يا طيفُ أَلاَّ زُرتَنا بسَوادِ … لما ” تصرعنا ” حيالَ الوادي
ما كانَ ضرَّك والوُشاة ُ بمعزِلٍ … عنا جميعاً لو طرقتَ وسادي ؟
والرّيُّ فيكَ وقد صَدَدْتَ فقل لنا … منا علينا كيف ينقعُ صادِ ؟
من أجلِ أنّكَ تَسْتَبينُ على الكَرى … أهوى الرقادَ ولاتَ حين رقادِ
و الحبُّ داءٌ في القلوبِ سقامهُ … خافٍ على الرُّقباءِ والعُوّادِ
يا زورة ً من باخلٍ ” بلقائهِ ” … عجلتْ عطيتهُ على الميعادِ
تركَ البياضَ لآمنٍ وأتى بهِ … فَرَقَ الوشاية ِ في ثيابِ حدادِ
ولقد طرقتُ الخدْرَ فيه عقائلٌ … ما قِلْنَ إلاّ في ضميرِ فؤادي
لمّا وردتُ خيامَهُنَّ سَقَينني … من كلَّ معسولِ الرضاب برادِ
و مخضبِ الأطرافِ صدّ بوجههِ … لما رأى شيبي مكانَ سوادي
و الغانياتُ لذي الشبابِ حبائبٌ … و إذا المشيبُ دنا فهنّ أعادِ
شعرٌ تبدل لونهُ فتبدلتْ … فيهِ القلوبُ شَناءَة ً بودادِ
لم تَجنِهِ إِلاّ الهمومُ بِمَفْرَقي … و يخال ” جاء به مع الميلادِ “
ولقد تكلَّفني الوشاة ُ وأَفرجوا … عن جامحٍ متصاممٍ متمادِ
يلحَى العذولُ، وتلكَ منه سَفاهة ٌ … وفؤادُه في الحبِّ غيرُ فؤادي
حتى كأنّ له صلاحي في الهوى … دون الخلائقِ أو عليه فسادي
من مبلغٌ ملكَ الملوكِ رسالة ً … مِنْ رائحٍ بثنائهِ أو غادِ؟
كم زارني وأنا البعيدُ عن الندى … منْ سيبِ كفكَ من لهاً وأيادِ
عفواً كماانخرقَتْ شآبيبُ الحَيا … مِن غيرِ إبراقٍ ولا إرعادِ
نِعَمٌ غلبْنَ على المزيدِ فما تَرى … طَمعاً يجاوِزُهُنَّ للمُزْدادِ
لمّا كَثُرنَ عليَّ منك تبرُّعاً … وتفجُّراً كثَّرنَ مِن حُسَّادي
كنتُ المشمرَ قبلها ولبستها … فمشيتُ فيها ” ساحباً أبرادي “
متأطراً أشراً كزعزعة ِ الصبا … أفنانَ فرعِ الأيكة ِ الميَّادِ
و لأنتَ يا ملك الورى في معشرٍ … طالوا مدى الأنجادِ والأمجادِ
فاتوا الأنامَ وحَلَّقوا في شاهقٍ … عالٍ على الأعلامِ والأطوادِ
لا يتركون ذُرى الأسرَّة عزَّة ً … إلاّ إذا رَكبوا ظهورَ جيادِ
قومٌ إذا اشتجر القنا ورأيته … كالغابِ كانوا فيه كالآسادِ
وإذا مضتْ عَرَضاً أحاديثُ الوغَى … قَلِقَتْ سيوفُهُم من الأغمادِ
الضاربينَ القرنَ وهْوَ مُصمِّمٌ … بصوارمٍ بيضِ المتونِ حِدادِ
و الحاطمينَ غداة َ كلَّ كريهة ٍ … في الدَّارعينَ صدورَ كلِّ صِعادِ
و الراسخين وهضبُ يذبلَ طائشٌ … ” والمقفرين ” مكامن الأحقادِ
” وتراهمُ ” كرماً خلالَ نعيمهمْ … مُتَنصِّتين إلى غياثِ مُنادِ
سَعدَتْ بطالِعكمْ وبارك ربُّكمْ … فيما حَوى واديكُمُ مِن وادِ
ففناؤه مجنى المكارم واللها … و مجاثمُ الطلابِ والروادِ
للهِ درك نصبَ عورة ِ حادثٍ … حدباً ترامى دونها وترادى
والخيلُ دامية ُ الجلودِ كأنَّما … لُطِخَتْ على أجسادِها بجِسادِ
في ظهرِ روعاءِ الفؤادِ كأنها … نجمٌ تهور أوْ شرارُ زنادِ
و القومُ أعناقٌ بغيرِ كواهلٍ … حصدتْ وأجسامٌ بغير هوادِ
أمّا القلوبُ فهنَّ فيكَ أصادِقٌ … و لمن سواك مصادقٌ ومعادِ
ألفتهنَّ على الندى فتألفتْ … بدداً على الإثناءٍ والإحمادِ
و أنا الذي واليتُ فيك مدائحاً … كالشّمسِ طالعة ً بغيرِ بلادِ
يترنمّ الخالي بهنّ وربما … وَنَتِ الرِّكابُ فكنَّ حَدْوَ الحادي
يا لَيْتَهُنَّ عُرِضْنَ عندكَ من يدي … و سمعنَ حين سمعنَ من إنشادي
فامْنُنْ بتقريبٍ إليك أفُزْ بهِ … يا مالكَ التَّقريبِ والإبعادِ
فالخطّ عندك ” عصمتي ” ووثيقتي … و الرأيُ منك ذخيرتي وعتادي
و أحقُّ بالإدناءِ من حجراتكمْ … كلفٌ يوالي فيكمُ ويعادي
أنتمْ ملاذي في الخُطوبِ وأنتُمُ … إنْ زلَّ بالمكروهِ منه عِمادي
أوْ سعتمُ لما نزلتُ بكمْ يدي … وأَطبْتُمُ لمّا أضَفْتُمْ زادي
وأَريتموني بالمكارمِ أنَّني … لم أدرِ كيفَ خلائِقُ الأجوادِ
” سبلٌ ” من الأباءِ لما غيبوا … في الأرض عنه أقامَ في الأولادِ
فاسلمْ لنا ملكَ الملوكِ ولم تزلْ … تَبقَى على الدُّنيا بغيرِ نَفادِ
و اسعدْ بنيروزِ أتاك مبشراً … ببلوغِ كلِّ محبَّة ٍ ومُرادِ
يمضي ويأتيك الزمان بمثلهِ … أبداً يلفُّ مَراوحاً بمغادِ
لا رابَنا فيك الزَّمانُ ولم تَزَلْ … يَفْديكَ مِنّا كلَّ يومٍ فادِ
في عزِّ مُلكٍ كالثُّريّا مُرتقًى … شَثِنِ المرائِرِ ثابتِ الأوتادِ