أتَصْرِفُ عَنْ لَيْلى بِنا أمْ تَزُورُها، … وَمَا صُرْمُ لَيلى بَعدَما ماتَ زِيرُهَا
فإنْ يَكُ وَارَاهُ التّرَابُ، فَرُبّمَا … تَجَرّعَ مِنّي غُصّةً لا يُحِيرُها
ألا لِيَلُمْ مَنْ ضَنّ بِالمَالِ نَفْسَهُ، … إذا ضِبْرِمٌ بَانَتْ بلَيْلٍ خُدُورُها
ألا رُبّما إنْ حَالَ لُقْمَانُ دُونَها … تَرَبّعَ بَينَ الأرْوَتَينِ أمِيرُهَا
مُقَابَلَةَ الثّايَاتِ ثايات ضَابِىءٍ … مَرَاتِعَ مِنْهَا لا تُعَدّ شُهُورُها
بِصَحْرَاءَ مِكْمَاءٍ تَرُدّ جُناتُها … إلَيها الجَنى في ثَوْبِ مَنْ يَستَثِيرُها
إذا هي حَلّتْ في خُزَاعَةَ وَانْتَوَتْ … بها نِيّةٌ زَوْرَاءُ عَمّنْ يَزُورُها
فَرُبّ رَبِيعٍ بِالبَلالِيقِ قَدْ رَعَتْ … بمُسْتَنّ أغْياثٍ بُعَاقٍ ذُكُورُها
تَحَدّرَ قَبْلَ النّجْمِ مِمّا أمَامَهُ … من الدّلوِ وَالأشرَاطِ يجرِي غَديرُها
وَرَحْلٍ حَمَلنا خَلفَ رَحلٍ وَناقَةٍ … تَرَكْنَا بعَطْشَى لا يُزَجّى حَسيرُها
تَرَكْنَا عَلَيها الذّئْبَ يَلْطُمُ عَينَهُ … نهَاراً، بِزَوْرَاءِ الفلاةِ، نُسُورُها
وَلمّا بَلَغْنَا الجَهْدَ مِنْ مَاجِداتها، … وَبَيّنَ مِنْ أنْسَابهِنّ شَجِيرُها
تَجَرّدَ مِنها كُلُّ صَهْبَاءَ حُرّةٍ … لِعَوْهَجَ أوْ للدّاعِرِيّ عَصِيرُها
مَشَى، بَعدَما لا مُخّ فِيهَا بِآدِها … نَجابَةُ جَدّيْها بهَا،، وَضَرِيرُها
يَرُدّ على خَيْشومِها مِنْ ضَجَاجِها … لها بَعدَ جَذْبٍ بالخَشاشِ جَرِيرُها
وَمَحْذُوّةٍ بَينَ الحِذَاءِ الّذِي لهَا، … وَبَينَ الحَصَى، نَعْلاً مُرِشّاً بَصِيرُها
طَوَتْ رِحمَها مِنهُنّ كُلُّ نَجيبَةٍ … منَ المَاءِ وَالتَفّتْ عَليهِ سُتُورُها
أتَيْنَاكَ مِنْ أرْضٍ تَمُوتُ رِياحُها … وَبالصّيْفِ لا يُلفى دَليلٌ يطورُها
منَ الرّمْلِ رَملِ الحَوْشِ يَهلِكُ دونه … رَوَاحُ شَمالٍ نَيرَجٍ وَبُكورُها
قَضَتْ ناقَتي ما كنتُ كَلّفت نحبَهَا … مِنَ الهَمّ والحاجِ البَعيدِ نَعُورُها
إذا هيَ أدّتْني إلى حَيْثُ تَلْتَقي … طَوَالِبُ حَاجاتٍ، بَعِيدٍ مَسِيرُها
إلى المُصْطَفَى بَعدَ الوَليّ الذي لَهُ … على النّاسِ نُعمَى يملأُ الأرْضَ نورُها
وَكمْ من صَعُودٍ دونَها قَدْ مَشيتُها … وَهابِطَةٍ أُخْرَى يُقَادُ بَعِيرُها
وَما أمَرَتْني النّفْسُ في رِحْلَةٍ لهَا، … فَيَأمُرَني إلاّ إلَيْكَ ضَمِيرُها
وَلمْ تَدْنُ حَتى قُلْتُ للرَّكبِ: إنّكُم … لآتونَ عَينَ الشّمسِ حيثُ تَغُورُها
فَلَمّا بَلَغْنَا أرْجَعَ الله رِحْلَتي، … وَشُقّتْ لَنَا كَفٌّ تَفيضُ بحُورُها
نَزَلْنَا بِأيّوبٍ، ولمْ نَرَ مِثْلَهُ، … إذا الأرْضُ بالناسِ اقشعرّتْ ظهورُها
أشدَّ قُوى حَبْلٍ لمَنْ يَسْتَجِيرُهُ، … وَأطْوَلَ، إذْ شَرُّ الحِبَالِ قَصِيرُها
جَعَلْتَ لَنا للعَدْلِ بَعدكَ ضَامِناً، … إذا أُمّةٌ لمْ يُعْطِ عَدْلاً أمِيرُها
أقَمتَ بهِ الأعناقَ بَعدَكَ فانتَهَتْ … إلَيْكَ بِأيْدي المُسلِمِينَ مُشِيرُها
دَعَوْتَ لَهُمْ أنْ يجعَلَ الله خَيرَهم … وَأنْتَ بدَعْوَى بالصّوَابِ جَدِيرُها
أرَادَ بهِ الباغونَ كَيْداً، فكادَهُمْ … بهِ رَبُّ بَرّاتِ النّفُوسِ خَبِيرُها
ولَوْ كايَدَ العَهْدَ الّذي في رِقَابِهِمْ … لَهُ أخْشَبا جَنْبَيْ مِنىً وَثَبِيرُها
لِيَنْقُضْنَ تَوْكيدَ العُهُودِ التي لَهُ … لأمسَتْ ذُرَاها وَهيَ دُكٌّ وَعُورُها
وَقَوْمٍ أحاطَتْ لَوْ تُرِيدُ دِماءهُمْ … بِأعْنَاقهِمْ أعْمَالُهُمْ لَوْ تُثيرُها
عَلَيْهِمْ رَأوْا مَا يَتّقُونَ من الذي … غَلتْ قِدرُهمْ إذ ذابَ عنها صُيورُها
تجاوَزْتَ عَنهُم فَضْل حلمٍ كما عَفا، … بمُسكِنَ وَالهنديُّ تَعْلُو ذُكورُها
أبُوكَ جُنُوداً بَعدَما مَرّ مُصْعَبٌ، … تَفَلّذَ عَنْهُ، وَهْوَ يَدْعو، كَثيرُها
فَأنْتَ أحَقُّ النّاسِ بالعَدلِ وَالتُّقى … وَأنتَ ثَرَى الأرْضِ الحَيا وَطَهورُها
فَأصْبَحْتُمَا فِينَا كَداودَ وَابنِهِ، … على سُنّةٍ يُهْدَى بها مَنْ يَسِيرُها