لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ … و كلُّ عذلٍ إذا جدَّ الهوى لعبُ
أما كفاه انصرافُ العين معرضة ً … عنه وسمعٌ بوقرْ الشوق محتجبُ
و أن قلبا وأحشاء مدغدغة ً … إذا استقامتْ حمول الحيّ تضطربُ
لاموا عليكِ فما حلوا وما عقدوا … عندي وعابوا فما شقوا ولا شعبوا
فكلُّ نارِ هوى في الصدر كامنة ٍ … فاللوم يسعرها والعذلُ يحتطبُ
آهاً لوحشة ِ ما بيني وبينكمُ … إذا خلتْ من دلاءِ الجيرة ِ القلبُ
و عطت القورَ والأجراعَ نوقكمُ … طروحَ عيني وحالت بيننا الكثبُ
من اشتكى الشوقَ إذ هزت وسادتهُ … مدامعٌ تنتحي أو أضلعٌ تجبُ
فما أسفتُ لشيءٍ فائتٍ أسفي … من أن أعيشَ وجيرانُ الغضا غيبُ
قد كنتُ أسرقُ دمعي في محاجره … تطيرا بالبكى فاليومَ أنتحبُ
لا يبعدِ اللهُ قلباً ظلَّ عندكمُ … لم يغنني عنه نشدانٌ ولا طلبُ
سلبتموهُ فلم تفتوا برجعته … و ربما ردَّ بعدَ الغارة السلبُ
فأين إذمامكم قبلَ الفراق له … ألاَّ يضامَ ولا تمشي له الريبُ
أسيرة ٌ لكمُ في الغدرِ حادثة ٌ … تخصُّ أم رجعتْ عن دينها العربُ
يا أهل ودي وما أهلاً دعوتكمُ … بالحقَّ لكنها العاداتُ والدربُ
كابها نتسمى قبلَ غدركمُ … فاليومَ كلُّ اسم ودً بيننا لقبُ
أشبهتم الدهر في تلوين صبغتهِ … فكلكم حائلُ الألوان منقلبُ
كنتم عليَّ مع الأيام إخوتها … و ليس إلا عقوقي بينكم نسبُ
صبراً وإن كان ملبوسا على جزعٍ … ظلمتُ والصابرُ المظلومُ محتسبُ
لعلَّ عازبَ هذا الحظَّ يرجعُ لي … يوما وقاعدَ هذا الجدَّ بي يثبُ
و ليتَ أنَّ كمالَ الملكِ خالصة ٌ … آراؤه لي ورأيُ الناسِ مؤتشبُ
بل ليتَ أنَّ قضاياه مواهبهُ … فكان إنصافه في عرضِ ما يهبُ
فتى ً قنعتُ به من بين منْ حملتْ … خوصُ الركابِ فسارت تنقلُ الركبُ
أحببته حبَّ عيني أختها ويدي … يدي ولي في مزيدٍ منهما أربُ
و كان لي حيثُ لا جفنٌ لناظرهِ … حفظاً وصوناً ولا تحمي الظيا القربُ
عطفاً لحقيَّ وإسبالاً على ذممي … كأنه وهو مولى في الحنو أبُ
يرعى شواردَ فيه لم تسرْ معها … ريحٌ ولا طمعتْ في شأوها السحبُ
فغالبتني على ذاك المكان يدٌ … للدهر كان لها مذ ملني الغلبُ
ملالة ٌ لم تطرْ فيها مطاولة ٌ … و بغضة ٌ كالتجنيَّ ما لها سببُ
قسا فأصبح للواشين بي أذناً … تليقُ ما اختلفوا عنيَّ وما اجتلبوا
لو قيل إني سرقتُ السمعَ أو صرفوا … إليَّ تبديلَ دينِ اللهِِ أو نسبوا
لما امترى أنَّ رسلَ الله بي جبهوا … بالردَّ أو حرفتْ على أمريَ الكتبُ
فقل له طيب اللهُ الوفاءَ له … و الحقُّ يسفرُ والبهتانُ ينتقبُ
يا ناقدَ الناس كشفا عن جواهرهم … متى تغيرَ عن أعراقهِ الذهبُ
و كيف أفسدَ سوءُ الحظَّ خبرك بي … حتى بدا لك أنّ الدرّ مخشلبُ
أغيرَ أنَّ فراشاً طار ينأم بي … لو شئتَ كان بنار الردَّ يلتهبُ
أبعد أن رضتني عشرينَ أو صعدتْ … لا الجريُ تنكره مني ولا الجنبُ
يروى لك الخرقُ عن حزمي فتقبله … صفحاً ويحذبك الواشي فتنجذبُ .
حاشاكمُ أن تكونوا عونَ حادثة ٍ … أو ترتميني على أيدكم النوبُ
أذنبيَ الحبُّ والإخلاصُ عندكمُ … فإنّ ذنبي إلى أياميَ الأدبُ
أما وقومكَ والمجدُ التليدُ لهم … إذا حلفتُ بهم والدينُ والحسبُ
ما خلتُ والدهر لا تفنى عجائبهُ … أنّ العلا نافقٌ في سوقها الكذبُ
و لا عجبت لدهري كيف يظلمني … و إنما ظلمكم أنتم هو العجبُ .
يا من به صحَّ سقمُ العيشِ واجتمعتْ … على توحدهِ الأحزابُ والشعبُ
و من كفى الملكَ ما لم يكفِ صارمهُ … و ردَّ عنه الذي ما رده اليلبُ
و من توسط أفقَ المجد فاعتدلتْ … به البدورُ ولبت أمرهُ الشهبُ
على بساطكِ تقضى كلُّ مبهمة ٍ … يعنو بها الخطبُ أو تعيا بها الخطبُ
و هالة ُ البدرِ دستٌ أنت راكبه … و تارة ً هو غابُ الضغيم الأشبُ
بشرٌ وقورٌ وجدٌ ضاحكٌ ورضاً … لولا الطلاقة ُ خلنا أنه غضبُ
جرى بك الخلقُ الفضفاضُ وانقبضتْ … بك المهابة ُ فالسلسالُ واللهبُ
و أفقرتك العطايا والثناءُ غنى ً … و أنصبتك العلا والراحة ُ النصبُ
من عندهُ نشبٌ لا مجدَ يعضدهُ … فإنّ عندك مجدا ما له نششبُ
حللتُ باسمك عقدَ الرزق فاندفعتْ … عراه تفصمُ لي عفوا وتنقضبُ
و كنتَ واسطة َ العقد الذي انتظمتْ … عنه السلوكُ ولم تخدشْ به الثقبُ
أنتم رفادة ُ ظهري إن وهي جلدي … و درة ُ العيشِ لي والضرعُ معتصبُ
و مشربي العدُّ والغدرانُ غائرة ٌ … منكم ليَ الحوضُ أو منكم ليَ القربُ
قدمتموني فلي رهنُ السباقِ ومنْ … يلزني بعدُ مجنوبٌ ومعتقبُ
عزى بنفسي ولكن زادني شرفا … أني اليكم إذا باهلتُ أنتسبُ
و الناسُ غيركمُ من لا يجاوزني … أبياته عمدٌ تبنى ولا طنبُ
إذا صفوتم فلا وردي ولا صدري … منهم وإن أملحوا يوما وإن عذبوا
لي منكم الجبهة ُ الغراء والعتقُ ال … تلعاءُ والناس بعدُ الرسغُ والذنبُ
فلا تنلني الليالي فيكمُ بيدٍ … إلا التبابُ لها والشلُّ والعطبُ
و لا تصبكم عيونُ الدهر إنّ لها … إلى الكمال لحاظاً سهمها غربُ
و إن أتى رائدُ النيروزِ مجتدياً … أيمانكم فالروابي الخضرُ والعشبُ
فمن جباهكمُ نورُ الربيع لنا … و من أكفكمُ الأنواءُ تنسكبُ
يومٌ يكرُّ به إقبالُ جدكمُ … غداً على ملككم ما كرت الحقبُ
تجلونَ من حسنه حظَّ العيونِ فلل … أشعار فيكم حظوظُ السمعِ والطربُ
فما بقيتم فأيامي بعزكمُ … كما أحبُّ وأحوالي كما يجبُ