عَفا مِمّنْ عَهِدْتَ بهِ حَفيرُ … فأجْبالُ السَّيالي، فالعَويرُ
فشاماتٌ فذاتُ الرمثِ قفرٌ … عفاها، بعدنا قطرٌ ومورُ
مُلِحُّ القَطْرِ مُنسكِبُ العَزالى … إذا ما قلتُ أقلعَ يستحيرُ
كأنَّ المَشْرَفيّة َ في ذُراهُ … ونيرانُ الحَجيجِ لها سَعيرُ
بِكُلّ قَرارَة ٍ مِنْها وفَجّ … أضاة ٌ ماؤها ضَرَرٌ يمورُ
تنقلتِ الديارُ بها، فحلتْ … بحَزَّة َ حَيْثُ يَنْتسِعُ البَعيرُ
وأقفرَتِ الفَراشة ُ والحُبَيّا … وأقْفَرَ بَعْدَ فاطِمَة َ الشَّقيرُ
نأينَ بنا، غداة َ دنونَ منهمْ … وهنَّ إليكَ بالجولانِ، صور
كرهنَ ذبابَ دومة َ، إذا عفاها … غَداة َ تُثارُ للموتى القُبورُ
فليتَ الراسماتِ بلغنَ هنداً … فتَعْلَمَ ما يُكِنُّ لها الضَّميرُ
كأنَّ غَمامة ً غَرّاءَ باتَتْ … تكشفُ عن محاسنها الخدورُ
وقد بلغَ المطيّ، وهنَّ خوصٌ … بلاداً ما تحُلُّ بها قَذورُ
حَلَفْتُ بمَنْ تُساقُ لهُ الهدايا … ومنْ حلتْ بكعبتهِ النذورُ
لقَدْ ولدَتْ جَذيمَة ُ مِنْ قُرَيشٍ … ولكنّي أهابُ، وأرْتجيكُمْ
وأكرَمَها مَواطِنَ حِين تُبْلى … ضرائبُها وتختصبُ النحورُ
به ترمي أعاديها قريشٌ … إذا ما نابها أمرٌ كبيرُ
لَهُ يوْمانِ: يوْمُ قِراعِ كَبْشٍ … ويَوْمٌ يُسْتَظَلُّ بهِ مَطيرُ
بكفيهِ الأعنة ُ، لا سؤومٌ … قتالَ الأعجميَ، ولا ضجورُ
قتَلْتَ الرُّومَ، حتى شَذَّ مِنْها … عصائبُ، ما تُحَرّزُها القُصورُ
فلو كان الحروبُ حروبَ عادٍ … لقامَ على مواطنها صبورُ
وقد علمتْ أمية ُ أنَّ ضعني … إلَيْها، والعُداة ُ لها هَريرُ
وأني ما حييتُ على هواها … وأنّي بالمَغيبِ لها نَصورُ
وما يَبْقى على الأيامِ، إلاّ … بناتُ الدهرِ والكلمُ العقورُ
فمنْ يكُ قاطعاً قرناً، فإني … لفَضْلِ بني أبي العاصي شَكُورُ
علقتُ بجبلكم، فشددتموهُ … فلا واهٍ قواهُ ولا قصيرُ
إمامُ النَّاسِ والخُلفَاءُ مِنْهُمْ … وفِتْيانٌ تسَدُ بها الثُّغورُ
ومظلمة ٍ تضيقُ بها ذراعي … ويَتْرُكُني بها الحَدِبُ النَّصُورُ
كفَوْنيها، ولَمْ يَتواكلوها … بخُلْقٍ، لا ألفُّ ولا عَثورُ
ولولا أنتمُ كرهتْ معدّ … عِضاضي، حينَ لاحَ بي القَتيرُ
ولكني أهابُ، وأترجيكُم … ويأتيني عَنِ الأسَدِ الزَّئيرُ
وأنْتُمْ حينَ حارَبَ كُلَّ أُفْقِ … وحينَ غلتْ بما فيها القدورُ
غَشَمْتُمْ بالسّيوفِ الصِّيدَ، حتى … خَبا مِنها القَباقبُ والهديرُ
إذا ما حيّة ٌ منكُمْ تَوارى … تَنَمّرَ حيّة ٌ مِنْكُمْ ذَكيرُ
وأعطيتمْ على الأعداءِ نصراً … فأبصرتمْ بهِ والناسُ عورُ
وكانَتْ ظُلْمَة ً فكشفْتُموها … وكانَ لها بأيْديكُمْ سُفورُ
فلَوْ أنَّ الشَهورَ بكينَ يوماً … إذا لبكتْ لفقدكمُ الشهورُ
ونعم الحيُّ في اللزباتِ عبسٌ … إذا ما الطَّلْحُ أرْجَفَهُ الدَّبورُ
مساميحُ الشّتاء إذا اجْرَهدَّتْ … وعَزَّتْ عِندَ مَقْسَمِها الجَزورُ
بنو عبسٍ فوارسُ كلّ يوم … يكادُ الهم خشيتهُ يطيرُ
وُفاة ٌ تَنْزِلُ الأضيافُ منهُمْ … مَنازِلَ ما يحُلُّ بها الضّريرُ
وهُمْ عَطَفوا على النُّعْمانِ لمّا … أتاهُ بِتاجِ ذي مُلْكٍ بَشيرُ
فجازوهُ بنعماهُ عليهمْ … غداة َ لهُ الخَوَرْنَقُ والسَّديرُ
كلا أبوَيْكَ مِنْ كَعْبٍ وعبسٍ … بُحورٌ ما تُوازِنُها بُحورُ
فمنْ يكُ في أوائلهِ مختاً … فَإنَّكَ يا وَلِيدُ بِهِمْ فَخُورُ
وتأوي لابنِ زنباعٍ إذا ما … تراخى الريفُ كاسَ لهُ عقيرُ