامٌ … ومقلة ٌ ملؤُها خِدَاعُ
مَتَاعُ لحظٍ لمستشفٍّ … لهُ بما حملَ اضطلاعُ
طَالِعْ أخي وَجْهَهُ تُطالِعْ … بدراً لَهُ في الدّجا اطّلاعُ
إنْ لم تصدّقْ فهاتِ تَابعْ … وانظرْ لِمَنْ يحصُلُ التّباعُ
وبعدَ ذا فالمضيعُ منّا … يومُ سرورٍ هو المُضَاعُ
فَقُمْ لِينَفْتَضَّها عَرُوساً … تُباعُ في مَهْرِها الضّياعُ
نارٌ بَدَتْ في إناءِ نورٍ … لها وما شَعشعتْ شُعاعُ
إِنْ صُدِعِ الرأسُ من شَرابٍ … فهي يُداوَى بها الصُّداعُ
قد نَظَمَتْ سِمْطَهَا الرّوابي … وقشّرَتْ شَعرَها البِقَاعُ
فالزَّهر في الأَرَضِ لِي بَسْطٌ … والغيمُ في الجوِّ لي شراعُ
أُنْظُرْ إلى منظرٍ تولتْ … صَنِيعة ُ مُزنة ٌ صنَاعُ
للنَّبتِ تحتَ الدّجَا اضطجاعٌ … وللنَّدى فوقَهُ اضطِجَاعُ
طابتْ لَنَا قَاربٌ فطابتْ … وهادُهَا الخضرُ والتّلاعُ
واستبشَرَتْ تلكمُ المغَانِي … واستضحَكَتْ تلكُمْ الرّباعُ
تَروى القلوبُ العطاشُ منه … وتشبَعُ الأَعينُ الجِيَاعُ
وذاكَ بستانُها الذي ما … للطَّرفِ عن أمرهِ امتناعُ
حديثُ أَطيَارِهِ صياحٌ … ولعْبُ أشجارِهِ صِرَاعُ
وصوتُ دُولابها سَمَاعٌ … لنا إذا فَاتنَا السّماعُ
يا جنَّة ً وسعتْ فَما إنْ … لجنّة ٍ عندَهَا اتّساعُ
لا أزمَعَ الغيثُ عنكِ بيناً … ولا دَرَى الغيثُ ما الزمَاعُ
بل جادَ بالريّ فيكِ جوداً … تَروى بهِ قارة ٌ وَقَاعُ
جودٌ على أخي المعالي … فجودُهُ في النّدى طِباعُ
السيّدُ الأيّدُ الذي عن … سؤددِهِ ينجلي القِراعُ
الأسد المستفيضُ الأُ … سودَ في عَيْنِهِ ضباعُ
للفَهم في لحظِهِ اتّقَادٌ … لِلعلْمِ في لفظِهِ التمّاعُ
مماصعٌ في العلى مُصَاعاً … يضيقُ ذرعاً بهِ المصاعُ
مُدافعٌ دونها دفَاعاً … يقرعُ سنّاً له الدّفَاعُ
ضليعُ عزمٍ ضليعُ حزمٍ … يا بأبي مجدُهُ اليفَاعُ
حُكْمُ النَّدى في هواه مَاضٍ … وأمرُه عندَه مُطاعُ
ذُو عزمة ٍ ما لها ارتدَادٌ … دونَ مَدَاهاولا ارتجاعُ
فما أضاعت فليسَ يُحمى … وَمَا حَمَتْه فما يُصاعُ
يفديهِ من فِعلهُ بطيءٌ … جدّاً وأقوالُهُ سِراعُ
دينارهْ في السّماحِ فلسٌ … وَكَرّهُ في النّجارِ صَاعُ
ياسيداً سؤدداً أصيلاً … لا سؤدداً أََصْلهُ ابتدَاعُ
غُبِطْتَ ما عشتَ في سجاعٍ … وعاشَ في غبطة ٍ سجاعُ
وزادَ نجما كما ارتفاعاً … فما امترى ماثلٌ سجاعٌ
فأَنتما لا عَدَا اقترابٌ … شَمْلَكُمَا لا ولا اجتماعُ
العينُ والحاجِبُ اقتراباً … في الوصلِ والعضدُ والذّراعُ
إِنْ يَكُ قلبٌ رضيعَ قَلبٍ … فبينَ قلبيكما رضاعُ
عليَّ كلُّ ارتفاعِ عزٍّ … لهُ لدى عِزّكَ اتّضاعُ
… ما لم يكنْ قَطّ يُسْتَطَاعُ
فما امترى مائِلٌ سجاعٌ … في أَنّه القائِلُ السّجاعُ
أحرَزتَ منهُ ركيبَ فكرٍ … تضمَّنتْ وكره القِلاعُ
إن تصطَنِعْهُ على اختيارٍ … منك فما ضاعَ الإصطناعُ
أو يكْسُ في ظنّكَ انتفاعاً … فقد زَكا ذاكَ الانتِفَاعُ
هاهو مُصْغٍ إليك سمعاً … لهُ إلى أَمرِكَ استماعُ
مُدَّرِعٌ منكَ درعَ فخرٍ … فليهنهُ ذاكَ الادَّراعُ
فاصْدَعْ بهِ قلبَ كلّ لاحٍ … بقلبِهِ منكما انصِدَاعُ
فأنتَ طَودُ العلا الذي قد … رَسَا فما إنْ لهُ انقلاعُ
كم ذي نزاعٍ إلى محلٍّ … حَلَلْتَهُ خَانَهُ النزاعُ
فما يساويه فيهِ إلاَّ … إذا استوى الرأس والكراعُ
وقولُنا غيرَ ذا جُنونٌ … إن تجنِ قلناه أو صداعُ
عش سالماً لاختراعِ مجدٍ … فإنَّه نِعمَ الاختراعُ
جودُك ما إن لهُ انقطاعُ … ومدحُنا ما لهُ انقِطَاعُ