عظم الله فيك أجر الضاد … وبنيها من حاضر أو بادي
راع آفاقها نعيك حتى … لكأن النعي بوق التنادي
كل قطر فيه فتى عربي … فيه عين شكرى وقلب صادي
حدث ألهب الصدور التياعا … حيث دوى وفت في الأعضاد
من سماء الأهرام جلل قيسون … وألقى السواد فوق السواد
وعلى بهجة المرابع في لبنان … أرسى سحابة من حداد
ما تراه يقضي الصديق الذي بادأ … بالفضل من حقوق الوداد
كيف حال الإخوان في مصر يا حافظ … من وحشة لهذا البعاد
كل حفل شهدته كنت فيه … قبلة السامعين والأشهاد
فإذا ما تنادوا وتنادرت … فأعجب بوري تلك الزناد
فطن تشرح الصدور وما تؤذي … دعاباتها سوى الأنكاد
ربما كانت العظات الغوالي … في شظايا ابتسامها الوقاد
أسعدي يا هواتف الأيك شجوي … أنا في حاجة إلى الإسعاد
أبتغي البث والشجا غض من صوتي … وحر الأسى أجف مدادي
ويح أم اللغات مما دهاها … في طريف الفخار بعد التلاد
في رفاق ردوا على كل أصل … من علاها نضارة الاعواد
تضر الله عهدهم وسقاهم … ما سقى الاولين صوب العهاد
نخبة قلما أتيح لعصر … مثل مجموعهم من الافراد
أيقظوها من الرقاد وقد جاز … مداه أقصى مدى للرقاد
وأعادوا جمالها في زهاه … يتراءى قديمه في المعاد
أين سامي وأين صبري وحفين … ورفاق جاورهم في الهوادي
شاعر لم يباره أحد في الأخذ … بالمستحب والمستجاد
يحكم الصوغ في القلاد فما يأتي … صناع بمثلها في القلاد
ناثر تنفث البراعة منه … نشوة الخمر في مجاج شهاد
لم يكن في مصايد اللؤلؤ الفاخر … يبقي فريدة لاصطياد
في تراكيبه وفي مفردات اللفظ … حارت نفاسة الحساد
كان في سمعه رقيب عليه … يقظ من جهابذ النقاد
فالمعاني تتيه بين المعاني … بسني الحلي والابراد
والمباني تعز بين المباني … بمتين الاسباب والاوتاد
عد عن وصفك الاديب وقل ما … شئت في الفاضل الوفي الجواد
من يعزي عنه المروءة أمست … وبنوها الابرار غير عداد
من يعزي عنه الوفاء وقد كان … يرى نقضه من الإلحاد
لم يساوم به فينعم بالا … لا ولم يرع فيه جانب آدي
لم يسعه وفي الضمير خلاف … أن يرى الاعتدال في المنآد
من يعزي القصاد علما توخوا … أو نوالا عن مسعف القصاد
ذي الايادي من كل لون وأغلا … هن في المأثرات بيض الايادي
من يعزي كنانة الله عن رامي … عداها بسهمه المصراد
عن فتاها الشاكي السلاحين والماضيهما … في شواكل الاضداد
إنما حافظ فتاها ومنها … وبها فخره على الانسداد
نشأته وأيدته بروح … عبقري من روحها مستفاد
بعد أن كان حاكيا وهو يشدو … جعلته المحكي بين الشوادي
نظم الشعر في الصبا نظم واع … لقن ناشيء على استعداد
باديء صوغه وفيه فنون … بارعات لا يتسقن لبادي
ما تعاصى عليه عن عفو طبع … رد طوعا له بفضل اجتهاد
موحشا في مجاهل النوب والسودان … بين الاغوار والانجاد
تتقضى أيامه في ارتياض … وعلى أهبة لغير جلاد
ولياليه في الخيام ليالي … وسن رازح من الإجهاد
في الصميم الصميم من نفسه الحرة … هم مراوح ومغادي
أي جيش يدربون لمصر … وولي التدريب فيه العادي
ولمن تملأ الفضاء وعيدا … عدد من حديده الرعاد
غير بث يبثه إن أتاه … طائف من خياله المعتاد
للمقادير في شؤون الجماعات … تصاريف رائحات غوادي
فتن الجيش والبواعث كثر … فتنة لم تكن بذات امتداد
والجديدان يضربان عليه … كل رحب في مصر بالاسداد
لقي البؤس والاديب من البؤس … قديما فيها على ميعاد
عائفا خطة الجداة وفيه … طبع حر يجود لا طبع جمادي
وسجايا الرجال رانت عليها … لوثة من قديم الاستعباد
عبر مر في جوانحه ما … لاح منها مر النصال الحداد
فتغنى أستغفر الله بل ناح … نواحا يذيب قلب الجماد
باكيا شجوه ترن قوافيه … رنين النبال في الاكباد
ذاك والقول ليس يعدو شكاة … لو جرت أدمعا جرت بجماد
وعتابا لولا البراءة منه … عاجلا كان سبة الآباد
برئت مصر منه بالحق لما … نشطت من جمودها المتمادي
طرأت حالة تيقظ فيها … لدعاة الهدى ضمير السواد
فإذا حافظ وقد بش ما في … نفسه من تجهم واربداد
وبدا للمنى الجلائل فيها … أفق واسع المدى لارتياد
يوم نادى الفتى العظيم فلبى … من نبا قبله بصوت المنادي
وورى ذلك الشعود الذي كان … كمينا كالنار تحت الرماد
مس منه السواد فانبجست نار … ونور من طي ذاك السواد
أكبر الدهر وثبة وثبتها … مصر مفتكة من الاصفاد
وثغاء غدا هزيما فألقى … رعبة في مرابض الاساد
وجلا غرة الصلاح فلاحت … تزدهي من غياهب الإفساد
فإذا أمة أبية ضيم … ما لها غير حقها من عتاد
نهضت فجأة تنافح في آن … عدوين أسرفا في اللداد
أجنبيا ألقى المراسي حتى … تقلع الراسياتفي الاطواد
حلبة يعذر المقصر فيها … والخواتيم رهن تلك المبادي
ليس تغيير ما بقوم يسيرا … كيف ما عودوه من آماد
غير أن الإيمان كان حليفا … لقلوب الطليعة الانجاد
فاستعانوا به على ما ابتغوه … غير باغين من بعيد المراد
لم يطل عهد مصر بالوثبة الأولى … ودون الوصول خرط القتاد
فتراخى فيها وثيق الاواخي … ووهى الجزل من عرى الاتحاد
آية أخفقت فقيض أخرى … أثر من عناية الله باد
فزعت دنشواي تحمي حماما … من ملمين كالذئاب الأوادي
فتصدى للذود عنه جفاة … من شيوخ بها ومن أولاد
حادث روع العميد أيخشاه … وسلطانه وطيد العماد
لا ولكن عزة أخذته … عن غرور ببأسه واعتداد
فخليق بهم أشد قصاص … حل بالآبقين والمراد
ذاع في الشعب وصفها ففشت آلامها … في القلوب والأجساد
كان ترجيع حافظ نوح موتور … فدوى كالليث بالإيعاد
في قواف بهن تنطق لو أوتيت … النطق ألسن الأحمقاد
علمت خافضي الجناح لباغ … كيف شأن الحمام والصياد
وعد الصابرون بالفوز وعدا … حققته أنباؤهم باطراد
إنما الصبر في النفوس جنين … يرهق الحاملات قبل الولاد
كيف يأتي به ارتجال ولم يأت … ارتجال يوما بقول مجاد
خلق عز في الجماعات من فرط … تكاليفه وفي الآحاد
بعد وثب في إثر وثب عنيف … وارتداد في الشوط غب ارتداد
ساور الأمة التردد والتاث … عليها في السير وجه الرشاد
وتبدى الإحجام في صورة زلاء … جرت إقدام أهل الفساد
بالدعايات والسعايات حاموا … حولها للسوام أو للرواد
لا تسل يومذاك عن جلد القادة … في ملتقى الخطوب الشداد
كلما ازدادت الصعاب أبو إلا … كفاحا وعزمهم في ازدياد
هل ينجي شعبا من الياس إلا … حدث من خوارق المعتاد
مصطفى مصطفى بحسبك إن يذكر … فداء أن كنت أول فاد
دب فيهم روح جديد له ما … بعده في القلوب والإخلاد
تنقضي الحادثات بعدك والروح … مقيم فيهم على الاباد
كاد يوم شيعت فيه يريهم … لمحة من جلال يوم المعاد
صدروا عنه بالتعارف فيما … بينهم وهو قوة الأعداد
واستشفوا لبأسهم فيه سرا … كم تحامى أن يدركوه الاعادي
هذه مصر الفتية هبت … في صفوف فتية للذياد
رجل مات مخلفا منه جيلا … رابط الجأش غير سهل المقاد
إن دعاه الحفاظ أقبل غلمان … سراع من القرى والبوادي
أحدثوا في البلاد عهد لجاج … في تقاضي حقوقها وعناد
عهد نور من الحفاظ ونار … بعد طول الخمود والإخماد
اتخذت عبقرية الشعر فيه … سلما للعروج والإصعاد
أبلغت حافظا من الحظ أوجا … زاد منه العلياء كل مزاد
من رأى الشاعر المفوه يوما … وحواليه أمة في احتشاد
موفيا من منصة القول يرنو … باتئاد ولحظه في اتقاد
باسما أو مقطبا عن محيا … بارز العارضين فوق الهادي
عز منه العذار إلا تفاريق … خفافا في الوجنتين بداد
ينشد الحفل فاتنا كل لب … ببديع الإيماء والإنشاد
وبشعر لا يطرف الجفن فيه … صادر عن حمية واعتقاد
من رأى حافظا نذيرا بشيرا … جائلا صائلا بغير اتئاد
غردا كالهزار آنا وآنا … حردا كالخضم ذي الإزباد
وكأن الأثير يحمل منها … كهرباء تهز كل فؤاد
فهي عز للأريحي المفادي … وهي ذل للخائس المتفادي
ذاك أن الروح المردد فيها … روح شعب والصوت صوت بلاد
أعجزتني قبل التمام القوافي … والقوافي تضن بالإمداد
بت قريرا فإن ذكراك فينا … أجدر الذكريات بالإخلاد