كم ذا نخيبُ وتكذبُ الأطماعُ … والنَّاسُ في دار الغرورِ رِتاعُ؟
فحوائمٌ لا تَرْتَوي وعَواطلٌ … لا تَحْتَلي وزخارفٌ وخداعُ
في كل يومٍ للحوادث بطشة … فينا وأمر للمنون مطاعُ
وإذا الردى قنص لفتى فكأنه … ماكان إبقاء ولاإمتاعُ
والموت أملك بالورى وتعلة ٌ … هذا السقام وهذه الأوجاعُ
وإذا تيقَّنّا الفراقَ لكلِّ مَن … نَهوى هواهُ فالسَّلام وداعُ
ليسَ الرَّدى يا مَن يرومُ دفاعَه … ممَّا تُحاكُ لدفعهِ الأدراعُ
وإذا الردى طلب النفوس فإنما … شد النجاء به وضاع قراعُ
وصوارم الأسياف غير صوارم … والسمهريات الطوال يراعُ
مالي أعلل كل يوم بالمنى … عيشاً وأشرى بالهوى وأباعُ
كرع الحمام مبذر ومقدر … وخطا إليه مُجْبنٌ وشُجاعُ
ثم استوى في حسو خمر كؤوسه الأملاك والسادات والأتباعُ … ـأملاكُ والسَّاداتُ والأتباعُ
والناكصون المقدمون إذا دعا … أجلٌ بهم والمبطئون سراعُ
والدَّهرُ يطعنُ بالرَّدى لا بالقنا … قَعْصاً ولا عَلَقٌ هناك يُباعُ
يُبقي ويُفني ثم يسلبُ ماكساً … بالرغم فهو الملبسُ النَّزَّاعُ
فذّ العطاء فإن يكن مثنى له … غلطاً فإنَّ الارتجاع رباعُ
خير من المثرى فقيرٌ قانعٌ … ومن الشباع من الطعام جياعُ
أو ماعلمت بأنّ ماأحرزتهُ … شلوٌ بأيدي الحادثات مضاعُ؟
وظننتَ ما أودعتَ في بطنِ الثَّرى … سِرّاً وسِرٌّ لا يُذاعُ مُذاعُ
تبّاً لدارٍ أشعرتْ سُكَّانَها … أنْ ليس في طولِ المقامِ طَماعُ
باع الجميعُ نعيمَهُمْ بشقائِها … بيع الغبين ولو دروا ماباعوا
وإذا همُ اعتذروا إلى من لامهم … في الحرص قالوا: ماتراه طباعُ
فانظرْ إلى مَن قصدُهُ ترفيهُهُ … في العيش كيفَ تكُدُّه الأطماعُ
أينَ الذين على القِنانِ قِبابُهمْ … ولهم تلاعُ المأثرات تلاعُ؟
من كلِّ مُعتَصِبِ المفارقِ لم يُطِعْ … بشراً وفي كلّ الأمور يطاعُ
دَرَجوا وأضحَوْا بعد عزٍّ أقعَسٍ … ما إنْ لهمْ إلاّ الثَّرى والقاعُ
وأزالهمْ عمَّا ابتنَوْهُ منَ البِنا … هذا الخَتولُ الباذلُ المنّاعُ
ولقد فجعتُ وكلُّ من لم يصمهِ … سهمُ المنّية ِ زاره الإفجاعُ
وارتعت للخطب الملّم بساحتي … ولقد عَمِرْتُ وغيريَ المرتاعُ
وقرينة ٍ لمّا ألفتُ وصالها … انحى عليها الباترُ القطَّاعُ
فَلَئِنْ هَوَتْ فَلَكَمْ هوَى في هذه الـ … ـخضراءِ عنّا كوكبٌ لمّاعُ
ليتَ الذي عزمَ التَّرحُّلَ غفلة ً … ما كانَ منه على الفراقِ زَماعُ
ولقد سبقت صيانة ً وديانة ً … ووراءكِ الطُّلاَّحُ والظلاّعُ
رحبت بك الأجداث أجداثُ الثرى … وأعتاد قبرك هاطلٌ لمّاعُ
وقضيتُ حقَّكِ إذا جعلتُك في حِمَى … قوم لهم دون النعّيم رباعُ
صُقْعٌ لآلِ اللهِ آلِ نبيِّهِ … سَجدتْ له الأقطارُ والأصقاعُ
فَرَقَ الزَّمانُ وما درَى ما بَيْنَنا … والدَّهرُ مِفراقٌ لنا مِجْماعُ