في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ، … فكَيفَ يَسجَعُ فيها الطّائرُ الغَرِدُ
لذاكَ أُحجِمُ عن قدحي، فيَبعثُني … صِدقُ الوَلاءِ، وإنّي فيكَ مُعتَقِدُ
وكيفَ أُفصِحُ أشعاري لدى مَلِكٍ، … يغدو له التبرُ زيفاً حينَ ينتقدُ
يَقظانُ يَقرأُ من عُنوانِ فِكرَتِه، … في يومهِ، ما طواهُ في الضميرِ غدُ
بحرٌ، ولكنّهُ بالدُّرّ مُنفَرِدٌ، … والبَحرُ يُجمعُ فيهِ الدُّرُّ والرَّبَدُ
من معشرٍ إن دعوا جادوا لآملِهمْ … قبل السّؤالِ، وأعطَوا فوقَ ما وَجدُوا
تُضاعِفُ الرَّفدَ للوُفّادِ راحتُهُ، … فكلمّا وفدوا من جودهِ رفدُوا
عادوا وفي كلّ عُضوٍ بالثّناءِ فَمٌ، … وقد أتوُ، وكلٌّ بالسؤالِ يدُ
ولو رأوا ما أرى من فَرطِ لَذّتِهِ … بالجُودِ ما شكَروا يَوماً ولا حَمِدُوا
يا أيّها الملكُ المنصورُ طائرهُ، … ومَنْ بآرائِهِ الأملاكُ تَعتَضِدُ
ومن يسابقُ بالإنعامِ، مبتدئاً، … نطقَ العفاة ِ، ويعطي قبلَ ما يعدُ
أنتَ الفريدُ الذي حازتْ خلائقُهُ … ما لا يحيطُ بهِ الإحصاءُ والعددُ
وواحدُ العَصرِ، حتى لو حلَفتُ به … يوماً، لما شَكّ خَلقٌ أنّهُ الأحَدُ
لكَ اليَراعُ الذي إنْ هُزّ عامِلُهُ، … لم تُغنِ عَنهُ صِلابُ البِيضِ والزَّرَدُ
المستطيلُ، وي حدّ الظبَي قصرٌ، … والمستقيمُ، وفي قدّ القنا أودُ
إذا اغتدى نافثاً بالسحرِ في عقدٍ، … حُلّتْ، بنَجواهُ، من آمالِنا العُقَدُ
يَقظانُ منهُ عيونُ النّاسِ راقدَة ٌ، … ولو تَوعّدَ أهلَ الكَهفِ ما رَقَدُوا
رَبيبُ سُمرِ المَعالي، وهوَ يَحطِمُها، … وربّما جَرّ حَتفَ الوالِدِ الوَلدُ
بالأمسش كانَ بوطءِ الأسدِ مرتعداً، … واليومَ منهُ فريصُ الأسدِ ترتعدُ
ضَمّ الأُسودَ فَما زالَ الزّمانُ لهُ … يَنوي المُكافاة َ حتى ضَمّهُ الأسَدُ
إذا انثنى ساجداً قامَ الملوكُ لهُ … طَوعاً، وإنْ قامَ في أمرٍ لهم سجَدُوا
يا بانيَ المَجدِ مِن قبلِ الدّيارِ، ومَن … لهُ المعالي التي لمْ يرقها أحدُ
بنيتَ بعدَ بناءِ المجدِ، مبتدئاً، … داراً لها العزُّ أسٌّ، والعُلى عمدُ
أسّستَ بالدّينِ والتّقوى قَواعدَها، … فكانَ عُقباكَ منها عِيشة ٌ رَغَدُ
داراً توَهّمتُها الدّنيا لزينَتِها، … وما سَمِعتُ بدُنيا ضَمّها بَلَدُ
بها صَنائِعُ أبدَتها صَنائِعُكُمْ، … يَفنى المَدَى ، وبها آثارُكم جُدُدُ
تَدَفَّقَ الماءُ في سَلسالِها، فحكى … سَماحَ كَفّكَ فينا حينَ يَطّرِدُ
تَجَمعَ الأُسدُ فيها والظباءُ، كَما … من فرطِ عدلك يرعى الذئبُ والنقدُ
مولايَ دِعوَة َ عَبدٍ غَيرِ مُفتَتِنٍ … بشعِرِهِ ولهُ الحُسّادُ قد شَهِدُوا
قد صنتَ شعري وجلُّ الناسِ تخطبُه، … وذاكَ لَولاكَ لم يَعبأ بهِ أحَدُ
والشَعرُ كالتّبرِ يخفَى حينَ تَنظُرُهُ … عَينُ الغَبيّ، ويَغلو حينَ يُنتَقَدُ
فكَيفَ يذهَبُ ما نَفعُ الأنامِ بِهِ، … منهُ جُفاء، ويَرسو عندَك الزّبَدُ
إنْ شَبّهوني بمنْ دوني، فلا عجَبٌ، … فالدرُّ يشبهُهُ في المنظرِ البردُ
بكَ انتصرتُ على الأيامِ منتصفاً، … وصارَ لي فوقَ أيدي الحادثاتِ يدُ
وكيفَ تَعجَزُ كَفّي أن أنالَ بها … هامَ السماكِ، وأنتَ الباعُ والعضدُ