بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ … بلوغُ المعالي واقتناء المفاخر
وإنّ الفتى من لا يزال بنفسه … يخوض غمار الموت غير محاذر
يشيد له ما عاش مجداً مؤثلاً … ويبقي له في الفخر ذكراً لذاكر
إذا كنتَ مِمَّنْ عظّم الله شأنه … فثمِّر ألى الأمر العظيم وبادر
وإنّي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن … إلى حكم دهر يا أميمة جائر
مضت مثل ماضي الشفرتين عزيمتي … وحلَّق في جوّ الأُبوّة طائري
لئن أنكر الغمر الحسود فضائلي … وأصبحَ بالمعروف أوَّلَ كافر
فتلك برغم الحاسدين شواردي … يسير بها الساري وتلك نوادري
فما عرفتْ منّي مدى الدهر ريبة ٌ … ولا مَرَّ ما راب الرجال بخاطري
وما زلت مذ شَدَّتْ يدي عَقْد مئزري … بعيدَ مناط الهمّ عفَّ المآزر
صفوتُ فلم أكدر على من يودّني … ولا يتقي من قد صحبتُ بوادري
وكم مشمخر أنفُه بغروره … يرى نفسه في الجهل جمَّ المآثر
جدعتُ بحول الله مارنَ أنفهِ … وأوطأتُ نعلي منه هامة صاغر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها … وفازت بما حازته أمُّ المُخاطر
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصب … تتوق له نفسي حنين الأباعر
إلى موقفٍ بين الأسنّة والظبا … ومنزلة ٍ بين القنا المتشاجر
يكثّر فيه الموت عن حدّ نابه … وتغدو المنايا داميات الأظافر
ترفعت عن قوم إذا ما خبرتهم … وجدتُ كباراً في صفات الأصاغر
أخو الحزم من لم يملك الحرصُ رقَّه … ولا ينتج الآمال من رحم عاقر
شديدٌ على حرب الزمان وسلْمِه … جريءٌ على الأخطار غير محاذر
خُلِقْتُ صبوراً في الأُمور ولم أكنْ … على الضَّيم في دار الهوان بصابر
إذا ما رأيت الحيَّ بالذلّ عيشه … فأولى بذاك الحيّ أهل المقابر
ألا إنَّ عُمر المرءِ ما عاش طوله … كطيف خيال أو كزورة زائر
تمرّ الليالي يا سعاد وتنقضي … وتمضي بباقٍ حيث كان وبائر
فكيف يعاني الحرُّ ما لا يسرُّه … ويأمنُ من ريب الزمان بغادر
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثل واقف … على غرّة ٍ بالموسيات الصواهر
أزيد على رزء الحوادث قسوة … وإنَّ معاناتي بها غير ضائر
كما فاح بالطيب الأريج وضوّعت … شذا المندليَّ الرطبَ نارُ المجامر
أرانا سليمان الزهيرُ وقومه … رجال المنايا فتك أروع ظافر
يريك بيوم الجود نعمة منعمٍ … ويوم الوغى واليأس قدرة قادر
يسير مواليه بعزٍّ وسؤدد … ويرجع شاتيه بصفقة خاسر
لقد ظفِرت آل الزهير بشيخها … بأشجع من ليث بخفّان خادر
يشقّ إلى نيل المعالي غبارها … ومن دونها إذ ذاك شقّ المرائر
فذا سيفه الماضي فهل من مبارز … وذا فخره العالي فهل من مفاخر
ففي الحرب إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ … تدور على فرسانها بالدوائر
تحفّ به من آل نجد عصابة … شبيهة ما تأتي به بالقساور
وكم برز الأعداء في حومة الوغى … وثغر الردى يفتر عن ناب كاشر
فأوردها بالمشرفيّة والقنا … وارد حتف ما لها من مصادر
وكم أنهلَ الوّاردَ منهلَ جودِهِ … فَمِنْ واردٍ تلك الأكُفِّ وصادر
ألا إنَّ أبناء الزهير بأسرهم … أوائلهم متلُوَّة ٌ بالأواخر
سلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا … وما كان منهم في العصور الغوابر
فهم شيدوها في صدورهم عليَّ … وهم أورثوها كابراً بعد كابر
أكابرُ يعطون الرئاسة حقّها … ومعروفهم يسدى لبرٍّ وفاخر
وما برحت في كل مكرمة لهم … مناقب تورى بين بادٍ وحاضر
قد کستودعت أخبارُ ما فتكت لهم … صدور المعالي في بطون الدفاتر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا … ومن فاز في تعظيم تلك المشاعر
بأنَّ سليمان الزهير محلُّه … محلٌّ سما فوق النجوم الزواهر
يقرّ لعيني أن ترى منه طلعة ً … ترى العين فيها قرة ً للنواظر
فأسمعُ منه ما يشنّف مسمعي … وأنظر فيه ما يروق لناظري
كريم أكاسير الغنى بالتفاته … فهل كان إلاّ وارثاً علم جابر
يصحّ مزاج المجد في رأي حاذق … طيب بأدواء الرئاسة قاهر
يمرّ بنادي الأكرمين ثناؤه … كما مرّ نجديُّ النسيم بعاطر
وقد نطقت في مدحه ألسُنُ الورى … فمن ناظمٍ فيه الثناء وناثر
أحامي الحمى بالبأس ما ينوبه … وصنديدها المعروف بين العشائر
إليك من الداعي لك الله مدحة … مقدَّمة ً من حامد لك شاكر
فلا زلت في رزق الأسنة تحتمي … وتحمي بحدّ البيض سود الغدائر