نعم يبشر بدؤها بتمام … فتح القدوم ونصرة الإقدام
ودعت محمودا وصلت مظفرا … فاقدم بطيب تحية وسلام
والبس بعزة من سعيت لنصره … تاج الجلال وحلة الإعظام
واسعد لعز الدين والدنيا معا … واسلم لنصر الله والاسلام
وعدا عليه أن يتم على الورى … بك أنعما موصولة بدوام
قربت عليك من الأعادي غاية … قد طالما بعدت على الأوهام
وسللت سيف الله طالب ثأره … من آل جالوت ونثرة حام
ورفعت أعلام الهدى في جحفل … كالليل تحت كواكب الأعلام
بسوابق رفعت شراع خوافق … كالفلك في آذي بحر طام
يسترجف الإسراج عز نفوسها … حتى تسكنهن بالإلجام
وأسود غاب ما تلذ حياتها … حتى تدير بها كئوس حمام
متنازعي مهج العداة كأنما … يتنادمون على رحيق مدام
مستقدمين إليهم بأسنة … أولى من الأرواح بالأجسام
هتكوا بها حجب الترائب فاصطلت … أحشاؤها جمر الوطيس الحامي
وقواضب نبذت إليك لتتركن … هام الأعادي للصدى والهام
سرج لدين الحق إلا أنها … كست الضلال دياجي الإظلام
برقت على الأعداء غير خوالب … في عارض للموت غير جهام
فكأنما استسقوا حياه وقد رأوا … أن الصواعق في متون غمام
حملوا قلوب الأسد نحوك فانثنوا … مستبدلين بها قلوب نعام
من كل منتهك المحارم بارز … بدم على الإسلام غير حرام
لم يعبدوا الأصنام إلا أنهم … عبدوا الغرور عبادة الأصنام
كم في برود عجاجها من مفرش … ظهر الصعيد موسد بسلام
أشمسته عفر التراب وربما … حط الرواسي من فروع شمام
وسطا الرغام بأنفه ولطالما … غادى أنوف الدين بالإرغام
رامي اللبان كأن مفحص نحره … وجنات معولة عليه دوام
هذا الثرى ريان من دمه ومن … دمع عليه بالفضاء سجام
جزرا لأيسار من البيداء لا … يستقسمون عليه بالأزلام
حتى إذا صابت بقر وانثنى … ثمر الغواية مؤذنا بصرام
ورمت أكف بالصوارم والقنا … كيما تمد إليك باستسلام
وتيقن الإسلام عودة رحمة … تبري من الأوصاب والأسقام
وتنسم الظمآن روح مشارب … يشفى بهن غليل كل أوام
نفس النجاح عليك من أقسامه … من فوز قدحك أوفر الأقسام
وهفت به خدع الظنون ولم يزل … حسد القرابة طائش الأحلام
فدنا لغرة منتواك وقد خلت … من أسدهن مرابض الآجام
ودعا السوام إلى حماك ولم تغب … إلا لتبلي دونها وتحامي
فبرى العداة لرمي ظلك أسهما … خابت وصائبها لأخيب رام
هل ينقمون سوى سجية حافظ … حق الأواصر واصل الأرحام
سهد الجفون طويل آناء السرى … عن أعين تحت السجوف نيام
أو يحسدونك رتبة فليرتقوا … فالشمس في الجو وما السماء السامي
أم أبرموا أمرا يسوؤك ذكره … فالله ناقض ذلك مكة الإبرام
فاسعد بما اختار الذي في أمره … خير القضاء وأيمن الأحكام
ولئن ونى قدر إلى أجل فلا … عدم الصواب ولا نبو حسام
ونبينا لك أسوة في رده … عن أرض مكة معلن الإحرام
فأثابه الفتح القريب وبعده … تصديق رؤياه لأول عام
والعود أحمد ما لأول ليلة … يبدو هلال الأفق بدر تمام
وكفاك من وطئت خيولك منهم … كيوان واصطلمت سنا بهرام
وجعلت سيفك ماثلا لنفوسهم … يحتثها بخواطر الأوهام
وتركت هادرهم بغير شقاشق … رهبا وغاربهم بغير سنام
وتركت فل ذئابهم وضباعهم … مترقبين لكرة الضرغام
هل ينظرون سوى تألق حاجب … للشمس يصدع ثوب كل ظلام
أو يوجس السمع النذير بمنذر … ضرم العجاج مصمم الصمصام
ملك إذا ألقى رواسي بأسه … كفلت له بزلازل الأقدام
قاد العلا بزمام كل فضيلة … واقتاده اراجي بغير زمام
فأبشر فقد نبهت نائمة المنى … ونظمت دين الله خير نظام
وقررت عينا بالذي قرت به … عين الزمان وأعين الإسلام
قمر ينير على بنان يمينه … شهب القنا وكواكب الأقلام
ورث الجدود مناقبا ومساعيا … تركت كرام الأرض غير كرام
وعلا تحلت بالسناء وتوجت … بالمكرمات مفارق الأيام
باهى به الأملاك أعلى منجب … ونماه للآمال أكرم نام
فاستن في الحسنى بأهدى مرشد … وائتم في العليا بخير إمام
فهو الجدير بأن يؤكد عقده … في حفظ عهد وسائلي وذمامي
وأنا الجدير بأن أشيد بحمده … نغمات أوتار وشدو حمامأ
وأجهز الركبان طيب ذكره … زادا إلى الإنجاد والإنهام
حتى تفوح لك الجنائب والصبا … بثنائها من معرق وشآمي
وجزءا ما آويت وحش تغربي … وفسحت روضك لارتعاء سوامي
وفعمت لي بحر الحياة مبادرا … بحياة ذابلة الكبود ظوامي
وبسطت لي وجها كسفت بنوره … كرب الجلاء وخلة الإعدام
ووجدت ظلك بعد يأس تقلبي … وطن الرجاء ومنزل الإكرام
فكأن وجهك غرة الفطر الذي … وافى بفطري بعد طول صيامي
وكأن ظلك ليلة القدر التي … كفلت بأجر تهجدي وقيامي
ولتعلم الآفاق أنك منعم … حقا وأني شاكر الإنعام