أوميض برق بالأبيرق لاحا … يستل عن غمد السحاب صفاحا
أم نار أعلام الحجاز بدت لنا … أم في ربا نجد أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامرية أسفرت … عن وجهها ففشا الجمال وباحا
أم تلك أنوار العذيب تشعشعت … ليلا فصيرت المساء صباحا
يا راكب الوجناء وقيت الردى … قف بالمحصب واندب الملتاحا
واسأل فديتك عن فؤاد متيم … إن جئت حزنا أو طويت بطاحا
وسلكت نعمان الأراك فعج إلى … تلك الخيام ترى بهن فلاحا
وأنخ بتلعات العقيق فإنه … واد هناك عهدته فياحا
وبأيمن العلمين من شرقيه … كم معهد قلبي إليه تلاحى
بلغت رشدك إن طلعت طويلعا … عرج وأم أرينه الفواحا
وإذا وصلت إلى ثنيات اللوى … وقصدت نحو المأزمين رواحا
فاذكر عهودي إن قدمت على الحمى … فانشد فؤاد بالأبيطح طاحا
واقرا السلام عريبه عني وقل … لهمو أصرتم باللقاء شحاحا
أنتم كرام وهو صب وامق … غادرته لجنابكم ملتاحا
يا ساكني نجد أما من رحمة … صبري عليكم والتجلد راحا
ما ضركم لو تسمحون بنظرة … لأسير إلف لا يريد سراحا
هلا بعثتم للمشوق تحية … تهدي إليه مع النسيم صباحا
فهو الذي طويت إليكم روحه … في طي صافية الرياح رواحا
يحيى بها من كان يحسب هجركم … يردي الجسوم ويترك الأرواحا
يطن نأيكمو إذا لذتم به … مزحا ويعتقد المزاح مزاحا
يا عاذل المشتاق جهلا بالذي … سواك دعني واترك الإلحاحا
فأنا الذي من يختبرني في الهوى … يلقى مليا لا بلغت نجاحا
أتعبت نفسك في نصيحة من يرى … ترك الهوى ذنبا وليس مباحا
لم تدر أنت فشأن كل متيم … أن لا يرى الإقبال والإفلاحا
أقصر عدمتك واطرح من أثخنت … مقل الظباء فؤاده فتلاحى
إن رام ينظر ثانيا جرحته في … أحشاءه النجل العيون جراحا
كنت الصديق قبيل نصحك مغرما … والآن قلبك بالعداوة باحا
هب أنت لي ياذا الملامة ناصح … أرأيت صبا يألف النصاحا
إن رمت إصلاحي فإني لم أرد … ما رمته لي بالملام كفاحا
فتشت قبلك في الزمان فلم أجد … لفساد قلبي في الهوى إصلاحا
ماذا يريد العاذلون بعذل من … لا يستطيع يرى الفلاح فلاحا
ألف التهتك والهيام وفي الورى … لبس الخلاعة واستراح وراحا
يا أهل ودي هل لراجي وصلكم … نيل فعندكم عهدت سماحا
إن المشوق إذا شجاه لنحوكم … طمع فينعم باله استرواحا
مذ غبتمو عن ناظري لي أنه … من هولها صبري استقل وراحا
وجفون عين كلما نوت البكا … ملأت نواحي أرض مصر نواحا
وإذا ذكرتكمو أميل كأنني … غصن يقابل في الرياض رياحا
أو شارب ثمل القوام لأنني … من طيب ذكركمو شربت الراحا
وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم … لا أستطيع وأنثني ملتاحا
لما طلبت الصبر عنكم في الهوى … ألفيت أحشائي بذاك شحاحا
سقيا لأيام مضت مع جيرة الجرعاء … حيث بهم لقيت نجاحا
لم ندر ما برح البعاد وإنما … كانت ليالينا بهم أفراحا واها على ذاك الزمان وطيبه نهوى الطلا فنواصل الأقداحا
حيث السرور بنا ألم معاودا … ايام كنت من اللغوب مراحا
حيث الحمى وطني وسكان الغضا … لي جيرة عنهم تركت براحا
حيث العتيق منازلي وتلاعه … سكني ووردي الماء فيه مباحا
وأهلية أربي وظل نخيله … يا صاح منتزهي مسا وصباحا
ببروقه وجدي وفي نسماته … طربي ورملة وادييه مراحا
قسما بمكة والمقام ومن أتى … تلك الأماكن في الحجيج وراحا
وسعى وطاف وجاء ملتمسا إلى البيت … الحرام ملبيا سياحا
ما رنحت ريح الصبا شيح الربا … غلا وقلبي بالحجاز تلاحى
أو شمت بارقة لمن قتل الهوى … إلا وأهدت منكمو أرواحا