هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا … ذكراك أوطانا بها وعهودا
عاثت بهن يد الزمان فلم تجد … أعلامهن عن العفاء محيدا
إلا مواقد كالحمام جواتما … وترى بأظلاف الظباء كديدا
دمن غذيت بهن أخلاف الهوى … ولبست ريعان الشباب جديدا
وركضت طرف اللهوي في شأو الصبا … مرحا فجرت مدى النعيم بعيدا
مالي وتذكار الصبابة والصبا … ومواثقا عند الهوى وعهودا
وصباح شيب الفود لاح بمفرقي … فغدوت من فقد الصبا مفؤودا
أنا إلى الرحمن منها أنفسا … بذين من ظلم الجسود لحودا
نسيت عوالمها الكرام فنورها … تستامه أيدي الهوى تبديدا
واستوترت شبحا خلاء لم يزل … لخفي معناها الأثير ضديدا
ترد الأجاج مرنقا ولطالما … وردت بأكناف العذيب برودا
هلا استظلت دوحة القدس التي … كرعت قبيل الكون فيه …
وتذكرت عهدا بمنعرج اللوى … لا يستحيل وموثقا مشهودا
ورقت معاريج العلا لتجوز في … سمط الجلال نظامها المعهودا
ذنبي عداني عن لحاق ذوي الهوى … فغدوت عن درك الرشاد طريدا
يا مصطفى الرحمن والنور الذي … أخفى الضلال وأظهر التوحيدا
المنتقى من سر هاشم في الذرا … حيث استقر مدى الفخار صعودا
جيران بيت الله والعرب الألى … أضحوا على قنن النجوم قعودا
تخذوا السيوف تمائما لوليدهم … والحرب ظئرا والسروج مهودا
وحوى الكبير فخاره عن كابر … وتوارث الأبناء فيه جدودا
أعلقت كفي منك حبل محبتي … لا واهنا خلقا ولا مجدودا
وجعلت مدحك للإله وسيلتي … فشربت في دار النعيم خلودا
فإذا بدت هوج الخطوب عواصفا … وافيت ركنا من حماك شديدا
وإذا عدت أيدي الذنوب عواسفا … لتعيث كنت الملجأ المقصودا
الخلق يوم العرض جاهك تعتفي … تأتي على قدم الصغار رقودا
متأملين إلى الحساب ذواهلا … متهيبين الموقف الموعودا
راجين فيه لديك فضل شفاعة … ومؤملين مقامك المحمودا
لله در ركائب قطعت إلى … مغنى ثراك تهائما ونجودا
قوم أهاب بعزمهم داعي الهوى … فاستشعروا التقوى وجابوا البيدا
فإذا ظلام الليل مد جناحه … كحلوا عيونهم تسهيدا
وإذا النهار جلى الظلام وأتلعت … من ميسمها الغزالة جيدا
لبسوا الهجير وصافحوا غبر الفلا … وصلوا لصارمها بهن وقودا
وأتوا خضم الماء يزخر مزجه … فشروا بإعدام الحياة وجودا
عوجا تلح لها الرياض أعنة … والساج جسما والهناء جلودا
تفري أديم الماء وهي نواصع … منه وتترك خده أخدودا
أموا ضريحا طاب نشرا عرفه … وزكا بنور المعجزات صعيدا
جعلوا الكلام به دعاء خافتا … واستبدلوا فيه النعال خدودا
شحب الجسوم تخالهم إذا أجهشوا … بانا بأخلاف الدموع مجودا
أقسمت بالنور الذي سبحانه … أضحى لها الطور المنيف مديدا
لمحمد خير البرية كلها … ذاتا وأوسعهم سنات جودا
أعزز بمولده الكريم وخصه … من ذكرك التقديس والتمجيدا
يا ليلة تخذ الملائك يومها … والمرسلون إلى القيامة عيدا
أضحت لها أصنام مكة سجدا … ذللا على صفح الرغام همودا
وتقاول الكهان أن رئيها … أضحى لديك مقرنا مصفودا
وبيوت فارس أرمدت نيرانها … واعتض من لفح الضرام خمودا
وأتت على إيوان كسرى رجة … هدت قواعده وكان مشيدا
صلى عليك الله ما هبت الصبا … وهنا فهزت مائسا أملودا
وبكت حمام البان بين هديلها … شجوا يهيج ورجعت تغريدا