نسالمُ هذا الدهرَو هو لنا حَرْبُ … و نعتُبُو الأيامُ شيمَتُها العَتْبُ
و نَخطُبُ صُلحَ النَّائباتِو لم يزَل … لأنفسِنا من خَطْبِها أبداً خَطْبُ
تَهُمُّ بنا أفراسُها وسيوفُها … فلا هذه تَكبو ولا هذه تَنبو
و كنا نعُدُّ المَشرفِيَّة َ والقَنا … حصوناًإذا هزَّت مضاربَها الحربُ
فلما مضى المِقدارُ قلَّ غناؤها … فلم يمضِ حَدٌّ من ظُباهاو لا غَرْبُ
تبلَّدَ هذا الدهرُ فيما نرومُه … على أنَّهفيما نحاذرُه نَدْبُ
فسَيْرُ الذي يرجوه سَيْرُ مُقيَّدٍ … و سيرُ الذي يَخشى غوائلَه وَثْبُ
إذا فاجأتْنا الحادثاتُ بمصرَعٍ … فليس سِوى الجَنْبِ الكريمِ لنا جَنْبُ
فعَزِّ الأميرَ التَّغلِبيَّ ورهطَه … بمن غَرَبَتْ عنه الغَطارفَة ُ الغُلْبُ
بسيِّدَة ٍ عمَّت صَنائِعُها الوَرَى … فأعربَ عن معروفِها العُجْمُ والعُرْبُ
و مُشرِفَة ِ الأفعالِ لم يَحوِ مثلَها … إذا عُدِّدَ النِّسوانُشرقٌ ولا غَربُ
تَساوَتْ قلوبُ الناسِ في الحزنإذ ثَوَتْ … كأنَّ قلوبَ الناسِ في موتِها قَلْبُ
و كانَتْ سهولُ الأرضِ دونَ هِضابِها … فلما حَواها السَّهلُ ذَلَّ له الصَّعبُ
فإن كانَفيمن غَيَّبَ التُّرْبُتِربُها … فمريمُمن دونِ النساءِلها تِربُ
و طُوبى لماءِ المُزنِ لو أنَّ ظهرَها … لرَيِّقِه ما فاضَ رَيِّقُه السَّكبُ
و أقسِمُ لو زادَتْ على المِسكِ تُربة ٌ … لزادَ على المِسكِ الذكيِّ بها التُّربُ
فضائلُ يُنفِدنَ الثَّناءَ كأنما … ثَناءُ ذواتِ الفضلِ من حُسنِها ثَلْبُ
لقد جاورَت من قومِ يُونُسَ مَعْشراً … أحبَّت بروحٍ لا يجاورهُ كَرْبُ
فقد بردَت تلك المضاجعُ منهم … فأشرقَ ذاك النُّورُ فيها فما يخبو
فللهِ ما ضَمَّ الثَّرى من عَفافِها … و ما حَجَبتْها من طهارتِها الحُجْبُ
لَئِن كان وادي الحُصنِ رحباً لقد ثوى … بعَرصَتِه المعروفُ والنائلُ الرَّحبُ
و إن عَذُبَتْ رَيَّاهأو طابَ نَشرُه … فقد مَلَّ في بطحائها الكرَمُ العَذْبُ
عَجِبْتُ له أنّى تضمَّنَ مثلَها … و لا كِبَرٌ يَعروه ذاكو لا عُجْبُ
و لو عَلِمَتْ بطحاؤُه ما تضمَّنَت … تطاولَتِ البطحاءُ وافتخرَ الشِّعبُ
تُذالُ مصوناتُ الدموعِ إزاءَها … و تَمشي حُفاة ً حولَها الرَّجْلُ والرَّكْبُ
فلا زالَ رَطْبُ الرَّوضِ من رَيِّقِ النَّدى … كأنَّ النَّدى من فوقِه اللُّؤلؤُ الرَّطْبُ
أبا تغلِبٍ صبراًو مازلتَ صابراً … إذا زَلَّحَزمٌ ثابتٌ أو هَفا لُبُّ
فقد أعقَبَتْ منكم أُسودَ شجاعة ٍ … و كم مُعقِبٍ في الناسِ ليسَ له عُقْبُ
و أنتم جَنابُ المكرُماتِو لم يكن … لتهفو رواسيهاو إن عَظُمَ الخَطْبُ
فكلُّ حياً للجودِ أنتم سَحابُه ؛ … و كلُّ رحى ً للحربِ أنتم لها قُطبُ
و لو أنه غيرُ الحِمامِ صَببتُم … عليه سَحاباً قَطْرُهُ الطَّعنُ والضَّربُ
أرى أرضَكم أضحتْ سماءً بعزِّكم … فأنتم لها الأقمارُو الأنجمُ الشُّهبُ
تموتُ عِداكم قبلَ سَلِّ سيوفِكم … و يَفنيهِمُ من قبلِ حَربِكمُ الرُّعبُ
و كيفَ تنالُ الحربُ منكمو إنما … بأمركم تمضي العواملُ والضَّربُ
إذا أنتَ كاتبتَ العِدا مُثِّلت لها … ظُباكَفنابت عن كتائِبك الكُتْبُ
دعانا الأميرُ التغلبيُّ إلى النَّدى … فنحن له شَرْبُ النَّدىو هو الشُّربُ
نصاحبُ أياماً له عَدَوِيَّة ً … محاسنُ أيامِ الشبابِ لها صَحْبُ
هو الغيثُ نال الخافقَينِ نوالُه … إلى أن تساوَى عندَه البُعْدُ والقُرْبُ
يزورُ النَّدى زُوَّارَه متواتراً … عليهمو زُوّارُ الحَيا أبداً غِبُّ
أأعداءَه كفُّوا فإنَّ نصيبَكموليس على البحر الذي راح زاخراً ملام إذا لم … إذا رمتُمُ إدراكَ غايتِه النَّصْبُسقط بيت
و هل يستوي عذْبُ المياهِ ومِلحُها … و هل يتكافا الخِصبُ في الأرضِ والجَدبُ
فإن عَجِزَ الأقوامُ أو بانَ نقصُهم … فليس لمن بانَتْ فضيلتُه ذَنبُ
رأيتُكَ طِبّاً للقريضِو لم يكن … ليَنظِمَه إلا الخبيرُ به الطِّبُّ
و لا بدَّ أن أشكو إليك ظُلامة ً … و غارة َ مِغوارٍ سجيَّتُه الغَصْبُ
تخيَّلَ شِعري أنه قَومُ صالحٍ … هلاكاًو أن الخالديَّ له السَّقْبُ
رعَى بين أعطانٍ له ومَسارحٍ … و لم يرْعَ فيهنَّ العِشارُ ولا النُّجبُ
و كان رياضاً غضَّة ًفتكدَّرتْ … موارِدُها واصفرَّ في تُربها العُشبُ
تساقُ إلى الهُجْرِ المَعَارِفِ خَيْلهُ … وَتُسْبلهُ الغُرُّ المحجَّلة ُ القُبُّ
غُضِبْتُ على ديباجِه وعُقودِه … فديباجُه غَصبٌ وجوهرُه نَهبُ
و أبكارُها شَتَّى أذيلَ مَصونُها … و ريعَت عَذاراها كما رُوِّعَ السِّربُ
يعرِّيكُمُ من عَصبِه وبُرودِه … عصائبَ شَتَّى لا يَليقُ بها الغَصبُ
فإن رِيعَ سِربي أو تُمرِّدَ دونَه … و لم يُنجِني منه الحماية ُ والذَّبُّ
فعندي هِناءٌ للعدوِّ يُهِينُه … إذا اختلفتْ منه خلائقُه الجُربُ
فكنتُإذا ما قلتُ شِعْراً حدَت به … حُداة ُ المطايا أو تغنَّت به الشَّربُ