لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهر … وما هذه الأكوان إلا مظاهر
تقيدت والإطلاق وصفي لأنني … على كل شيء حين لا حين قادر
ومرتبة التقييد أظهرت رحمة … ومرتبة الإطلاق أني ساتر
وتلك بمخلوق وهدي بخالق … تسمت وفي التحقيق أين التغاير
وأحببت بالتكليف إظهار حكمة الظهور … وحكمي ما أنا فيه جائر
وصوني لأفعالي عن العبث اقتضى … خطابي ومن لم يتمثل فهو كافر
جسوم وأعراض تلوح وتختفي … وما هي للمحبوب إلا ستائر
وخلف حجاب الكون ما أنت طالب … ومن لفظه المقهور يلزم قاهر
تأمل حروف الكائنات فإنها … تشير إلى معنى به أنت حائر
وبرق الحمى هذا الوجود وميضه … ولكن بما تجنيه تعمى البصائر
فيا ظاهرا في خلقه وهو باطن … ويا باطنا في أمره وهو ظاهر
تجليت لي في كل شيء ولم أكن … سواك فمنظور كما أنت ناظر
وللقلب مني قد ظهرت بكل ما … ظهرت ولم تنكرك مني الخواطر
بكل مليح بل بكل مليحة … تراءيت حتى حققتك الضمائر
وما مذهبي حب المظاهر إنما … أحب الذي دلت عليه المظاهر
أما ومقام البيت والحجر الذي … عهدناه قد دارت عليه الخناصر
لأنت المنى والقصد يا غاية المنى … وإن لامني فيك القنا والبواتر
وما ملت يوما عنك للغير سلوة … وكيف ويا نوري معي أنت حاضر
وأنت رفيقي لا رفيق سواك لي … وإن أنا عن إيفاء حقك قاصر
أحبك لا بي بل بك الحب منه … علي كما أني بك الآن شاكر
يقول عذولي لا تخاطر بقربه … وهل يدرك المأمول إلا المخاطر
وإني لأدري أن طرق وصاله … تدور على الأقوام فيه الدوائر
ولكن له سلمت نفسي فإن يرد … هداها وإن يضلل فما هو جائر
وماذا عسى نفسي تعادل في الورى … فمن أجلها عن مالكي أنا نافر
فررت به مني إليه لأنني … تحققت أن لا غير والأمر ظاهر
فكان اضطرارا كون قلبي موحدا … له وبه لأبي أنا اليوم ذاكر
أهيم بأنفاس النسيم وإنني … بطيب الحمى لا بالنسائم عاطر
وأظهر أني قد ظفرت بعلمهم … وقلبي بذات الخال لا العلم ظافر
ودونك شرعي إن هويت طريقتي … فإني مدى عمري إلى الحب سائر
وكن هكذا مثلي فقيرا من السوى … ومن نفسه تأتيك منك الذخائر
وغب عنك وامح نقطة الغين ثابتا … وغص في بحار الجمع تبد الجواهر
ولأنك من قوم أماتت ذنوبهم … نفوسا لها الأجسام منهم مقابر
فإن طريق الحق سهل سلوكه … وأوضح منه ليس يدرك ناظر
وليس بذكر أو بفكر تناله … سوى بالصفا والمحو عما يغاير
وهذا حجاب النفس يصعب خرقه … وعقلك منه وهو للحق ساتر
فمت في الهوى تحيى وأغمض عن السوى … تقر بذاك الوجه منك النواظر
طلبت مقاما بذل روحك شرطه … وأنت على ما أنت ناه وآمر
وما هكذا شرط الهوى إن ترد فرد … فناء الفنا وانس الذي أنت ذاكر
ووطن على الإنكار نفسك والأذى … فمن عسلا يجني على النحل صابر
وقد كثرت فيه العواذل غيره … وقل لطلاب الحقيقة ناصر
فإن شت فاقدم هكذا الشرط بيننا … وإلا فلا تقدم لأنك آخر