قمْ فاثنِ لي فوق الوهاد وسادي … فالآنَ طابَ بفيَّ طعمُ رُقادي
قد شردتْ نصبي وأيني راحتي … و استبدلتْ عيني الكرى بسهادِ
و إذا رعيتَ ليَ اإخاءَ فهنني … ببلوغِ أوطاري ونَيلِ مُرادي
للهِ يومٌ ملتُ فيه على المُنى … وثني الزمانُ إلى السرورِ قيادي
و حذرتُ دهري من أمورٍ جمة ٍ … فأناخَ فيه الأمنُ وسْطَ فؤادي
نفَحتْ أميرَ المؤمنين عطيّة ٌ … غرّاءُ من وافي العطاءِ جوادِ
جبلٌ من الأَجبال، إلاّ أنّه … عند الورى ولدٌ من الأولادِ
والسَّيفُ أنتَ ولم يكُن مَن سَلَّهُ … فينا ليتركه بغير نجادِ
و الغابُ أهيبُ ما يكون إذا ثوتْ … أشبالُه فيه معَ الآسادِ
و الطعنُ في الأرماحِ يعوزُ في الوغى … لولا الأسنة ُ في رؤس صعادِ
والنَّصلُ لولا حدُّه وغِرارُه … ما كنتَ حاملَه ليومِ جِلادِ
قالوا: أتَى وَلَدٌ. فقلتُ: صَدَقْتُمُ … لكنه عضدٌ من الأعضادِ
إنْ كان مهدٍ رضيعاً ” نومة ً ” … فغداً يكون على ذُرا الأعوادِ
وتراهُ إمّا فوقَ صَهْوة ِ منبرٍ … يَعِظُ الورى أو في قَطاة ِ جَوادِ
ما ضَرّهُ من قبلِ سلٍّ غِمْدَهُ … أنَّ السُّيوفَ تُسَلُّ من أغمادِ
و البدرُ يطويه السرارُ وتارة ً … هو بارزٌ وسطَ الكواكبِ بادِ
حيا الإلهُ صباحَ يومٍ زارنا … فيه وحيا ليلة َ الميلادِِ
ريانُ من ظفرٍ ونيلِ إرادة … ملآنَ بالإسعافِ والإسعادِ
فَلَنِعْمَ عهداً عهدُه وأوانُهُ … سقّاهُ ربّي صوبَ كلِّ عِهادِ
لو أنصف القومُ الألى لم ينصفوا … جَعلوا به عيداً منَ الأعيادِ
يا خيرَ من حنتْ إليه سريرتي … طُرّاً ومَن حنَّتْ إليهِ جيادي
وابنَ الَّذي طالَ الخلائقَ كلَّهمْ … فضلاً وإن كانوا على الأطوادِ
ما إن رأيتَ ولا ترى شبهاً له … أبداً من الزهاد والعبادِ
روَّى بصائرَهُ تُقًى ويمينُهُ … جلَّتْ عنِ الشَّهَواتِ وهْيَ صَوادِ
فكأنَّه لخشوعه ـ ولباسُه … حللُ الخلائفِ مرتدٍ بنحادِ
ذَخروا النُّضارَ لهمْ ولم تكُ ذاخراً … إلاّ ثوابَ لهاً وشكرَ أيادِ
أنا ذلك المحضُ الذي جربتمُ … أبداً أوالي فيكمُ وأعادي
وإذا بلغتُكُمُ عَقرتُ ركائبي … و نقضتُ من حذرِ النوى أقتادي
ما إِنْ أُبالي بعدَ قُربي منكُمُ … أنْ كان مِن كلِّ الأنام بُعادي
و إذا نصحتُ لكمْ فما ألوي على … ما شفَّني أو فَتَّ في أعضادي
إِنِّي لراضٍ بالسِّفالِ وأنتُمُ الْ … مُعْلونَ لي ولقد علتْ أجدادي
أبوابُكمْ كرماً وجوداً فائضاً … عطنُ الوفودِ وغاية ُ القصادِ
ما إنْ يُرى إلاّ عليها وحدَها … وفدُ الورى وتزاحمُ الورادِ
حوشيتُ أن أعني بغير دياركم … أو أنْ أجرَّ بغيرها أبرادي
و إذا رشادي كان بينكمُ فما … أبغي إذا خُيِّرتُ غيرَ رشادي
وكأنَّني ضَوَّعتُ نَشرَ لَطيمة ٍ … لما سننتُ مديحكمْ في النادي
ما كان لولا أنكمْ قدمتمْ … منٌّ لمخلوقٍ على أكتادي
أنا في جواركمُ بأنعمِ عيشة ٍ … وَ أجلَّ منزلة ٍ وأخصبِ نادِ
راضٍ بأنْ نفسي فدتك وما حوتْ … كفايَ لي من طارفٍ وتلادِ
وإذا الزَّمانُ نَبا بِنا عن مطلبٍ … وغطا بياضَ طماعِنا بسوادِ
قمنا فنلنا ما نشاء من العلا … بالقائم الماضي الشَّبا والآدي
شائي الكرامِ بفضلهِ في نفسه … طوراً وبالآباء والأجدادِ
ما كان إلاّ في السماءِ وما ارتقى … قُلَلَ المعالي في بطونِ وِهادِ
لا تعتمدْ إلاّ عليَّ لخدمة ٍ … إِنّي وَجَدِّك خيرُ كلِّ عمادِ
ومتى انْتقَدتَ فلن ترى ليَ مُشْبهاً … في خدمة ٍ يا أخبرَ النُّقَّادِ
و إذا أردتَ عظيمة ً فاعتفْ بمنْ … ما دبّ فيه على العظيم تمادِ
عَجِلٍ إلى داعي الصَّريخ كأنَّهُ … متوقعٌ أبداً نداءَ مُنادِ
أنا منكمُ نسباً ووداً صادقاً … أبداً أراوحُ حفظه وأغادي
أَجدى على القُربى إليَّ تقرُّبي … و أحبُّ من نسبي إليَّ ودادي
يا أيها المتحكمون على الورى … بالعدلِ في الإصدارِ والإيرادِ
حسبي الذي أوتيته من حبكمْ … وولائكمْ ذُخراً ليومِ مَعادي
إنْ كنتمُ قللتمُ ليَ بينكمْ … شِبْهاً فقد كثَّرتُمُ حُسَّادي
للهِ دَرُّكَ في مُقامٍ ضَيِّقٍ … حرَّ الردى متلهبِ الإيقادِ
و كأنما الأقدامُ فيه تقلقلا … وطئتْ على الرمضاءِ شوكَ قتادِ
والسَّيفُ يرتع في يديك منَ العِدى … بالضَّربِ بينَ ترائبٍ وهَوادِ
و الرمحُ يهتكِ كلَّ ثغرة ِ باسلٍ … طعناً ويشربُ من دمِ الأكبادِ
و إذا أسال من الكميّ نجيعه … غبَّ الطعانِ أسالَ كالفرصادِ
و الخيلُ يستلبُ الطعانُ جلودها … فكأنها خلقتْ بلا أجلادِ
حتّى وَفَتْ لك نَجدة ٌ ألبستَها … في النَّاكثينَ الوعدَ بالإيعادِ
و قضتْ لدين الله كفك حقه … وبلغْتَ للإسلامِ كلَّ مُرادِ
فاسمعْ مديحاً لم تَشِنْهُ مَينَة ٌ … تَسْري قوافيهِ بكلِّ بلادِ
قطاعَ كلَّ ثنية ٍ وتنوفة ٍ … طَلاّعَ كلِّ عَليَّة ٍ ونِجادِ
زينتْ به الأغراضُ فهو كأنه … وَشْيُ الجسومِ وحِلية ُ الأجسادِ
رِفْدي عليه حسنُ رأيك إنَّني … راضٍ به من سائر الأرفادِ
لا عيبَ فيه غيرَ أنْ لم يستمعْ … من منطقي ويزفه إنشادي