أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ … أمِ النَّفسُ ذائبة ٌ تقطرُ
دعوا بالرَّحيلِ فمستذهلٌ … أضلَّ البكاءُ ومستعبرُ
وقالوا الوداعُ على رامة ٍ … فقلتُ لهم رامة ُ المحشرُ
وأرسلتُ عيني بالأنعمينِ … لتبصرَ لو أنَّها تبصرُ
فما حملتْ خبراً يستطا … بُ إلاَّ الَّذي كذبَ الخبرُ
وعنَّفني منذرٌ خاليا … ألفتَ وفورقتَ يا منذرُ
وقالوا تحمَّلْ ولو ساعة ً … فقلتُ لهم مدَّتي أقصرُ
ولكنْ تطاللْ بعينِ النَّصيحِ … لعلَّكَ مستشرفاً تنظرُ
أجنب الغضا يقبلونَ الرِّكا … بَ أمْ عرعراً قالَ بلْ عرعرُ
فلا تذكرونَ لقلبي السُّلوَّ … إنْ كانَ ذاكَ كما يذكرُ
سقى اللهُ ما كرمتْ مزنة ٌ … وما وضعتْ حاملٌ معصرُ
وحنَّتْ فدرَّتْ على أرضها … سماءٌ تبوحُ بما تضمرُ
ملاعبنا بالحمى والزَّ … نُ أعمى وليلُ الصِّبا مقمرُ
وعصرُ البطالة ِ مثلُ الرَّبيعِ … حياً أبيضُ وثرى ً أخضرُ
وظبية ُ جارٌ إذا شاءَ زا … رَ لا تستريبُ ولا تحذرُ
إذا لذَّتُ اليومِ عنّا انطوتْ … وثقنا بأخرى غداً تنشرُ
وفي الحيِّ كلُّ هلاليَّة ٍ … هلالُ السَّماءِ بها يكفرُ
تذلُّ على عزِّها للهوى … وتسبى وأنصارها حضَّرُ
تسيلُ الأسنَّة َ منْ دونها … ونحنُ على سرِّها نظهرُ
فذاكَ وهذا لو أنَّ الزَّمانَ … إناءٌ إذا راقَ لا يكدرُ
تلوَّنَ في صبغِ أيَّامهِ … تلُّونَ ما نسجتْ عبقرُ
فيومٌ تعرُّفهُ غفلة ٌ … ويومٌ تجنُّبهُ منكرُ
يجدُّ ويبلى فطوراً غريبٌ … وطوراً يسدُّ الَّذي يعورُ
وحاجة ِ نفسٍ سفيرُ الرَّجا … ءِ يوْرِدُ فيها ولا يصْدرُ
تكونُ شجى ً دونَ أنْ تنقضي … وبابُ القضاءِ بها أعسرُ
بردتُ لساني أنْ أشتكي … أذاها وصدري بها يزفرُ
وعهدٍ رعيتُ وذي ملَّة ٍ … وصلتُ منَ الحقِ ما يهجرُ
أردتُ بقيَّتهُ فانعطفتُ … عليهِ وجانبهُ أزورُ
سها فتناسى حقوقي علي … هِ وهو على سهوهِ يذكرُ
أبالحقِ تهدمني بالجفاءِ … وأقطارُ عرضكَ بي تعمرُ
وتشربُ ظلمي مستعذباً … وظلمي ممرُّ الجنا ممقرُ
سأضربُ عنكَ صدورَ المطيِّ … وفي الأرضِ مغنى ً ومستمطرُ
نوازعُ تقمحُ وردَ الهوان … فتطمحُ تسهلُ أو توعرُ
وأنَّ لها في رجالِ الحفاظِ … مراداً إلى مثلهِ تزجرُ
وفوقَ ثنايا العلا أعينٌ … يهشُّ إليها ويستبشرُ
وفي جوِّ عجلٍ إذا أعتمتْ … وضلَّتْ نجومُ هدى ً تزهرُ
وأفنية ٌ تقبضُ الوافدينَ … إذا رفعتْ بينهمْ كبَّروا
يفيءُ لهمْ ظلُّها بالهجيرِ … وتأرجُ طيباً إذا أسحروا
متى تردِ الماءَ بالزّابيينِ … وترعى صريفينَ أو تعبرُ
تخضْ في جميمٍ يعمُّ السَّنام … وينصفهُ العنقُ المسفرُ
وتكرعُ منبسطاتِ الرِّقا … بِ لا يردُ النَّاسَ أو تصدرُ
ولراكبيها القرى والحمى … ورفدٌ يطيبُ كما يكثرُ
ومعقورة ٌ واجباتُ الجنوبِ … صفايا وفهَّاقة ٌ تهدرُ
فزاحمْ بها اللّيلَ حتَّى تكونَ … لها الصَّادعات لهُ الفجَّرُ
مواقرُ بالحاجِ تبطنُ حي … ثُ تطرحُ أثقالها الأظهرُ
فلا يعطفنَّكَ عنْ همَّة ٍ … هممتَ بها بارحٌ يزجرُ
فلا الجدُّ يدفعهُ أعضبٌ … ولا الحظُّ يصرفهُ أعورُ
ولا أنتَ رامٍ بها جانباً … يشطُّ ولا نيَّة ً تشطرُ
وعندَ أبي القاسمِ المكرما … تُ تنمي وأغصانها تزهرُ
كريمٌ يرى أنَّهُ بالملا … مِ يقذعُ أو بالغنى يفقرُ
إذا استأثرَ اللهُ بالمنفساتِ … منَ المالِ فهو بها مؤثرُ
يهينُ الحياة َ بحبِّ الفناءِ … وكفَّاهُ في حسبٍ يغمرُ
ويعطى عطاءَ ابنَ عيسى ابنهُ … وما بينَ بحريهما أبحرُ
فهذا يجودُ على فقرهِ … وذاكَ على جودهِ موسرُ
ففي الضَّيمِ عنهُ فؤادٌ أصمُّ … إذا قطرَ الصَّخرُ لا يقطرُ
وأنفٌ يجيشُ بهِ منخراه … إذا سدَّ في آخرٍ منخرُ
ونفسٌ إذا العيشُ كانَ اثنتين … علاً تقتنى وغنى ً يؤثرُ
مضتْ في سبيلِ الأشقِّ الأعزِّ … ولمْ يصبها الأروحُ الأصغرُ
ويومٍ منَ الدّمِ ساعاتهُ … قميصُ النَّهرِ بهِ أحمرُ
تبطِّنهُ خائضاً نقعهُ … يقلَّصُ عنْ ساقهِ المئزرُ
حميّة ُ من لا تنامَ التِّرا … تُ خلفَ حشاهُ ولا تهدرُ
وضوضاء قطَّرَ بالمفحمي … نَ ظهرُ مطيَّتها الأزعرُ
تخلَّصها فمهُ فانجلتْ … كمافارقَ الصَّدفَ الجوهرُ
فوترٌ مضاعٌ بهِ يستقادْ … وفضلٌ مذارٌ بهِ ينصرُ
إذا قالَ فاعقدْ خيوطَ التَّميم … عليكَ فألفاظهُ تسحرُ
ويا تاركَ الخمرِ لا تأتهِ … فإنّ خلائقهُ تسكرُ
يريكَ بظاهرهِ غادة ً … تزمُّ حياءً وتستخفرُ
وفي فهمهِ لكَ نضناضة ٌ … خدورٌ وفي درعهِ قسورُ
تعطَّرَ منْ طيبهِ المجدُ عنهُ … وعنْ قومهِ الأطيبُ الأطهرُ
ملوكٌ قديمهمْ كالحديث … وبالفرعِ يعرفُ ما العنصرُ
وما أخلفوا أنْ يحلِّي الزَّما … نَ منهمْ أميرٌ ومستوزرُ
وقاضٍ ينفِّذُ أحكامهُ … إذا أمرَ النَّاسَ لا يؤمرُ
همُ لعشيرتهمْ كالسَّما … ءِ كلُّ الَّذي تحتها يصغرُ
لهمْ كأسُ نشوتها بالعشيِّ … وخيلُ الصَّباحِ إذا استذعروا
وفيهمْ مرابعها والصف … يُّ والقدحُ إنْ علِّي الميسرُ
وما سارَ منْ ذكرها في السَّماح … فهم ريَّشوهُ وهمْ طيَّروا
مضوا سلفَ المجدِ واستعمروا … ديارَ العلا سعى منْ أخَّروا
وقدْ علموا بابنهمْ يومَ را … شَ أن رمائمهم تنشرُ
وما هبة ُ اللهِ إلاَّ المدا … مُ منْ مثلِ كرمهمُ تعصرُ
فلا عصمُ سوددهم بالقنا … يُحلُّ ولا عودهمْ يقشرُ
ومنتحلٍ سمة َ الفاضلي … نَ والفضلُ منْ شكلهِ ينفرُ
تقلّدَ فيما ادَّعى غيرهُ … هوى ً وهوَ في اللؤمِ مستبصرُ
رآكَ كملتَ فظنَّ الكمالَ … لكلِّ فتى ً رامهُ يقدرُ
ولم يدرِ أنَّ الحجا متعبٌ … ولا أنَّ حبَّ العلا مفقرُ
حلتْ نومة ُ العجزِ في عينهِ … فلمْ يدرِ ما فضلُ منْ يسهرُ
لكَ الخيرُ فاسمع فإنَّ الحدي … ثَ يقتَّصُّ ثمَّ لهُ منشرُ
يهبُّ شراراً ويمشي على السُّ … روحِ فتلهبُ أوْ تسعرُ
ولا ترعني سمعَ خالي الضُّلو … عِ ممّا أجنُّ وما أظهرُ
فغيركَ منْ لا أبالي بما … شكوتُ أيسمعُ أو يوقرُ
وغيرُ حياضكَ مالاأحومُ … عليهِ ولو أنَّهُ الكوثرُ
إلامَ تحرِّمُ شعري بكمْ … يضيعُ وذمَّتهُ تخفرُ
ويمطلَ ديني ودينِ الوفا … ءِ تاركهُ عندكمْ يكفرُ
وللمطلِ والصَّبرِ وقتٌ يحدُّ … فكمْ تمطلونَ وكمْ أصبرُ
ألمْ تعلموا أنَّني ما بقي … تُ أنظركمْ ثمَّ لا أنظرُ
أذمُّ زماني وبي حاجة ٌ … إلى القولِ شاهدها يحضرُ
وأرسلُ منْ رسنَ الإقتضاءِ … أواناً أعرِّضْ أو أذكرُ
فلا بالشِّكاية ِ ممَّا أبو … حُ أحظى ولا بالّذي أسترُ
وقدْ كنتُ أشكو وأيَّامكمْ … جعادٌ وعامكمُ أغبرُ
وأعذرُ والخالُ فيما أرو … مُ عنْ قدرِ همَّتكمْ تقصرُ
فكيفَ وقدْ أمطرتْ أرضكمْ … وأفعمَ واديكمُ أعذرُ
وأمرُ البلادِ ورزقُ العباد … إليكمْ وعنْ مثلكمْ يصدرُ
قدرتمْ فمنُّوا فكمْ ليلة ٍ … سهرتُ إلى اللهِ أنْ تقدروا
فما في الحميّة ِ أنْ يمنعَ ال … ملىء ُ وذو حقّهِ معسرُ
دعوناكمْ منْ وراءِ التي … لسانُ البليغِ بها يحصرُ
وعنْ خلَّة ٍ باطنٍ داؤها … تجمَّلُ بالصَّمتِ أو تسترُ
مكحَّلة ٍ خشنٍ مسَّها … إلى أكلنا فمها يغفرُ
يعزُّ على المجدِ والمكرما … تِ أنَّا بأنيابها نعقرُ
ونحنُ منَ الدَّهرِ بلْ منكمُ … بما سدَّ خلَّتنا أجدرُ
شموسٌ ببغدادَ منكمْ تضيء … ونحنُ بأقسامنا نعثرُ
وبالجزعِ فالمنحنى من دجيلٍ … سحابٌ على غيرنا يهمرُ
ونحنُ نظنُّ بأيّامكم … كما ظنَّ بالثمرِ المؤبرُ
فهلْ فيكمُ وبلى فيكمُ … فتى ً يصرخُ الفضلَ أو ينصرُ
فيذكرُ منْ حقِّنا ما نسي … ومثلُ أواصرنا يذكرُ