تحية يا حماة البلج يا أسد … هذي المواقف لم يسبق بها أحد
طاغ ألم بكم وهنا يراودكم … عن عصمة الدار لا يعتاقه رشد
ليستبيح كما تهوى مطامعه … محارم العهد لا يلوي به فند
قد غره العدد الجرار مجتمعا … من جيشه والسلاح الجم والعدد
وما درى أنه لو نال مدفعه … أرسى القلاع فدكت وهي تتقد
وأنه لو مشى في جحفل لجب … كالنار تمتد أو كالموج يطرد
لم توله المفنيات السود أجمعها … رقاب بضعة شجعان بهم جلد
عدا على الحق ولهلم يجرئه … داءان فيه طموح النفس والحسد
أيغلب الحق لو أمست فيالقه … عن حيزيها يضيق الأين والأمد
إن الشجاعة والنصر الخليق بها … ما يفعل البأس لا ما يفعل العدد
فكيف والخلق إجماعا قد ائتمروا … على مقاتلة الطاغوت واتحدوا
حمى البريطان غشيان البحار على … سفينه فهو لا رزق ولا برد
وأيدوا بالسرايا الغر جارتهم … فكان خير مجير ذلك المدد
قلوا سوادا وجاز الحصر ما فعلوا … حتى ليذكره النائي فيرتعد
عزت فرنسا بهم في جنب فتيتها … لله فتيتها والمجد ما مجدوا
يكافحون بلا رفق ولا ملل … نمرود حتى يخر العرش والعمد
والروس من جانب ثان تلم به … إلمام غير محب قربه لدد
جيش خضم صبور طيع شكس … ناهيك بالجيش إذ يحدوه معتقد
يقص من كبد النمسا ليتركها … وراءه ما بها جسم ولا كبد
حتى إذا ما دهى الالمان صبحهم … وملكهم بعد توحيد القوى بدد
نصرا لأعوانه الصرب الأولى خلبوا … نهى الرجال بما أبلوا وما جهدوا
والعصبة الجبايين الذين أروا … كيف انتقام أبي وهو مضطهد
ولهلم يا من رمى طيشا بأمته … مرمى الفناء وبئس الحوض ما ترد
تمضي الليالي ويدنو يوم صرعتكم … بما فسدت على الدنيا وما فسدوا
هدوا الكنائس دكوا الجامعات قلى … أفنوا النفائس لا تبقوا وتقتصدوا
ذودوا المراحم واقسوا جهد فطرتكم … وإن تفتكم فنون من أذى فجدوا
وليهنكم كل بيت فيه بث أسى … وندب ميت وقلب شفه الكمد
وكل روض ذوت فيه نضارته … وناح بعد غناء طيره الغرد
غدا يؤدي حساب لا رواغ به … من شر ما يقتني للظالمين غدا
قصاص حق لجان من مطامعه … طغى على العالمين البؤس والنكد
مشى ليفتتح الدنيا به حرد … بلا اكتراث لمغصوب به حرد
يعلوه من كسر التيجان تاج منى … ضخم الصياغة مما لا تجيد يد
فما خطا خطوة حتى كبا فإذا … بين الركام الدوامي تاجه قدد
بني الشآم أعز الله معشركم … فكم لكم همة محمودة ويد
رعيتم لبني مصر قرابتهم … كما عطفتم على الجرحى وإن يعدوا
حياكم الله من قوم أولي كرم … لم يبرحوا في المعالي عندما عهدوا
لم يغل من قال فيكم إنكم أسد … تلك الفعائل لم يسبق بها أحد
ألبرت يا مالكا أبدت فضائله … أنى تصان العلى والعرض والبلد
كذا الوداعة في أبهى مظاهرها … كذا الشجاعة والإقدام والصيد
في كل شأن ترقيه وتعضده … رأيا وسعيا فأنت الرأس والعضد
وللمقيمين حظ النازحين فهم … بنوك إن قربوا دارا وإن بعدوا
عين العناية يقظى في كلاءتهم … بعين ذاك الذي في ظله سعدوا
وزاد غبطتهم بالعيش أن لهم … مليكة أوردتهم صفو ما ترد
ليست بأكبرهم سنا وما برحت … أما رووما تواسيهم وتفتقد
وهذبت بقويم السير نسوتهم … فما بهن وقد جارينها أود
شفت زواهي حلاها عن خلائقها … يزينهن سمو الرأي والسدد
يا أيها الملكان المحتفي بهما … عزيز مصر وقوم حوله مجد
من بكرة الدهر بالمعروف قد عرفوا … وعهدهم في وفاء الفضل ما عهدوا
رأيتما من سرور ظاهر بكما … مثال ما أضمروا ودا وما اعتقدوا
هذا الربيع أتت وفقا بشائره … بما تقر به الابصار إذ يفد
أهدى شذاه وأيدى لطف زينته … وأحسن الحمد فيه الطائر الغرد