أَلَمَّتْ وَدُوني رامَة ٌ فَكَثِيبُها … يَنُمُّ على مَسْرَى البَخيلَة ِ طِيبُها
وَفَوْقَ الغُرَيْرِيَّاتِ أعْناقُ فِتْيَة ٍ … يَشُدُّ طُلاها بِالرِّحالِ دُؤُوبُها
وَأَنَّى اهتَدَتْ، وَاللَّيلُ داجٍ وَدُونَها … حُزونُ البِطاحِ مِنْ مِنى ً وُسهوبُها
وَزارَتْ فَتى ً نِضْوَ السِّفارِ تَطاوَحَتْ … بهِ نُوَبٌ تَطْغى عليهِ خُطوبُها
وما رَاَقَبَتْها عُصْبَة ٌ عامِرِيَّة ٌ … تُزَرُّ على أُسْدِ العَرينِ جُيوبُها
فَإنَّ نَسيمَ العَنْبَرِ الوَرْدِ إنْ سرَتْ … إلينا، وَوَسْواسُ الحُلِيِّ، رَقيبُها
وَللهِ عَيْنٌ تَمْتَري دَمْعَها النَّوى … وَنَفْسٌ يُعَنِّيها الهَوى وَيُذِيبُها
وَكُنْتُ إذا الأَيْكِيَّة ُ الوُرْقُ غَرَّدَتْ … أَخَذْتُ بِأَحْناءِ الضُّلوعِ أُجِيْبُها
وَإِنْ خَطَرَتْ وَهْناً صَباً مَشْرِقِيّة ٌ … على كَبدي هاجَ الغَرامَ هبوبُها
وَإِنّي لأَسْتَنْشِى الرِّياحَ فَرُبَّما … تَجيءُ بِرَيّا أُمِّ عَمْروٍ جَنُوبُها
وَأَنْشَقُ منها نَفْحَة ً غَضَوِيَّة ُ … وَلي عَبَراتٌ ما تَجِفُّ غُرُوبها
أعَلِّلُ نَفْساً بِالعِراقِ مَريضة ً … وَلَكِنْ بِأَكْنافِ الحِجازِ طَبيبُها
فهلْ عَلِمَتْ بِنْتُ الحُوَيْرِثِ أنَّني … مُقيمٌ على العَهْدِ الّذي لا يَريبُها
وَمُخْلِسَة ٌ مِنْ رَوْعَة ِ البَيْنِ لِمَّتي … أَقَبْلَ الثَّلاثينَ اسْتَنارَ مَشيبُها
وما نَهْنَهْتْني دونَها خَشْيَة ُ الرَّدَى … وَهَلْ هِيَ إلاّ مُهْجَة ٌ وَشَعُوبها
ولا خِفْتُ أَنْ يَسْتَغْوي البِيدُ ناظِري … فَإنّي إذا ما اغْبرَّتِ الأرضُ ذِيبُها
وَبِيضٍ أُرَوِّيها دَماً عِنْدَ مَأْزِقٍ … بِهِ تَشْهِدُ الهَيْجاءُ أَنَّي شَبيبُها
وَشِعْرٍ كَنَوّارِ الرِّياضِ أَقولُهُ … إذا الكَلِماتُ العُورُ قامَ خَطيبُها
أُنيرُ وَأُسْدِي مَجْدَ أَرْوَعَ باسِمٍ … على حينِ يَلْوي بِالوُجوهِ قُطوبُها
تَصوبُ بِكَفَّيْهِ شَآبِيبُ نائِلٍ … إذا السَّنَواتُ الشُّهْبُ مارَ ضَريبُهَا
وَيَخْلُفُ أَنْواءَ الرَّبيعِ إذا كسا … سَنامَ الحمى بُرْدَيْ عَديمٍ نُضوبُها
أَخُو هِمَمٍ مَشْغوفَة ٍ بِمَكارِمٍ … يَروحُ إلى غاياتِهِنَّ عَزيبُها
وَيَقْصُرُ عَنْها المَدْحُ حتى كأَنَّنا … إذا نَحْنُ أَثْنَيْنا عليها نَعيبُها
أَطلَّ على الأكفاءِ تَغْلي صُدورُهُمْ … على حَسَدٍ تفترُّ عَنْهُ نُدوبُها
وَصاغَتْ لهُ في كُلِّ قَلْبٍ مَحَبَّة ً … يَدُ بِالأيادي ثَرَّة ُ تَسْتَثيبُها
وَلَو أَضْمَرَتْ فيهِ العَداوَة َ أَنْفُسٌ … لَحَدَّثَ عن أَسْرارِهِنَّ قُلوبُها
إِليكَ أَبا حَسانَ أُزْجي رَكائِباً … لَها مِنْ رِحابِ الأَكْرَمينَ خَصيبُها
وَيُطْرِبُها الحادي بِمَدْحِكَ مَوْهِناً … فَتَخْدي وقد مَسَّ المَراخِي لُغوبُها
ولولاكَ لم أَطْرُقْ أَحاوِصَ عامِرٍ … ولا نَبَحَتْني في كُلَيْبٍ كَليبُها
فَيَمَّمْتُ أَخْوالي هِلالَ بْنَ عامِرٍ … وَاغِرْبَة ُ الحَيَّيْنِ شاجٍ نعيبُها
أُؤَمِّلُ أن أَلْقَى الخُطوبَ فَتنْثَني … نَوابيَ عن شِلْوي لَدَيْهِمْ نُيوبُها
فَمَعْذِرَة ُ الأَيّامِ مَقْبُولَة ٌ بِهِمْ … وَمَغْفورَة ٌ لِلنّائِباتِ ذُنوبُها