يَشُوقُكَ تَوخِيدُ الجِمَالِ القَنَاعِسِ … بأمثالِ غِزْلاَن الصّرِيمِ الكوانِسِ
بِبِيضٍ، أضَاءَتْ في الخُدُورِ كأنّها … نجُومُ دُجًى جَلّتْ سَوَادَ الحَنَادِسِ
صَدَدْنَ بصَحرَاءِ الأرِيكِ، وَرُبّما … وَصَلْنَ بأحْنَاءِ الدَّخُولِ فَرَاكِسِ
ظِبَاءٌ ثَنَاهَا الشَّيْبُ وَحشاً، وَقد تُرَى … لرَيْعِ الشّبابِ، وَهْيَ جِدُّ أوَانِسِ
إذا هِجْنَ وَسْوَاسَ الحُليّ تَوَلّعَتْ … بِنَا أرْيحِيّاتُ الجَوَى والوَساوِسِ
وَمِنْهُنَّ مَشغُولٌ بهِ الطّرْفُ هارِبٌ … بعَيْنَيْهِ مِنْ لحظِ المُحِبّ المُخَالِسِ
يُخَبِّرُ عَنْ غُصْنٍ مِنَ البَانِ مائدٍ، … إذا اهتَزّ في ضَرْبٍ من الدَّلّ مائسِ
عَذيريَ مِنْ رَجْعِ الهُمُومِ الهَوَاجِسِ، … وَمِنْ مَنْزِلٍ للعَامِرِيّةِ دارِسِ
وَلَوْعَةِ مُشَتَاقٍ تَبِيتُ كأنّها … إذا اضْطَرَمَتْ في الصّدْرِ شُعلةُ قابسِ
لِيَهْنىءْ بَنِي يزداد أنّ أكُفّهُمْ … خَلائِفُ أنْوَاءِ السّحابِ الرّوَاجِسِ
ذَوُو الحَسَبِ الزّاكِي المُنِيفِ عُلُوُّهُ … على النّاسِ والبَيتِ القَدِيمِ القُدَامِسِ
إذا رَكِبُوا زَادُوا المَوَاكِبَ بَهجَةً، … وإنْ جَلَسُوا كانُوا بُدورَ المَجالسِ
بَنو الأبحُرِ المَسجُورَةِ الفَيضِ والظُّبَى الـ … ـقَواضِبِ عُتْقاً، والأُسُودِ العَنَابِسِ
لَهُمْ مُنْتَمًى في هَاشِمٍ بوَلائِهِمْ، … يُوَازِي عُلاهُمْ في أرُومَةِ فارِسِ
وأقْلاَمُ كُتّابٍ، إذا ما نَصَصْتَها … إلى نَسَبٍ، كانَتْ رِمَاحَ فَوَارِسِ
يَرَوْنَ لعَبْدِ الله فَضْلَ مَهَابَةٍ، … تُطأطىءُ لحظَ الأبْلَخِ المُتَشَاوِسِ
لَنِعْمَ ذُرَى الآمَالِ يَتْبَعْنَ ظِلّهُ، … وَوِرْدُ مَحَلاّةِ الظّنُونِ الخَوَامِسِ
مُلُوكٌ وسَادَاتٌ عِظَامٌ جُدودُهُمْ … وأَخْوَالُهُ من أَمْجدِين أَشَاوِسِ
بِهِمْ تُجْتَلَى الطَّخْيَاءُ عن كل حِنْدِسٍ … وَأوْجُهُمْ مِثْلُ الْبُدورِ القَوَابِسِ
تُرَدُّ شَذَاةُ الدّهْرِ مِنْهُ بمُسرِعٍ … إلى المَجْدِ لا الوَاني ولا المُتَقَاعِسِ
بأبلَجَ ضَحّاكٍ إلَيْنا بِما انْطَوَتْ، … عَلى مَنْعِهِ، كُلْحُ الوُجُوهِ العَوَابِسِ
وَمُسْتَحصَدِ التّدبيرِ، للفَيءِ جامعٍ، … وَللدّينِ مُحتاطٍ، وَللمُلْكِ حارِسِ
يُجاري أباً سَاسَ الخِلاَفَةَ دَهْرَهُ، … برأيٍ مُعَانٍ للأُمُورِ، مُمَارِسِ
وَلَيس يُلَقّى الحَزْمَ إلاّ ابنُ حازِمٍ، … وَليسَ يَسُوسُ النّاسَ إلاّ ابنُ سائِسِ
يُخَلّي الرّجالُ مَجدَكُم لا تَرُومُهُ، … وَهُمْ نَابِهُو الأخطارِ شُمُّ المَعَاطِسِ
وَلَمْ أرَ مثلَ المَجدِ ضَنّتْ بغَيرِهِ، … وَجَادتْ بهِ نَفسُ الحَسُودِ المُنافِسِ
وَلا كالعَطايا يُشرِفُ النّجمَ ما بَنَتْ، … وَهُنّ مَنَالٌ للأكُفّ اللّوامِسِ
أبَا صَالِحٍ إنّ المَحَامِدَ تَلتَقي … بساحةِ رَحبٍ، مِن فَنَائِكَ آنِسِ
بحَيْثُ الثّرَى رَطْبٌ يَرُفُّ نَبَاتُهُ … رَفيفاً، وَعَهْدُ الدّهْرِ لَيسَ بخائِسِ
تَقَيّلْتَ مِنْ أخلاقِ يَزْدادَ أنجُماً، … تَوَقَّدُ في داجٍ منَ اللّيلِ، دامسِ
وما بَرِحَتْ تُدْني نَجاحاً لآمِلٍ … مُرَجٍّ، وتَسْتَدعي رَجاءً لآيِسِ
وَكَانَ عَطاءُ الله قَبْلَكَ كاسمِهِ … لِعَافٍ ضَرِيكٍ، أوْ لأسْيانَ بائِسِ
فِداؤكَ أبْنَاءُ الخُمُولِ، إذا هُمُ … ألامُوا، وأرْبَابُ الخِلالِ الخَسائِسِ
وإنْ كُنتَ قَد أخّرْتَ ذِكْرَ مَعونتي، … وألغَيْتَ رَسمي في الرّسومِ الدّوَارِسِ