نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ … وأين ينجو منّيَ الهاربُ؟
أبعدَ إحرازِك أيمانَنَا … هاربتنا واعتذر الحاجب؟
يا عجباً إذ ذاك من حالة ٍ … دافِعُنا فيها هو الجاذب
حقّاً لقد أولَيتَنَا جَفوة ً … يُمحل منها البلد العاشب
انظر بعين العدل تبصر بها … أنك عن منهاجِه ناكبُ
لَهْفي وقد جاءَتْكَ جفَّالة ٌ … كُلٌّ مغذٌّ ساغبٌ لاغب
فكّاه كالعصريْن من دهره … هذا على أنك ذو شيمة ٍ
ذي مِعْدة ٍ ثعلُبها لاحِس … وتارة ً أرنبها ضاغب
تعلوه حمّى شرهٍ نافضٍ … لكن حمّى هضمه صالب
كأنما الفرُّوج في كفَّهِ … فريسة ٌ ضرغامُها دارب
وإن غدا الشَّبّوط قرناً لهم … هِيبَتْ لقومٍ شرَّة ٌ فاحْتبُوا
أقسمتُ لو أنك لاقيتهم … نابك من أضراسهم نائب
فالشعر حُرٌّ ـ إن نَجَوْا ـ سائبُ … بالثار في أمثالها طالب
لا تحسَبنِّي عنك في غَفْلة ٍ … إلا وفيه راتعٌ جادبُ
سيصنعُ اللَّهُ لنا في غدٍ … إن كان اكدى يومُنا الخائب
كُرّوا على الشيخ بتطفيلة ٍ … عن عزمة ٍ كوكبُها ثاقب
وإن زواه منكم جانبٌ … فلا يَفُتْكُمُ ذلك الجانبُ
جُوسُوا عليه الأرضَ واستَخْبروا … حتى يروح الخبرُ العازب
كأنَّ من عُولجَ من سِحرها … لا وهب المَنْجَى لها الواهب
لا تُفْلِتَنْ منكمُ شَبَابيطُهُ … لا أفلت الطافى ولا الراسب
جدّوا فقد جدّ بكم لاعباً … وقد يجدّ الرجل اللاعب
وليكن الكرُّ على غرّة ٍ … والصيد في مأمنه سارب
يا واقباً بالأمس في بيتهِ … أفْلَحَ هذا الغائب الآئبُ
فاعتزم القومُ على غارة ٍ … ساند فيها الراجلَ الراكب
يهدى أبو عثمان كردوسها … هَداك ذاك الطاعنُ الضاربُ
يُرْقِلُ والرَّايَة ُ في كفِّه … جاوَبها خِشْفٌ لها نازبُ
والقومُ لاقَوْكَ فاعدِدْ لهم … ما يرتضي الآكلُ والشارب
يسِّرْ فراريجَك مقرونة ً … بها شَبابيطُكَ ياكاتبُ
يا حبذا المُنهزمُ التائبُ … تلك التي منظرُها شاحبُ
واذكر بقلبٍ غير مستوهلٍ … يعروه من ذكرى القِرَى ناخب
أنَّك من جيران قُطْربُّلٍ … وعندك اللّقْحَة والحالب
أحضِرْهُمُ البكْرَ التي ما اصطلت … ناراً فكلٌّ خاطب راغب
إلا التي الشمسُ لها ناسِبُ … في الكأس إلا الذهبُ الذائبُ
أو أمُّها الكبرى التى لم يَزلْ … لليل من طلعتها جانب
حقَقها بالشمس أن ربيت … في حِجْرها والشبُه الغالب
أعجب بتلك البكر محجوبة ً … مكروبة ً يُجلَى بها الكارب
مغلوبة ً في الدنّ مسلوبة ً … يُنْصَرْ عليه إلبُكَ الآلب
بينا تُرًى في الزقّ مسحوبة ً … إذ حَكَمَتْ أن يُسْحَب الساحب
تَقتصُّ من واترها صرْعة ً … ليس لها باكٍ ولا نادبُ
إلاَّ حَمَامُ الأيَك في أيكِهِ … أو عازفٌ للشَّرب أو قاصبُ
ذات نسيم مسكهُ فائح … وذات لونٍ ورسُه خاضب
هاتيك هاتيك على مثلها … حامَ ولابَ الحائمُ اللائبُ
ما غرَّهم منا ونحن الأُولى … فلا يَعِبْ فقدَهما عائب
ولا تنمْ عن نرجس مؤنس … يضحكُ عنه الزَّمَنُ القاطبُ
ريحانُ روحٍ مُنْهِبٌ عطرَه … والروحُ إذ ذاك هو الناهب
لم يلفح الصيفُ له صفحة ً … ولا سقاه عوده الشاسب
وزَخْرِفِ البيتَ كما زُخرفتْ … روضة ُ حَزْنٍ جادها هاضبُ
ليس له من غيره شائبُ … لكلِّ ما سرَهُمُ جالبُ
مُحسنة ً ليست بخطَّاءة … طائرُها الهادل لا الناعب
بيضاءَ خَوْداً رِدْفُها ناهدٌ … غيداءَ رُوداً ثديُها كاعبُ
مملوكة ً بالسيف مغصوبة ً … لها دلالٌ مالِكٌ غاصبُ
تَستوهِبُ الجيد إذا أَتلعتْ … من ظبية ٍ أَفْزَعها طالبُ
كأنها والبيت مستضحكٌ … والعودٌ في قبضتها صاخب
أدْمانة ٌ تَنْزِبُ في روضة ٍ … خشفٌ لها نازب
يُحْمَى بهنَّ الموعدُ الكاذبُ … ما نقل الملاّحُ والقاربُ
وتبْ من الذنب الذي جئته … فقد يُقالُ المذنبُ التائبُ
كيما يقولوا حين ترضيهُم: … يا حبذا المنهزم الثائب
أعتِبْ بيومٍ صالحٍ فيهم … ليس على أمثاله عاتبُ
ولا يكن يوماً إذا ما انقضى … صِيحَ به: لا رَجَعَ الذاهبُ
عجلْ لهم ذاك ولا تهْجَهم … ولا يثب منك بهم واثب
فليس من يأدِبُ إخوانَهُ … مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ
ولا يكنْ فيما يُعانَى لهم … فلا تُصِبْنا ريحُك الحاصب
حاشاك أن يلقاك مستمطرٌ … منصورة ٍ ليس لها قالبُ