لا لِقَومٍ وَلا لِدين … أَنتَ لِلنّاسِ أَجمَعين
أَهلُكَ الوَحيُ وَالهدى … دينُكَ الحَقُّ وَاليَقين
سِرتَ في الأَرضِ رافِعاً … مَشعَلَ الخُلدِ في الجَبين
فَكَأَنّي بِكَ السَما … أودِعَت في لَظىً وَطين
أَنتَ لِلجيلِ إِنَّما … لِلذَراريِّ بَعدَ حين
لِلطُغاةِ المُهَدَّمين … لِلبُناةِ المُشَيَّدين
لِلمُلوكِ المُخَلَّعين … لِلعَبيدِ المُتَوَّجين
لِلصَعاليكِ لِلذين … خَدَّروا الأَسدَ في العَرين
لِلزُّناةِ المُسَيطِرين … لِلأُباةِ المُستَعبَدين
أَنتَ لِلشَّوكِ لِلوُرود … لِلنَبِيّينَ في القُيود
لِلبُذيينَ لِليَهود … لِلنَّصارى لِلمُسلمين
لا لِقَومٍ وَلا لِدين … أَنتَ لِلنّاسِ أَجمَعين
مُصحَفٌ قَصَّتِ السُوَر … فيهِ أُسطورَةَ البَشَر
كُلَّما أَسمَعَ العُلى … آيَةً شَرَّفَ المَدَر
حَرَمُ الوَحيِ لَوَّنَ ال … حُبُّ في عَدنِهِ الصُوَر
فَعَلى كُلِّ صورَةٍ … مُرضِعُ القَلبِ وَالبَصَر
صُوَرٌ غِمنَ بِالرُؤى … وَتَجَلَّينَ بِالفِكَر
فَكَأَنّي بِهِنَّ أُحدِر … نَ مِن عَبقَرٍ أَثَر
يا فَخوراً بِزَفرَةِ الشِعرِ … وَالحُبِّ في الوَتَر
هازىءَ القَلبِ بِالطُرَر … ضارِباً بِالدُمى الأُخَر
نَسَكَ الفَنُّ حينَ قَبِل … تَهُ فيكَ وَاِنحَصَر
أَيُّها الحارِسُ الأَمين … هَيكَلَ المَنطِقِ المُبين
يا أَميرَ المُشَرَّدين … إِخوَةِ الشَمسِ وَالقَمَر
ما الصِبى في تَرَنُّمِه … في هَواهُ وَفي دَمِه
وَصَباحُ الرَبيعِ يَفتَ … رُّ عَن عاجِ مَبسِمِه
وَالمَساءُ الوَلهانُ يُصغي … لِهَمَساتِ أَنجُمِه
وَالأَقاحُ البَريءُ يَن … فُثُ أَحلامَ بُرعُمِه
مِثلَ سِحرٍ تُذيبُهُ … روحُ شَوقي بِمِرقَمِه
ما الهَوى في تَأَلُّمِه … وَالدُجى في تَجَهُّمِه
وَالسَمافي اِنتِقامِها … وَاللَظى في تَضَرُّمِه
وَصُراخُ البَريءِ في … نَزوَةٍ مِن تَظَلُّمِه
وَالمَعَرّي على الوَرى … ثائِراً في تَهَكُّمِه
مِثلَ شَوقي تُثيرُهُ … غَضبَةٌ مِن جَهَنَّمِه
ما عَلى النورِ وَاللَهَب … وَعَلى الزهرِ في الهَضَب
إِن أَتَت شاعِرَ العَرَب … نائِحاتٍ بِمَأتَمِه
بُلبُل الأَرضِ وَالسَما … ناشِرَ النورِ فيهِما
مالِىءَ الأَرضِ حِكمَةً … وَسَما الحُبُّ أَنجُما
يا أَخا المُعدَمينَ ما … كُنتَ في الناسِ مُعدَما
إِنَّما البُؤسُ ذُقتَهُ … في فُؤادٍ تَأَلَّما
في نُفوسٍ تَظَلَّمَت … وَشُعورٍ تَظَلَّما
عِشتَ كَالنورِ مُلهَما … وَكَعَبّاسَ مُتخَما
ثَمَنَ الغارِ ما دَفَع … تَ دُموعاً وَلا دَما
إيهِ شَوقي فَحافِظٌ … كانَ أَشقى وَأَعظَما
كانَ يَستَلهِمُ البُؤو … سَ وَتَستَلهِمُ الدمى
كُنتَ تُغفي مُتَيَّما … حينَ يُغفي مُيَتَّما
غَرشُكَ الشِعرُ وَالذَهَب … عَرشُهُ الشِعرُ وَالخَشَب
آهِ في دَولَةِ الأَدَب … أَيُّ مَلكَينِ كُنتُما
عِشتَ في النَفيِ مِثلَما … عاشَ في الخَمرَةِ الحَبَب
بَينَ أَسمى مِنَ الجلا … لِ وَأَشهى مِنَ الطَرَب
عِشتَ فيهِ كَبُلبُلٍ … مَرَّ في العيدِ وَاِحتَجَب
حامِلاً مِن جَناحِهِ … رَعشَةَ الحَظِّ في الزَغَب
لَستُ أَنساكَ طائِفاً … في اليَواقيتِ وَالذَهَب
في قُصورِ الحَمراءِ تَستَن … طِقُ المَجدَ في الخِرَب
تَسأَلُ الفَنَّ رافِعَ الرَأ … سِ عَن أُسرَةِ العَرَب
فَأَرى مِن أُمَيةٍ … فيكَ ظِلّاً مِنَ النَسَب
ثَمَنَ الغارِ ما دَفَع … تَ دُموعاً وَلا تَعَب
إيهِ شَوقي فَحافِظٌ … كانَ في بُؤسِهِ أَحَب
كانَ يُغفي مُيَتَّماً … حينَ تُغفي مُتَيَّما
أَيُّ مَلكَينِ كُنتُما … أَمسِ في دَولَةِ الأَدَب