متى ارتجعَتْ مواهِبَها الكِرامُ … وهَلْ يَسْترجِعُ الغَيثَ الغَمامُ
أيصْعَدُ عائداً فِي السُّحْبِ قطْرٌ … تنزَّلَ في الوهادِ بهِ الرِّهامُ
أرى العلياءَ مِنْ تقصِيري أمرِي … بها خجَلٌ وبالمجدِ احتشامُ
جمالَ المُلْكِ غيرِي مِنكَ يُدهى … وغيرُكَ مِنْ تُغَيِّرُهُ اللِّئامُ
أُعيذُكَ مِنْ رِضى ً يتلُوهُ سُخطٌ … ومِنْ نُعمى يُكدِّرُها انتِقامُ
أيرجِعُ جفْوَة ً ذاكَ التَّصافِي … ويُخفَرُ ذِّمَّة ً ذاكَ الذِّمامُ
أتَبْرِينِي يدٌ راشَتْ جَناحِي … ويَحْسِمُنِي ندى ً هوَ لِي حسامُ
ويُغْرِي بِي الحِمامَ أخُو سَماحٍ … بهِ عنْ مُهْجَتِي دُفِعَ الحِمامُ
أعِرْنِي طرفَ عدْلِكَ تلْقَ عِرَاً … نقيّاً لا يُلِمُّ بهِ المَلامُ
وحَقِّقْ بالتَّأمُّلِ كَشفَ حالِي … فغَيْرِي عاشِقٌ وَبِي السِّقامُ
إذا ما افتَرّ بَرْقُكَ في سَمائِي … تجلّى الظُّلْمُ عنِّي والظَّلامُ
أتُغْرِقُني وليسَ الماءُ مِنِّي … وتحرُقُنِي ومِنْ غيري الضِّرامُ
وأوخَذُ في حِماكَ بذَنْبِ غيْرِي … فاينَ العدْلُ عنِّي والكِرامُ
وأينَ خلائقٌ ستحولُ عنْها … إذا حالَتْ عنِ السُّكرِ المُدامُ
فَلا تعدِلْ إلى الواشِينَ سمْعاً … فإنَّ كلامَ أكثرِهِمْ كِلامُ
وإنَّ الوُدَّ عِندَهُمُ نِفاقٌ … إذا طاوعْتَهُمْ والحَمْدَ ذامُ
وَلِلأقْوالِ إنْ سُمِعَتْ سِهامٌ … تُقَصِّرُ عنْ مواقِعِها السِّهامُ
فَما نُصحْاً لِمَجْدِكَ بلْ مُراداً … لِما قدْ ساءَنِي قَعدوا وقامُوا
ولوْ إذْ أقدَمُوا لاقَوْكَ دُونشي … كعهْدِكَ أحْجَمُوا عنِّي وَخامُوا
فليْتَكَ تسْمَعُ القوْلَينِ حتّى … يُبيِّنَ فِي مَنِ الحَقُّ الخِصامُ
أبعدَ تمسُّكِي بنداكَ دهراً … وحبْلُ نداكَ ليسَ لهُ انْصِرامُ
وكَوْنِي منْ دفاعِكَ في حصُونٍ … مَنِيعاتِ الذَّوائِبِ لا تُرامُ
وأَخْذِي منكَ ميثاقاً كريماً … وعهْداً ما لِعُرْوَتِهِ انفصامُ
يَنالُ مُرادَهُ مِنِّي حَسُودٌ … ويُمكِنُ عادِياً فيَّ کهْتِضامُ
أترْضى للمحامِدِ أنْ تَراها … بأرضِكَ تُستباحُِ وتستضامُ
وَتَصْبِرُ عَنْ غَرائِبِها وَصَبْرُ الـ … ـفَتى في دِينِها أبَداً حرامُ
وهَلْ يَسْلُو عَنِ الأحْبابِ يوماً … مُحِبٌّ لَيْسَ يَسْلُوهُ الغَرامُ
فلا تَدَعِ العِراقَ وأرضَ مصرٍ … تفُوزُ بها ويُحْرَمُها الشَّآمُ
فَمِنْ حَقِّ القَوافِي مِنْكَ دَفْعٌ … يَجِيشُ بمِثلِهِ الجيشُ اللُّهامُ
لقَدْ مَلَّ الرُّقادُ جُفُون عَينِي … ومَا مَلَّ الدُّمُوعَ لها انْسِجامُ
فَما يَسرِي إلى قلْبي سُرُورٌ … ولكِنْ لِلهُمومِ بِيَ اهْتِمامُ
سيرَضى الحاسِدُونَ إذا تمطَّتْ … بِيَ الوَجْناءُ واضطَّرَبَ الزمامُ
إذا جاوزْتُ غُرَّبَ أوْ غُراباً … وحالَ القاعُ دُونِي والإكامُ
فمَنْ يجْلُو عليكَ بناتِ فكْرِي … وأنتَ بهِنَّ صَبٌّ مُسْتَهامٌ
يُقيِّدُنِي بنَجْدِ الشّامِ وَجْدٌ … ويدْعُونِي إلى الغَوْرِ اعْتِزامُ
فعَنْ أمْرِ النَّوائِبِ لِي رَحِيلٌ … وفِي حُكمِ الصَّبابَة ِ لِي مُقامُ
ومَنْ يرضى منَ الدُّنيا بعيشٍ … عَلَيْهِ لجائِرٍ فِيهِ احْتِكامُ
تأمَّلْ ما أبُثُّ تَجِدِ حَقيقاً … بشمْلٍ في ذراكَ لهُ التئامُ
أيعْظُمُ أنْ تَذُودَ الخطْبَ عَنِّي … وعِنْدَكَ تَصغُرُ النُّوَبُ العِظامُ
إذا لَمْ أعْتَصِمْ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ … فهلْ في العالمِينَ ليَ اعتِصامُ
لعلَّ دُجى الحَوادِثِ أنْ تُجَلّى … ببَدْرٍ لا يُفارِقُهُ التَّمامُ
أتِيهُ على الزَّمانِ بهِ ابْتِهاجاً … وتَحْسُدُنِي الكَواكِبُ لا الأنامُ
وحسبي الله فيما أرتجيهِ … وعَضْبُ الدَّوْلَة ِ المَلِكُ الهُمامُ
لقدْ شغَلَ المحامِدَ عنْ سواهُ … أغَرُّ بمدحِهِ شرُفَ الكلامُ
جمَعْتُ صفاتِهِ جمْعَ اللآلِي … فلِي منْها الفرائِدُ والتُّؤامُ
تَدُلُّ عليهِ في الجُلّى عُلاهُ … وهلْ للبدرِ في الظُّلِمِ اكتتامُ
أنافَ على القيامِ فطالَ عنهُمْ … كأن قُعُودَهُ فِيهِمْ قِيامُ
تصوَّبَ جُودُه في كُلِّ وادٍ … كما يتَصَوَّبُ السَّيلُ الرُّكامُ
دَقِيقُ مَحاسِنَ الأخلاقِ يبدُو … أمامَ نداهُ بِشْرٌ وابتِسامُ
ومُقْتَرِحٌ عليَّ الحَمْدَ أرْضى … سلامَتَهُ اقتِراحِي والسَّلامُ