أُنَاشِدُ الغَيْثَ كَيْ تَهْمي غَوَادِيهِ … عَلى العَقيقِ، وإنْ أقْوَتْ مَغَانِيهِ
على مَحَلٍ أرَى الأيّامَ تَضْحَكُ عَنْ … أيّامهِ، واللّيَالي عَنْ لَيَاليهِ
عَهْدٌ منَ اللّهوِ، لمْ تُذمَمْ عَوَائدُهُ … يَوْماً، فتُنسَى، وَلمْ تُفْقَدْ بَوَادِيهِ
وَفي الحُلُولِ عَليلُ الطّرْفِ فاترُهُ، … لَدْنُ التّثَنّي، ضَعيفُ الخصْرِ واهيهِ
يُطيلُ تَسوِيفَ وَعْدي ثمّ يُخْلِفُهُ … عَمْداً، وَيَمْطُلُ دَيْنِي، ثمّ يَلوِيهِ
هلْ يُجْزَيَنّ ببَعْضِ الوَصْل باذِلُهُ، … أوْ يُعْدِيَنَّ على الهِجْرَانِ جازِيهِ ؟
وَهَلْ تَرُدّينَ حِلْماً قَدْ تَخَوّنَهُ … لَكِ التّصَابي، فَما يُرْجَى تَلافيهِ
لَوْلا التّعَلّقُ منْ قَلْبٍ يُبَرِّحُ بي … لَجَاجُهُ، ويُعَنّيني تَماَدِيهِ
ما كانَ هَجْرُكِ مَكرُوهاً أُحَاذِرُهُ، … وَلاَ وِصَالُكِ مَعْرُوفاً أُرَجّيهِ
بَنُو ثَوَابَةَ أقْمَارٌ، إذا طَلَعَتْ، … لمْ يَلبَثِ اللّيلُ، أنْ يَنْجابَ داجيهِ
كُتّابُ مَلْكٍ تَرَى التّدبيرَ مُتّسِقاً … برَأيِ مُخْتَارِهِ منْهُمْ، وَمُمْضِيهِ
يَقْفُونَ هَدْيَ أبي العَبّاسِ في سَنَنٍ، … يَرْضَاهُ سامعُهُ الأقصَى، وَدََانِيهِ
نَغدو، فإمّا استَعَرْنا من مَحَاسنهِ … فَضْلاً، وَإمّا استَمَحْنا من أياديهِ
بَرّزَ في السّبْقِ حَتّى مَلّ حاسدُهُ … طُولَ العَنَاءِ، وَخَلاّهُ مُجارِيهِ
مَتَى أرَدْنا وَجَدْنَا مَنْ يُقَصِّرُ عَن … مَسْعَاتهِ، وَفَقَدْنا مَنْ يُدانيهِ
رأى التّوَاضُعَ والإنصَافَ مَكرُمَةً، … وإنّمَا اللّؤمُ بَينَ العُجبِ والتّيهِ
كأنّ مَذْهَبَهُ في الحَمْدِ من مِقَةٍ … لَهُ، وَمَيْلٌ إلَيْهِ مَذْهَبي فيهِ
مُحَبَّبٌ في جَميعِ النّاسِ إن ذُكرَتْ … أخْلاَقُهُ الغُرُّ، حتّى في أعَادِيهِ
كَمْ حَاسدٍ لأبي العَبّاسِ مُشتَغِلٍ … بنعمَةٍ، في أبي العَبّاسِ، تُشجيهِ
يَرُومُ وَضْعاً لَهُ، والله يَرْفَعُهُ، … وَيَبْتَغي هَدْمَهُ، وَالله يَبْنيهِ
وَبَاخِلينَ سَلَوْنا عَن نَوالهمُ … سُلوَانَ صَبٍّ تَمادى هَجرُ مُصْبيهِ
تَكُفُّنَا عَنهُمُ نُعْمَى فتًى شَرُفَتْ … أخلاقُهُ، وَطَمَا بالعُرْفِ وادِيهِ
إنْ يَمْنَعُونَا فإنّ البَذْلَ منْ يَدِهِ … أوْ يَكْذِبُونَا فإنّ الصّدْقَ من فيهِ
مُوَفَّرُ القَدْرِ لمْ تُغْمَضْ مَهابَتُهُ، … وَنَابِهُ الذّكرِ لمْ تُغْضَضْ مَساعيهِ
عَادَى خُرَاسَانَ حَتَّى ذَلَّ رَيِّضُهَا … بِالرَّأْي يَختَارُهُ والعَزْمِ يُمْضِيهِ
أوْلى الكتَابَةَ تَسديداً أقَامَ بهِ … منْهَاجَهَا، وَقَدِ اعوَجّتْ نَوَاحِيهِ
غَضُّ الأمانَةِ فيهَا من تَنَزُّههِ، … وأبْيَضُ الثّوْبِ فيها منْ تَوَقّيه