يا مُشرِقَ البحرِ الخِضَمِّ بمائِهِ … إسْلَمْ فقدْ هلَكَ الحَسودُ بدائِهِ
أَلْحَامِلَ الْعِبْءَ الثَّقِيلَ بِكَاهِلٍ … قُلَلُ الْهِضَابِ الشُّمُّ مِنْ أَعْبَائِهِ
ومُنيرَها رأْدَ النهارِ وقدْ دجَتْ … بِثَوَاقِبِ الْعَزَمَاتِ مِنْ أَرْآئِهِ
ومُبيدَ شَملِ المالِ حتى خِلتَهُ … أَمسى يُنافسُهُ على عَلْيائِهِ
لَمَّا طَمَا بَحْرُ الْعِرَاقِ مُزَمْجِراً … ثانية ً مُتَخَمِّطاً بغُثائِهِ
ألقى على الأرضِ الفضاءِ جِرانَهُ … حَتَّى کلْتَقَتْ حِيتَانُهُ بِظِبَائِهِ
وَرَمَى التِّلاَعَ بِمِثْلِهَا مِنْ مَوْجِهِ الْـ … ـطَّامِي وَغَادَرَ أَرْضَهُ كَسَمَائِهِ
يطأُ الشواهقَ والإكامَ بخَطْوِهِ … ويَجُرُّ بالبَيداءِ فضْلَ رِدائِهِ
أخجلَتْهُ بنَوالِك الغَمْرِ الذي … غَمَرَ الْبِلاَدَ فَجَاشَ لاِسْتِحْيَائِهِ
حَتَّى لَقَدْ ظَنَّ الْعَدُوُّ بِجَهْلِهِ … مما رأى أنْ لستَ من أَكْفائِهِ
أردَيْتَهُ بالرأيِ قبلَ نِزالِهِ … وقذفْتَهُ بالرُّعبِ قبلَ لِقائِهِ
وَرَدَدْتَهُ وَزَئِيرُ بَأْسِكَ خَارِقٌ … سمْعَيْهِ من قُدّامِهِ وورائِهِ
وَلَّى عَلَى الأَعْقَابِ يَجْمَعُ نَفْسَهُ … كَالأُفْعَوَانِ کنْسَلَّ مِنْ خِرْشَائِهِ
يا بحرُ كيفَ طلبْتَ شأْوَ محمّدٍ … مَهْلاً فَلَسْتَ الْيَومَ مِنْ نُظَرَائِهِ
هذا الذي أمسى الأنامُ بجُودِهِ … أَسْرَى وَظَلُّوا الْيَوْمَ مِنْ طُلَقَائِهِ
فهمُ وقد حضرَ النفوسَ حِمامُها … عُتَقَاؤُهُ وَهُمُ عَبِيدُ عَطَائِهِ
إنْ يكفروكَ فلستَ أوّلَ مُنعِمٍ … نَالَتْ يَدُ الْكُفْرَانِ مِنْ نِعْمَائِهِ
يَا مَنْ يُطَارِحُهُ الْعَلاَءُ تَحَذِّياً … بِفِعَالِهِ وَتَشَبُّهاً بِسَخَائِهِ
ما أنتمُ ممّنْ يسُدُّ مَسَدَّهُ … يَوْماً وَلاَ تُبْلُونَ مِثْلَ بَلاَئِهِ
أنّى لكمْ بوَقارِهِ وسَدادِهِ … وَوَفَائِهِ وَإبَائِهِ وَمَضَائِهِ
يا من كَفاني رَيبَ دهري أنّني … أمسَيْتُ بينَ الناسِ من شُعرائِهِ
ضَاهَيْتَ نُوحاً فِي النَّجَاة ِ بِفُلْكِهِ … وَشَرِكْتَ رُوحَ اللَّهِ فِي إحْيَائِهِ
مُتَقَيِّلاً كِسْرى وليسَ بمُنكَرٍ … لَكَ مَا أَتَيْتَ وَأَنْتَ مِنْ أَبْنَائِهِ
مَا مَاتَ مَنْ أَصْبَحْتَ وَارِثَ مَجْدِهِ … يَوْماً وَلاَ مَنْ كُنْتَ مِنْ خُلَفَائِهِ
فَهَنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَطِيَّة ٌ … للهِ منكَ تُعَدُّ من آلائِهِ
دافعْتَ دونَ حَريمِهِ وبلادِهِ … وَعِبَادِهِ وَحَمَلْتَ مِنْ أَعْبَائِهِ
لم يَدْعُ نصرَكَ في مَقامِ كريهة ٍ … إلاَّ وَقُمْتَ مُلَبِّياً لِدُعَائِهِ
فلَيَحْمِدَنَّ اللهَ ما أمسيْتَ منْ … أَعْضَاءِ دَولَتِهِ وَمِنْ خُلَصَائِهِ
آلَ المُظفَّرِ أنتمُ النجمُ الذي … لا يهتدي البازي بغيرِ ضِيائِهِ
فالمجدُ مُشرِقَة ٌ بكمْ هَضَباتُهُ … وَالْمُلْكُ مَنْصُورٌ عَلَى أَعْدَائِهِ
والدِّينُ مرفوعُ العِمادِ بمجدِهِ … وَبِتَاجِهِ وَسِهَامِهِ وَبَهَائِهِ
قومٌ إذا اعتلَّ الزمانُ فعندَهمْ … تَدْبِيرُ طَبٍّ عَارِفٍ بِدَوَائِهِ
وَإذَا السِّنُونُ تَتَابَعَتْ بِجُدُوبِهَا … جادُوا وقد بخِلَ السَّحابُ بمائِهِ
يَفْدِيكُمُ فِي الْمَجْدِ كُلُّ مُقَصِّرٍ … في نفْسِهِ كَلٌّ على آبائِهِ
ما زِلتُمُ تُعطونَ وهْوَ مُبَخَّلٌ … حَتَّى لَهِجْتُ بِمَدْحِكُمْ وَهِجَائِهِ
فلْتَشْكُرَنَّكُمُ قوافي الشِّعرِ ما … اختلفَ الزمانُ بصُبحِهِ ومَسائِهِ