غلب الموت فالحياة ثكول … ما خلا منك قلبها المشغول
في العباب العريض منها خفوق … موجه آخر المدى يستطيل
وإلى الضعف قوة البأس آلت … بعد أن ناصرته فهي خذول
ساد في موضع الحراك سكون … عاد فيه بالخيبة التأميل
وتوارت في الغيب زهر المعالي … وتداعى التشييد والتأثيل
أسفا أن يبيت مغتمدا في الترب … سيف العزيمة المسلول
وإذا ما قضى همام وإن طالت … سنوه ففي الردى تعجيل
مصر تبكيك والشآم جزوع … ليس بدعا ما الراحلون شكول
بين ميتين من أولي اليسر قد يبلغ … أقصى غاياته التفضيل
ذاك يمضي ولا يحيى وهذا … ليس يكفي مؤبنيه العويل
أعجيب وأنت نادرة القطرين … أن النفوس حزنا تسيل
هو أمر لمن بكى فيه عذر … إنما الصبر في سواه جميل
ضرب الضربة التي هونت كل … شكاة وأخرست من يقول
فليدر في مداره الفكر حيران … ويجمد بالناظرين الذهول
أي نوح يفي بحق امرئ كان … عليه لأمة تعويل
أرأيتم سير السراة بتابوت … عليه عميدهم محمول
واحتمال العفة نعش أبيهم … موشكا أن يسعى به التقبيل
ما دهى المحمدات يوم ثوى بالقاع … ذاك الميم المسؤول
أصبح الثغر فيه بعد ابتسام … وهو قلب إلى الأسى موكول
وجرى النيل لا يجاريه بعد اليوم … في فيضه أخوه النيل
يا سميي وهكذا كنت تدعوني … وأدعوك والكريم وصول
كل ود يدول لكن ودي … لك ما دمت ثابت لا يدول
أنا من إن دعت إليك حقوق … ما توانى وإنه لعليل
وقد وفدنا وهؤلاء هم الصحب … وهذا النادي فأين خليل
أين تلك الشمائل البارعات الظرف … أين الحديث وهو الشمول
أين تلك الألطاف والشيم الحسنى … جلتها وسلسلتها الأصول
أين ذاك البهاء والطلعة الغراء … والرونق الذي لا يحول
أين من في أسرة الوجه منه … لمعاني فؤاده تمثيل
يلبس اللبسة البديعة لا يختال … أما مكانها فيخيل
زاهيا عزة وفي الحق أن يعتز … من تقصر الورى ويطول
مالت السن باللدات وما كان … سوى السمهري حيل يميل
صار شيخا وفي العيون فتى غض … يرى بالظنون فيه ذبول
طال عد السنين لكنه ظل … وما في حال له تبديل
عزمه عزمه فإزماعه الإنفاذ … والبدء بالمسير الوصول
كل يوم له يجدد سول … في المعالي ولا يخيب سول
يبلغ القصد بالمحاولة المثلى … ومن دونه صعاب تحول
يجد الحل في المعاضل ميسور … وقد أعيت الثقات الحلول
كم له في النضال وقفة ليث … باء منها وخصمه منضول
يومها يومها وللسعد فيه … غرر ذات روعة وحجول
وعن البر من خليل فحدث … يوم لا يعرف الخليل الخليل
وعن الرفق بالحريب وعن عول … اليتيم الغريب فيمن يعول
وعن الدأب في مواطنه حتى … ليغدو في الممكن المتسحيل
تلك آيات فضله إذ له التقديم … بين الرجال والتبجيل
والوجاهات لا تكون وجاهات … صحاحا حتى يقوم الدليل
هل سجل للفخر إلا وفيه … لاسمه في افتتاحه تسجيل
منحته الملوك ألقابها العليا … وفي قدره لها تأهيل
منح كررت فسرت كما كرر … في المسمع النشيد الجميل
أي مجد لمثله فوق هذا … بين قوم كقومه مأمول
أدرك المنتهى ومنزلتاه … شرف باذخ وجاه أثيل
مادد الأفق أيها البحر واسطع … أيها البدر واستفض يا نيل
وغتزز أيها الغمام المعلى … واهترز أيها الحسام الصقيل
كل شيء يزهى بآياته الحسنى … فكيف المخير المسؤول
طرب أنك الهمام المرجى … نشوة أنك القؤول الفعول
بعض هذا ولابن آدم أن يغتر … ما الشأن وهو هذا ضئيل
لكن النفس آثرت لك أنسا … في السجايا لها بكل تكميل
فتواضع لله شكرا على أنك … فرد في الجيل يفديه جيل
وعلى أن جوهر الأنس لما … حل في الإنس كان فيك الحلول
كل دين قوامه برسول … ولكل من السجايا رسول
أنت أنت النبيل لا يدعي ما … ليس فيه ما كل مثر نبيل
أنت في كل حلبة صاحب السبق … وقد تعرف الكماة الخيول
في مدى جودك الصوافن تجري … وثناء عليك منها الصهيل
إن في صهوة الجياد لعزا … صائنا للنفوس مما يذيل
منصب حف بالمخاطر لكن … قلما مستقله يستقيل
هاض عظمي وما برحت على العلات … منذ الصبا إليه أميل
يا أخا الرأي لا يطيش إذا طاش … لحرص في النفس رأي أصيل
ما اتخذت الثراء إلا سبيلا … لدراك العلى ونعم السبيل
لا كراهط في زعمهم أن أسمى … غاية للفتى هي التمويل
لعن المال أو يكفر عنه … سيب من يقتنيه والتنويل
كيف بالثروة ابتناها لرهط … شحهم والخداع والتطفيل
نكبة الشرق محدثون حقيقون … بأن ترجح الدبى ويشيلوا
كل جمع منهم فدى واحد ينفع … والفضل أين منه الفضول
ليت قومي لهم قلوب جرئيات … على ما تدعو إليه العقول
لم يكونوا إذن وأسقطعم أرفعهم … والسمو فيهم سفول
وغريب الألقاب فيهم كثير … ورحيب الجناب فيهم قليل
والأجل الأجل منهم زري … والأعز الأعز منهم ذليل
قد مضى لا أعاده الله عصر … عبدت فيه للنضار العجول
خص بالقدر صاحب الوفر حتى … وهو للصخر بالجفاف مثيل
أخذ الناس بالتيقظ للواجب … فليتعظ ويصح الغفول
تقتضي الثروة الزكاة فمن جاد … فرأس والممسكون ذيول
بطل الزور فالغبي غبي … رغم نقديه والجهول جهول
واختلاس التبجيل في غير شيء … عاد ذنبا له عقاب ثقيل
إن من أفسد النظام ومن هاج … عليه الطغام لهو البخيل
وأحط الشعوب ذاك الذي يعذر … فيه المقتر المرذول
قيل خياط يبتغي الحمد أجرا … آفة المأثرات هذا القيل
كل نوع من العطاء له حسن … وخير ألا يذاع الجميل
لكن الشكر واجب وفساد … في معانيه ذلك التأويل
أو ما صح أن في كل عصر … أنذر الناس محسن مجهول
سد ما اسطعت من مفاقر وامنع … عرض حر ستاره مسدول
وأس جرح المسكين وامسح قذاه … أنا بالحمد ما اشتهيت كفيل
قد تقاضى الله الثناء من العبد … فماذا يقول فيه العذول
ولماذا نفخ الملائك في الصور … وفيم التسبيح والترتيل
أترى كان خالق الخلق ممن … يستخف التزمير والتطبيل
سنة سنها يريد هدى الخلق … بها واختلافها تضليل
عد إلى الله يا خليل فما ينتقص … الشكر عنده تعليل
قد تبدلت بالفناء خلودا … في نعيم وحب ذاك التبديل
فعزاء يا أمة غاب عنها … وجهها السمح والرئيس الجليل
وعزاء يا خير زوج شجاها … باقي العمر أن يبين الخليل
وعزاء يا فاقدي خير صنو … لكما بعده البقاء الطويل
وعزاء يا صحبه في أخ قد … متموه وكان نعم الزميل
وعليك السلام في الرمس والرحمة … يهمي بها سحاب هطول
لو تدوم الأحياء من أجل فضل … دمت لكن كل حي يزول