نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى … ونُنكرُها، ونُعطيها القِيادا
ونحمَدُها وما رعتِ الضَّحايا … ولا جزتِ المواقفَ والجهادا
لحاها اللهُ، باعتنا خيالاً … من الأَحلامِ، واشترتِ اتّحادا
مشيْنا أَمسِ نلقاها جميعاً … ونحنُ اليومَ نلقاها فرادى
أضلتنا عن الإصلاح، حتى … عَجَزْنا أَن نُناقشَها الفسادا
تُلاقِينا، فلا نَجِدُ الصَّياصِي … ونَلقاها، فلا نجدُ العَتادا
ومَنْ لَقِيَ السِّباعَ بغيرِ ظفرٍ … ولا نابٍ تمزَّقَ أَو تفادَى
خَفضنا من عُلُوِّ الحقِّ حتى … تَوهَّمنا السيادة َ أَن نُسادا
ولمَّا لم نَنلْ للسيفِ ردّاً … تنازعْنا الحمائلَ والنِّجادا
وأقبلنا على أقوالِ زورٍ … تجيءُ الغيَّ تقلبه رشادا
ولو عُدنا إليها بعدَ قرْنٍ … رحمنا الطرسَ منها والمدادا
وكم سحرٍ سمعنا منذُ حينٍ … تضاءَلَ بين أَعيُننا ونادى
هنيئاً للعدوِّ بكلِّ أرضٍ … إذا هو حلَّ في بلدٍ تعادى
وبُعداً للسيادة ِ والمعالي … إذا قطعَ القرابة َ والودادا
وربَّ حقيقة ٍ لا بدَّ منها … خدعْنا النَّشْءَ عنها والسَّوادا
تعدُّ لحادثِ الأيام صبراً … وآونة ً تعدُّ له عنادا
وتخلف بالنهى البيضَ المواضي … وبالخُلق المثقَّفة الصِّعادا
لمحنا الحَظَّ ناحية ً، فلما … بلغناها أحسَّ بنا، فحادا
وليس الحظُّ إلا عبقريَّا … يحبُّ الأريحية َ، والسدادا
ونحن بنو زمانٍ حواليٍّ … تنقلَ تاجراً، ومشى ، ورادا
إذا قعد العبادُ له بسوقٍ … شرى في السوق، أَو باع العِبادا
وتعجبه العواطفُ في كتابٍ … وفي دمع المُشَخِّصِ ما أَجادا
يُؤمِّننا على الدستورِ أَنَّا … نرى من خلفِ حوزته فؤادا
أبو الفاروق نرجوه لفضلٍ … ولا نخشى لِما وَهبَ ارتدادا
ملأنا باسمه الأفواهَ فخراً … ولقبناه بالأمسِ المكاد
نُناجيه، فنسترعِي حكيماً … ونسأَله فنستجدي جَوَادا
ولم يزلِ المحبَّبَ، والمفدَّى … ومرهمَ كلِّ جرحٍ، والضِّمادا
تَدفَّق مَصْرفُ الوادي، فرَوَّى … وصابَ غمامُهُ، فسقى ، وجادا
دعا فتنافستْ فيه نفوسٌ … بمصرَ لكلِّ صالحة ٍ تنادى
تقدمُ عونها ثقة ً ومالاً … وأحياناً تقدمهُ اجتهادا
وأقبلَ من شبابِ القومِ جمعٌ … كما بنتِ الكهولُ بنى ، وشادا
كأن جوانبَ الدارِ الخلايا … وهم كالنحل في الدار احتشادا
فيا داراً من الهممِ العوالي … سُقيتِ التِّبرَ، لا أَرْضَى العِهادا
تأَنَّى حينَ أَسَّسَكِ ابنُ حربٍ … وحينَ بنى دعائمكِ الشدادا
ولا ترجى المتانة ُ في بناءٍ … إذا البنَّاءُ لم يُعْطَ اتِّئادا
بنى الدارَ التي كنّا نراها … أمانيَّ المخيَّل، أو رقادا
ولم يَبْعُدْ على نفسٍ مَرَامٌ … إذا ركبتْ له الهممَ البعادا
ولم أَرَ بعدَ قدرتِه تعالى … كمَقدِرَة ِ ابنِ آدمَ إن أَرادا
جرى والناسَ في ريب وشكٍّ … يَرومُ السَّبْقَ، فاخترقَ الجيادا
وعوديَ ودونها حتى بناها … ومن شأْنِ المجدِّدِ أَن يُعادى
يَهونُ الكيدُ مِنْ أَعدَى عدُوٍّ … عليكَ إذا الوليُّ سعَى وكادا
فجاءت كالنهارِ إذا تجلَّى … عُلُوّاً في المشارقِ وانطيادا
نصونُ كزائمَ الأموالِ فيها … وننزلها الخزائنَ والنضادا
ونُخرجُها، فتكسِبُ، ثُمَّ تأْوِي … رجوعَ النحل قد حملنَ زادا
ولم أرَ مثلها أرضاً أغلَّتْ … وما سقيتْ، ولا طعمتْ سمادا
ولا مُستوْدعاً مالاً لقومٍ … إذا رجعوا له أَدَّى وزادا
ومن عجبٍ نُثبِّتُها أُصولاً … وتِلك فروعُها تَغشَى البلادا
كأنّ القطرَ من شوقٍ إليها … سَما قبلَ الأَساسِ بها عِمادا
ولو ملكتْ كنوزَ الأرضِ كفِّي … جعلتُ أساسها ماساً ورادا
ولو أن النجومَ عنتْ لحكمي … فرشتُ النيِّراتِ لها مِهادا