تَأبَّدَتْ بُرْقَة ُ الرَّوْحَاء فَاللَّبَبُ … فالمحدثات بحوضى أهلها ذهبوا
فأصبحت روضة ُ المكاء خالية ً … فَماخِرُ الْفَرْعِ فالْغَرَّافُ فالْكُثُبُ
فَأجْرَعُ الضَّوع لاَ تُرْعَى مَسَارِحُهُ … كُل الْمَنَازِلِ مَبْثُوثٌ بِهَا الْكَأبُ
كَأنَّهَا بَعْدَ مَا جَرَّ الْعَفَاءُ بِهَا … ذَيْلاً من الصَّيفِ لَمْ يُمْدَدْ لَهُ طُنُبُ
كَانَتْ مَعَايَا مِن الأَحْنَابِ فانْقَلَبَتْ … عن عهدها بهمُ الأيام فانقلبوا
أقُولُ إِذْ وَدَّعُوا نَجْداً وسَاكِنَهُ … وَحَالَفُوا غُرْبَة ً بالدَّارِ فاغْتَرَبُوا
لاَ غَرْوَ إِلاَّ حَمَامٌ في مَسَاكِنِهمْ … تدعو هديلاً فيستغري به الطربُ
سَقْياً لِمنْ ضمَّ بطْنُ الْخيْفِ إِنَّهُمُ … بانوا “بأسماء” تلك الهم والأربُ
أئِنُّ مِنْهَا إِلَى الأَدْنى إِذَا ذُكِرَتْ … كما يئِنُّ إِلَى عُوَّادِهِ الْوصِبُ
بجارة ِ البيت همُّ النفس محتضرٌ … إِذَا خلوْتُ وماءُ الْعيْنِ ينْسكِبُ
أنسى عزائي ولا أنسى تذكُّرها … كأنني من فؤادي بعدها حربُ
لا تَسْقِنِي الْكأسِ إِنْ لمْ أبْغ رُؤْيتها … بالذَّاعِريَّة ِ أثْنِيها وتنْسلِبُ
تطوي الفلاة بتبغيلٍ إذا جعلت … رؤوسُ أعلامها بالآلِ تعتصبُ
كم دون “أسماءَ” من تيهٍ ملمعة ٍ … ومنْ صفاصف منها القهبُ والخربُ
يَمْشِي النَّعامُ بِها مثْنى ومُجْتمِعاً … كأنُّها عصبٌ تحدو بها عصبُ
لا يغفل القلبُ عن “ليلى ” وقد غفلت … عمَّا يُلاقِي شَجٍ بالْحُبِّ مُغْترِبُ
في كُلِّ يوْم لهُ همّ يُطالِبُهُ … عِنْد الْمُلُوكِ فلاَ يُزْرِي بِهِ الطَّلبُ
يا«سُعْد» إِنِّي عداني عنْ زِيارتِكُمْ … تَقَاذُفُ الْهَمِّ والْمهْرِيَّة ُ النُّجُبُ
في كُلِّ هنَّاقة ِ الأَضْواء مُوحِشَة ٍ … يسْترْكِضُ الآلَ في مجْهُولِها الْحَدَبُ
كأنَّ في جانبيها من تغولها … بَيْضَاءُ تَحْسِرُ أحياناً وَتَنْتَقِبُ
جرْداءُ حوَّاءُ مخْشِيّ متالِفُها … جشَّمْتُها الْعِيسَ والْحِرِباءُ مُنْتصِبُ
عشراً وعشراً إلى عشرين يرقبها … ظهرُ ويخفضها في بطنه صببُ
لم يبق منها على التأويبِ ضائعة ً … ورحلة الليل إلاَّ الآلُ والعصبُ
ورَّادة ٌ كُلَّ طامِي الْجمِّ عَرْمَضُهُ … في ظِلِّ عِقْبانِهِ مُسْتأسِدٌ نشِبُ
وسبْعة مِنْ «بنِي الْبطَّالِ» قَيِّمُهُمْ … رداؤهُ اليوم فوق الرَّجلِ يضطربُ
جليتُ عن عينه بالشعر أنشدهُ … حتى استجاب بها والصبحُ مقتربُ
قال «النُّعيْمِيُّ» لمَّا زَاحَ باطِلُهُ … وافْتَضَّ خَاتَمَ ما يَجْنِي بِهِ التَّعبُ
ما أنْت إِنْ لمْ تكُنْ أيْماً فقدْ عجِبتْ … منك الرفاقُ ولي في فعلك العجبُ
تهفو إلى الصيدِ إن مرَّت سونحهُ … بِساقِطِ الرِّيشِ لمْ يُخْلِفْ له الزَّغَبُ
إن كنتَ أصبحتَ صقراً لا جناح لهُ … فقد تهانُ بك الكروانُ والخربُ
لله درك لم تسمو بقادمة ٍ … أوْ يُنْصِفُ الدَّهْرُ منْ يلْوِي فَيَعْتَقِبُ
إلى “سليمان” راحت تغتدي حزقاً … والخيرُ متَّبعٌ والشرُّ مجتنبُ
تزُورُهُ مِنْ ذَوِي الأَحْسَابِ آوِنَة ً … وخير من زرت سلطانٌ لهُ حسبُ
أغَرُّ أبْلَجُ تَكْفِينَا مَشَاهِدُهُ … في القاعدين وفي الهيجا إذا ركبوا
أَمْسَى «سُلَيْمَانُ» مرْؤُوماً نُطِيفُ بِهِ … كما تُطِيفُ ببَيْتِ الْقِبْلَة ِ الْعَرَبُ
ترى عليه جلالاً من أبوتهِ … وَنُصْرَة ً مِنْ يِدٍ تَنْدَى وتُنْتَهَبُ
يَبْدُو لَكَ الْخَيرُ فيهِ حِينَ تُبْصُرُهُ … كما بَدَا في ثَنَايا الْكَاعِبِ الشَّنَبُ
في هامة ٍ من “قريشٍ” يحدقونَ بها … تجبى ويجبى إليها المسكُ والذهبُ
عَالَى «سلَيْمَانُ» فِي عَلْيَاءَ مُشْرِفَة ٍ … سيفٌ ورمحٌ وآباء له نجبُ
يَا نِعْمَ مَنْ كانَ مِنْهُمْ في مَحَلَّتِهِ … وكان يشربُ بالماء الذي شربوا
كانوا ولا دين إلاَّ السيفُ ملكهمُ … راسٍ وأيامهم عادية غلبُ
تطولُ أعمار قومٍ في أكفهمُ … حيناً وتقصرُ أحياناً إذا غصبوا
الْعَاقِدِينَ الْمَنَايَا في مُسَوَّمَة ٍ … تُزْجَى أوَائِلُهَا الإِيجَافُ والْخَبَبُ
بِيضٌ حِدَادٌ وأشْرَافٌ زَبَانِيَة ٌ … يغدو على من يعادي الويلُ والحربُ
أقُولُ لَلْمُشْتَكِي دَهْراً أضَرَّ بِه … فِيهِ ابْتِذَالٌ وفِي أنْيَابِهِ شُعَبُ:
لاَ جَارَ إِلاَّ «سُلَيْمَانٌ» وأسْرَتُهُ … من العدوِّ ومن دهرٍ به نكبُ
إِذَا لقِيتَ «أبَا أيُّوبَ» فِي قَعَدٍ … أوْ غَازِياً فَوْقَهُ الرَّايَاتُ تَضْطَرِبُ
لاَقَيْتَ دُفَّاعَ بَحْرٍ لا يُضَعْضِعُه … للْمُشرِعِينَ عَلَى أرْجَائِهِ شُرُبُ
فاشرب هنيئاً وذيل في صنائعه … وانعم فإنَّ قعود الناعم اللعبُ
الْهَاشِمِيُّ «ابْنُ دَاوُدٍ» تَدَارَكَنَا … وَمَا لَنَا عِنْدَهُ نُعْمَى وَلاَ نَسَبُ
أحيا لنا العيشَ حتى اهتزَّ ناضرهُ … وجارنا فانجلت عنا به الكربُ
لَيْثٌ لدَى الْحَرْبِ يُذْكِيهَا وَيُخْمِدُهَا … وَلاَ تَرَى مِثْلَ مَا يُعْطِي وَمَا يَهَبُ
صعباً مراراً وتاراتٍ نوافقهُ … سَهْلاً عَلَيْهِ رِوَاقُ الْمُلْكِ وَاللَّجِبُ
رَكَّابُ هَوْلٍ وَأعْوَادٍ لِمَمْلَكَة ٍ … ضرابُ أسبابِ هم حين يلتهبُ
ساقي الحجيج أبوه الخيرُ قد علمت … عُلْيَا «قُرَيْشٍ» لَهَ الْغَايَاتُ والْقَصَبُ
وافى “حنيناً” بأسيافٍ ومقربة … شُعْثِ النَّوَاصِي بَرَاهَا الْقَوْدُ والْخَبَبُ
يعطي العدى عن رسولِ الله مهجتهُ … حتى ارتدى زينها والسيفُ مختضبُ
وكَانَ «دَاوُدُ» طَوْداً يُسْتَظَلُّ بِهِ … وفي ” عليٍّ” لأعداء الهدى هربُ
وَالْفَضْلُ عِنْدَ «ابْنِ عَبَّاسٍ» تُعَدُّ لَهُ … فِي دَعْوَة ِ الدِّينَ آثَارٌ ومُحْتَسَبُ
قل للمباهي “سليمانا” وأسرتهُ … هَيْهَاتَ لَيْسَ كَعُودِ النَّبْعَة ِ الْغَرَبُ
رَشِّحْ أباكَ لأُخْرَى مِنْ صَنَائِعِهِ … واعْرفْ لِقَوْم برَأسٍ دُونَهُ أشَبُ
أبْنَاءُ أمْلاَكِ مَنْ صَلَّى لِقِبْلَتِنَا … فَكُلُّهُمْ مَلِكٌ بِالتَّاجِ مُعْتَصِبُ
دم النبيِّ مشوبٌ في دمائهمُ … كما يخالطُ ماء المزنة ِ الضربُ
لو ملك الشمس قوم قبلهم ملكوا … شمس النهار وبدر الليل لا كذبُ
أعطاهم الله ما لم يعط غيرهمُ … فهم ملوكٌ لأعداء النهى وركبُ
لا يحدبون على مالٍ بمبخلة ٍ … إِذَا اللِّئَامُ عَلَى أمْوَالِهِمْ حَدِبُوا
لَوْلاَ فَضُولُ «سُلَيْمَانٍ» وَنَائِلُهُ … لَمْ يَدْرِ طَالِبُ عُرْفٍ أيْنَ يَنْشَعِبُ
ينتابه الأقربث الساعي بذمته … إذا الزمان كبا والخابطُ الجنب
كم من يتيم ضعيف الطرف ليس لهُ … إلاَّ تناولَ كفَّي ذي الغنى أشبُ
آخَى لَهُ عَرْوُهُ الأَثْرَى فَنَالَ به … رواحَ آخرَ معقود له سببُ
بِنَائِلٍ سَبطٍ لا منَّ يُرْدِفُهُ … إذا معاشر منوا الفضل واحتسبوا
يا ابْن الأَكارِم آباءً ومأثرة ً … منك الوفاءُ ومنك النائل الرغبُ
في الحيِّ لي دردق شعث شقيت بهم … لا يكسبون وما عندي لهم نشبُ
عزّ المضاعُ عليهم بعد وجبتهم … فَمَا تَرَى فِي أنَاسٍ عيْشُهُمْ وجبُ