ما ردَّ سلوتهُ إلى إطربهِ … حتَّى ارعوى وحدا الصِّبا بركابه
إن كانَ ليس به الجنونُ فإنما … لعب الرقاة ُ بقلبه أو ما به
إلى ” عبيدة ” شوقه ونزاعه … إِنَّ الْمُحبَّ مُعذَّبٌ بِحِبَابِه
ما زال مذ زال الغزال منقباً … بطريفة ٍ من عينه ونقابه
رِيمٌ تَعَرَّضَ كالْبُرُودِ لِرَأيِه … فَصَبَا ووكَّلَهُ الصِّبا بِطِلاَبه
عرضت لهُ بجمالها ودلالها … عنْدَ الْمَثَاب فَحِيلَ دُون مَثَابِهِ
تغْدُو لهُ الْعَبَراتُ عنْد غُدُوِّه … وتؤوبه الزفراتُ عند إيابه
إن قيل : من حلب الصبا لفؤاده … فاذكر عبيدة ليس من جلاَّبه
شخْصٌ برُؤْيتِه مُناهُ وهَمُّهُ … وحديثهُ في جدِّه ولعابه
أنى أروم به السلو ولم أزل … بخياله أرقى وطيب ثيابه
لوْ مُتُّ ثُمَّ سَقَيْتَنِي برُضابِه … رجعت حياة ُ جنازتي برضابه
إن خطَّ قبري نائياً عن بيته … فاجعل حنوطي من دقاقِ ترابه
سَقْياً لهُ ولمُدخلٍ أُدْخلْتُهُ … يوْم الْخميس عليْه في أتْرابه
ولقدْ عجبْتُ من الْجرِيِّ يقُولُ لي … لمَّا بدا في حليه وخضابه
أَهُو الْحبيبُ بَدَا لعيْنك أمْ دَنَتْ … شمسُ النهار إليك في جلبابه
فزنا بمجلسنا فيا لك مجلساً … قَصَرَ النَّهارَ وصاحبي ازْرى به
نصل الحديث إذا أمنا عينهُ … عجباً به ونروحُ من عيَّابه
و«ربابُ» ترْمُقُ منْ ألمَّ بعيْنها … سلمت من الأقذاء عين ربابه
حتَّى إِذا انخرق الصَّفاءُ بمنْطقٍ … بلغ العتابَ وكان دون عتابه
قالت: «كُتامة ُ» داخلٌ وكأَنَّما … بعثتْ لهُ ابْن مُفدَّم بعَذابه
قد كان يشفقُ من تقاصر يومه … في بيْته وكُتامة َ الْمُنْتابه
شحا عليه ورهبة ً من يومه … فالآن أصبح موقناً بذهابه
ولقدْ أقُولُ لشامتٍ بفراقه … ملقِ الحديثِ إذا غدا كذَّابه:
سامح أخاك إذا غدوت لحاجة ٍ … واتْرُكْ مساخطهُ إِلَى إِعْتابه
فلقد أسوي للضغائن مثلها … وأصِي الْبغيضَ ولسْتُ بالْهيَّابه
وأحدَّ من ولد الجديل أعارهُ … طرفُ النُّسُوع أخذْن في أقْرابه
عرْدٌ إِذَا خَرِسَ الْمطيُّ كأنَّما … يغدو يجرجرُ دارس في نابه
وإذا سرى كحل الزميل بأرقة ٍ … من قرع بازله ومن قيقابه
وكأن منفضج الحميم بليتهِ … دهنٌ شببت سواده بملابه
غول البلاد إذا المقيل تحرقت … آرامُهُ وجرتْ بماءِ سَرَابه
يثِبُ الإِكَامَ إِذا عرضْن لوجْهه … من عرب أغلب ليس من إنعابه
بنجاء مُنْسرح الْيديْن تخالُهُ … عنْد الْكلاَل يُزادُ في إِلْهابه
دَامِي الأَظلِّ علَى الْحِدابِ كأنَّما … خضبت بعصفره رؤوس حدابه
وكأنه من وحش وجرة َ ناشطٌ … يقْرُو الْعَقَنْقل آلِفاً بعذابه
جذل المها وصوار كلِّ خميلة ٍ … لا عن تجفُّله نجاء خبابه
أَرِجُ الْقِنَان إِذَا ترجَّلت الضُّحى … صخب القنابر تحت ظل سحابه
للشمس يسجدُ طائعاً ريحانه … ويبيتُ يأرَقُ ضيْفُهُ بذُبابه
حتى إذا طلع الزمان بعيشة ٍ … فيها وسال عليه بعضُ شعابه
حنف المبيت له بأوجس ليلة ٍ … منْ صوْت راعده ومنْ تَسْكابه
فأقام يشْخصُهُ الثَّرى ويُسيرُهُ … قرب السفا ليسيح في منجابه
صرر الأديم إذا أرب به الندى … غشِيَ الأَلاَءَ يلُوذُ منْ إِرْبابه
حتى إذا غدت الورى وغدا بها … مثل المريض أفاق من أوصابه
وتجوَّبتْ مِزَقُ الدُّجَى عنْ واضحٍ … كالفرق وانكشفت سماء ضبابه
سَبَقَ الشرُوقَ إلِيْه أَشْعثُ شاحبٌ … تلِدُ الضِّراءَ فهُنَّ منْ أكْسابه
فانصاع من حذرٍ على حوبائه … وتَبْعْنهُ يَنْسَبْنَ في مُنْسابه
حتَّى إِذا سمع الضُّباحَ خلاَفَهُ … وعرضنه طلقاً على أعطابه
كر الشبوب على الضراء بروقه … فاختل لبة زانجٍ وزنابه
ومضى يزلُّ علَى الْمِتان كأنَّهُ … نجمٌ لمسترق هوى بشهابه
فكذاك ذلك إِذْ رفعْتُ قُيُودهُ … أصلاً وميثرتي على أصلابه
هجر المقامة أن تكون مناخه … بأغر تزدحم الوفود ببابه
مُتحاسدينَ علَى لِقَاء مُسَوَّدٍ … رحب الفناء جدٍ على أصحابه
رَجُلٌ إِذا زَأرتْ أسُودُ قبيلة ٍ … زأر المهلب وابنه في غابه
داود إنك قد بلغت بحاتمٍ … شرف العلى وذهبت في أسبابه
وبَنَى قَبيصة ُ والْمُهلَّبُ مَعْقِلاً … وَبَنيْتَ بَيْتَكَ في ذُرى صُلاَّبِه
هذا وذاك وذا وأنْتَ، ولم تزلْ … تزْدادُ في شرفِ الْبِنَى ورِحَابه
هل تجفونَّ فتى ً يقول لمجدبٍ … وَسْقُ الْمطيِّ يفرُّ منْ أَجْدابِه
داود غيثك إن بسطت بلاده … فانزل ضمنت لك الحبا بجنابه
وأبلَّ يَلْتَهِمُ الْخُصُوم مُرَغَّمٍ … بصوابِ مَنْطِقِه وغيْرِ صَوَابِه
وجَّهْتَ عنْ بِنْتِ السَّبيل سبيلَهُ … بمحالة ٍ وردعته بجوابه
وإذا الخطوبُ تقنَّعت عن لاقحٍ … تدعُ الذليل لنسره وغرابه
ألْقتْ بَنُو يَمَنٍ إِليْك أمورَها … وربيعة َ بْنِ نزارٍ الرَّبابه
قعد الأغرُّ لدى الكريهة والذي … عنْد الْملاَحم يُشتفى بِضِرَابِه
سهم اللقاء إذا غدا في درعه … رأبت مشاهده الثأى برئابه
… منْ لِينٍ جَانِبِه ولَيْن حِجَابِه
وإِذا اكْتَحَلْتَ به رأيْتَ مُبَتَّلاً … لَبِسَ النَّعيمَ علَى أديم شَبابِه
ينفي مواهبه النوافذ كلها … منْ سَيْبِ مُشْرك النَّدى وهَّابِه
يعطي البدور مع البدور ولو عرا … حقٌّ لأعطى ما له برقابه
وإِذَا تنزَّلُ في الْبِطاح قِبابُهُ … في الْمُحْرِمِين عَرفْتَهُ بِقِبابِه
وقيانه الغر النواصف أهلها … وقيام غاشيه على أبوابه
منْ رَاغبٍ يَعِدُ الْعِيالَ نَوَالَهُ … بعد الرجوع وراهبٍ لعقابه