ليومك في الاحشاء وجد مبرح … برحت ولكن الاسى ليس يبرح
مضيت وما ابقيت الا حشاشة … تذوب واجفاناً من الدمع تفرح
رمى الدهر عن قوس الحوادث اسهماص … بها المجداودي والحوادث تفدح
لك الخير لا تبعد فكل مسرة … تبين إذا بان الحبيب وتنزح
تغير وجه الصبح عما عهدته … فقد عاد من بعد التبسم يكلح
نعيت به فاستشعر الحزن والجوى … فؤاد به نار الرزية تلفح
فما زلت مما راعني الصبح بالأسى … اكابد منه روعة حين اصبح
كأن فم الناعي وقد شب نعيه … لنا النار زند في الجوانح يقدح
كأن لساناً بين فكيه شفرة … تقطع احشاء لنا وتجرح
كأني قبل الاذن بالعين سامع … فما صاح حتى ظلت العين تسفح
فلله نعش بالسكينة سائر … يخف ويعلوه الوقار فيرجح
يحجب غيم النعش شمس فضيلة … غدت بعد اشراق إلى الغرب تجنح
فلا عجب ان غابت الشمس ان ترى … نجوم المئاقي في دجى الحزن تلمح
أشبه بالشمس المنيرة فضله … على أنه أسنى ضياء وأوضح
لقد اغمدوا في الترب منه صفيحة … فلله ما وارى الضريح المصفح
بكته القوافي وهويرثي وربما … بسمن ابتهاجاً وهو يطرى ويمدح
له السبق إذ لا حلبة غير منبر … وليس سوى خيل الفصاحة تسبح
إذا ما جرى سبحاً لادراك غاية … نكبر اجلالا له ونسبح
كأن على الاعواد منه إذا ارتقى … ذراهن بحراً بالفوائد يطفح
كأن بها من حبه أريحية … فمن طرب اعطافها تترنح
إذا جمع الخصم الألد انبرى له … بوازعة تلوي الجماح وتكبح
إذا نضبت يوم المقامة حجة … على الخصم جاء البحر لا يتضحضح
وكم أمد جلى إليه بغرة … تقبل في يوم الرهان وتمسح
بملتقطات من بيان وحكمة … يحلى بها نادي الحجى ويوشح
تزهد في الدنيا زواجر وعظه … فيلقى فلاحاً فيه من شاء يفلح
له مقول قد أوتي الحكم لم يزل … باقليده باب الغوامض يفتح
ينال بعفو منه مالا يناله … أخو جدل في جهده ظل يكدح
يقولون قس قلت ضل قياسكم … فان جواد الهاشميين أفصح
فقدناه فرداً لا يسد مكانه … الوف من القوم الذين ترشحوا
أبا كاظم ان الرثاء تعلة … وسلوة محزون به يتروح
وفي كل رزء يحسن الصبر بالفتى … ولكنه في مثل رزئك يقبح
إذا الدهر لم يسمح بمثلك فاضلا … فما عذر قلبي وهو بالصبر يسمح
رثيتك عن قلب قريح وانما … يجيد الرثا قلب الحزين المقرح
نظمت لئالي الدمع فيك قصيدة … وخير من الدر القصيد المنقح
إذا ساءني حزن الفراق يسرني … نعيمك في دار الخلود فافرح
كما ان شعري في رثائك تارة … ينوح واخرى بالهنا لك يصدح
كأن رياض الحزن اخلاقك التي … تضوع بانفاس الرياض وتنفح
لقد عاد روض الفضل بعدك ذاوباً … ونبت الربى بعد السحاب يصوّح
سقى جدثاً هالوا على المجد تربه … سحائب لطف تستهل وتدلح
وشق بايوان الصفاء ضريحه … وكان جديراً بالنواظر يضرح
وفاز بريحان الجنان وروحها … كريم له ابوابها تتفتح
فان له عند الحسين تجارة … يفوز بها فوزا عظيماً ويربح