هو البدر في فلك المجد دارا … فما غسق الخطب إلا أنارا
تجلى لنا فأرتنا السعود … غيوب المنى في سناه جهارا
وأوفى فكادت صوادي القلوب … تفوت العيون إليه بدارا
وحل فحلت جسام الفتوح … تبأى اختيالا وتزهى افتخارا
وحق له اليوم رق الكرام … طوعا ورق العداة اقتسارا
فيا رب غاية مجد شأوت … إلى فخرها معجزا أن تجارى
ومن يسم في ذروتي حمير … ويحتل من يمن الملك دارا
ينازع إلى شبه ذاك السناء … وتنح مساعيه ذاك النجارا
وحسب الخليفة إيثاره … لكم دون هذا الأنام اقتصارا
تنقاكما عامريين قاما … بأعبائه فاستجدا الفخارا
فلم يأل بحبوحة الملك حظا … ولا ادخر المسلمين اختيارا
رمى بك بحر الأعادي وأدنى … من الملك حاجبه مستشارا
فكان الحسام وكنت السنان … وكان الشعار وكنت الدثارا
ولألأ منه على الدين نورا … وأضرم منك على الشرك نارا
فأوليت نعماه في الله عزما … ترى النصر يقدمه حيث سارا
فصنت العلا وأبحت الندى … وحطت الهدى وحميت الذمارا
فأصبح سيفك للدين حصنا … وأمسى سنانك للثغر جارا
وفي شنت ياقب أوردتها … شوارب يبغين في البحر ثارا
فسرت هلالا تباري الهلال … إليها وبحرا يخوض البحارا
وشمسا تطلع بالمغربين … بحيث توافي ذكاء الغبارا
فما رمت حتى علت جانباها … بأيدي المذاكي عجاجا مثارا
تهب بها في الهواء الرياح … إما دخانا وإما غبارا
ولم يستطع ياقب نصرها … ولا دفع الخسف عنه انتصارا
لئن غورت في شغاف الشمال … لقد أنجد الفتح منها وغارا
وأخلف برمند منها الرجاء … وما زاده الشرك إلا تبارا
أطرت إلى ناظريه عجاجا … تركت به عقله مستطارا
فما يعرف العهد إلا امتراء … ولا يوقن العهد إلا ادكارا
ولما ادرعت إليه اليقين … لم يدرع منك إلا الفرارا
وشام غراري حسام المنايا … فما يطعم النوم إلا غرارا
ولنيوش أمطرتها صائبات … تصيب النفوس وتعفو الديارا
هززت إليها رماحا طوالا … تصير أعمار قوم قصارا
فغادرتها في ضمان الإله … ويممت أعلى وأنأى مزارا
وقد يفرس الليث أروى الهضاب … ويهمل حرش الضباب احتقارا
وخلفت فيها مبيد الضلال … يقربها لك ثوبا معارا
يكفكف أدمع عين سجاما … ويبرد أحشاء صدر حرارا
فإن أخطأته كئوس المنايا … لقد خلدت في حشاه خمارا
وعم بها فتحك الأرض نورا … كما ذرت الشمس فيها النهارا
فعرج على الحج بالمسلمين … بعقب اصطلامك حج النصارى
فقد نشرت مصر والقيروان … ومدت عيون الحجاز انتظارا