أراكَ مُستعجـلاً يا حاديَ الإبـلِ … فاصبرو إن خُلِقَ الانسانُ من عَجَلِ
واقرَ السلامَ على غمرٍ تحلُّ بهِ … من ماءِ عَيني ولا تقرأ على الوشَلِ
وإن نظرتَ إلى العيسِ التي قَلقـتْ … للظاعنينَ فلا تسكن إلى عذل
أجني وأحتالُ في تزويرِ معذرة ٍ … والعجزُ للمرءِ ليسَ العجزُ للحِيَلِ
وقفتُ والشوقُ يبليني على طللٍ … كأنّني طَللٌ بـالٍ على جملِ
سرّحتُ في جوِّها الأنفاسَ فالتقطت … نسيمَ ريّـا وأهدتْـهُ إلى عِلَـلي
أرض مكرمة لم يؤذِ تربتها … إلاّ تَسَحّبُ أذيـالٍ منَ الحلـلِ
شتى اللغاتِ فقل في هاتف غردٍ … أو صاهلٍ جَرِسٍ أو باغمٍ غـزِلِ
ما زالَ مِنها قلوبُ النـاسِ عاثرة ً … من لطخِ غالية ِ الأصداغِ في وَحَلِ
شيدت عليها قبابُ الحي فاتقدت … أن البقاعَ لها قسطٌ منَ الدولِ
إذا الغبارُ مـنَ الفُرسانِ سارَ بِهـا … قالوا: أتشكرُ نعماهُ ؟ فقلتُ: أجلْ
دار التي حليت بالحسنِ عاطلة … فوسْوسَ الحليُّ من غيظٍ عـلى العطلِ
بيضاء مُرهفة سُلّـتْ على كبدي … وأغمدت من سجوفِ الخزِّ في كلل
كالظبي لولا اعتلالٌ في نواظرها … والظبيُ لا يشتكي من عارضِ العِللِ
وقد يقالُ لمصْحاحِ الرِّجالِ به … داءُ الظباء ، كذا يروونَ في المثلِ
شفاهُها كيفَ لا تَخلو وقد خَزنت … ذخيرة َ النحـلِ في أُنقوعة ِ العَسلِ
ينالُ مَن يَشتهي مـاءَ الحياة بهـا … ما كان مِن قَبلُ ذو القَرنينِ لم يَنَلِ
كم طافَ بي طيفها والأفقُ مستترٌ … بذيلِ سجفٍ منَ الظلماءِ منسدلِ
أنى تيسرَ مسراها وقد رسفت … من الذوائب طولَ الليلِ في شكلِ
وكيف خفت إلى المشتاق نهضتها … والثقلُ يقعدها من جانب الكفلِ
تأوي إلى حفرة ِ الكدري آونة … وتارة ً تَرتقي في سُلّم الحِيَلِ
لمّا أحسّتْ بأسفارِ النّوى ونأتْ … عني بحرِّ حشاً يخيفهِ بردُ حلي
يا حبّذا هو من ضيفٍ وهبتُ له … سمعي وعيني إبدالاً من النزلِ
وأزعجتها دواعي البينِ وانكمشت … تَسري وفي مُقلتيها فَتْرة ُ الكسَلِ
فرشت خدَّي لِمَمْشاها وقلتُ لها: … أخشى عليك الطريقَ الوعرَ فانتعَلي
سَقياً لها ولركب رُزَّحٍ نَفَضوا … باقيها نطوعَ الأينقِ الذللِ
جابُوا الفلاة َ وأغرتْهم بها هِمَمٌ … خلقنَ كلا على السفارِ والرحلِ
فجاوزوا كنسَ آرامٍ يحصنها … ضراغمُ الروعِ في غابِ القنا الذبلِ
من بعدِ ما كبوا ملكَ المطية ِ في … بحرِ السرابِ وحثوها بلا مهلِ
أعجب بفلكٍ لها روحٌ يغرقها … مخاضة الآلِ في مـاءٍ بلا بَلَـلِ
والجَدُّ نُهزة ُ ذي جدٍّ يطيرُ إلى الْـ … أَكوارِ عندَ وقوعِ الحادثِ الجَلَلِ
يَغشى الفَلا والفَيافي والمطيُّ لهـا … ضربانِ من هَزَجٍ فيهـا ومن رَمَلِ
حتى تُقَرِّبَ أطنـابَ الخيـامِ إلى … منجى اللهيفِ وملجا الخائفِ الوجلِ
فتى محمد الراوي المكارمَ من … عيسى أبي الحسنِ الشيخِ العميدِ علي
فمن زمامٍ إلى مغناهُ منعطفٍ … ومن عنانٍ إلى مأواهُ منفتلِ
آثارهُ نسخت أخبارَ من سلفوا … نسخَ الشّريعة ِ للأديـانِ والمِلَلِ
يولي الجميلَ وصرفُ الدهر يقبضُ من … يديهِ والفحلُ يحمي وهو في العقلِ
تصرفت سائلوهُ في مواهبهٍ … تصرفَ النفرِالغازينَ في النفلِ
أردتُ أُحصي ثنايـاهُ فغالطَـني … وقال : أحصِ ثناء الرائحِ الزجلِ
كذا ابنُ عمرانَ نادى ربهُ : أرني … أنظر إليك ، فقالَ : انظر إلى الجبلِ
إن خط خاطَ على قرطاسه حللاً … يُهدي بهِ الوشيَ للأحيـاءِ والحِللِ
وإن ترسلَ أدى سحرهُ خدعاً … يصفي إليهنَّ سمعُ الأعصمِ الوعلِ
وإن تكلَّم زلَّ الدرُّ عن فمِهِ … في حجره وهو معصومٌ عن الزللِ
وإن تقلّدَ من ذي إمـرة ٍ عمـلاً … وجدتَهُ علمـاً في ذلـك العمَلِ
وإن تفحّصَ أحوالَ النّجومِ درى … ما حم من أجلٍ في الغيبِ أو أملِ
كأنّهُ شعـرة ٌ في لقمـة ِ الخَجِلِ … لو مُد لي طوَلٌ مُرخى ً منَ الأجَلِ
وما نسيتُ ولا أنسى اعتصامي من … جواره بُعراً الأسبابِ والوُصَـلِ
إذا التقيتُ بهِ في موقفٍ شرقت … منه الشعابُ بسيلِ الخيلِ والخولِ
ولم أكن عالماً قبلَ الحلولِ بهِ … أنيَّ أرى رجلاً في بُردَتَيْ رَجُلِ
يا ضائراً نافعاً إن ثـارَ هائِجُـهُ … أسالَ مهجة َ أقوامٍ على الأسَلِ
يُذيقُهم تـارة ً من خُلقهِ عَسَلاً … حلواً وطوراً يديفُ السمَّ في العَسَلِ
خذْها أبـا حَسَنٍ غـراءَ فائقـة ً … وَلَتْ وجوهَ الملوكِ الصيِّدِ من قبلي
أكثرتُ فيهـا ولم أهجرْ بلاغتَـهُ … وليسَ كثرة ُ تكثـيري من الفَشَلِ
إذا تمنت سواها أن تضاهيها … خابَت وما النّجَلُ الموْموقُ كالحوَلِ
أفادَها خاطري بـينَ الورى خطراً … وصاغها خلدي من غيرِ ما خللِ
وينشقُ الورد منها كلُّ منغمس ٍ … في اللهوِ نَشوانَ في ظلِّ الصبا جذلِ