عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ … ووجدي بكم وجدُ المفارقِ لا يسلو
وها أنا من فقدانكم ما دجا ليل … أبيتُ ولي وَجْدٌ حرارته تعلو
ودمع له في عا … رضي عارض هطلُ
شُغِلْتُ بهذا الوجد قلباً مجّذذاً … ولم أَر لي من شاغل الدمع منقذا
إلامَ أعاني ما اعانيه من أذى … وأطوي على جمرٍ وأغضي على قذى
أقضي نهاري في عسى ولربّما … وأبكي عليكم كلّ آونة ٍ دما
وإنّي وعيشٍ فيكم قد تصرَّما … إذا الليل وافى ضقتُ ذرعاً إلى الحمى
شَجاني حَديثٌ بالبَوار مُصَرِّح … وأوضحَ لي حالَ الرُّصافة ِ موضح
فمن ثمَّ إنْ يفصحْ وللشوقِ مفصح … حداني إلى الزوراء شوق مبرِّح
وقالوا نبتْ لكنْ بأرباب فضلها … وجارتْ على أشرافها بعد عدلها
فقلتُ ولا مأوى ً إلى غير ظلها … إذا ما نيت دارُ السلام بأهلها
على ما أُصيبَت من عظيم مصابها … وما آذنتْ أحداثها بخرابها
فلا ظِلَّ إلاَّ في فسيح رحابها … وإنْ قلصَ الظلّ الذي في جنابها
أيُعرفَ خفضُ العيش إلاّ بخفضها … وفيض النمير العذب إلاّ بفيضها
لئن أجدَبَتْ يوماً فهل مثل روضها … وإنْ نَضِبَ الماء النمير بأرضها
رعى الله ماضي عَهديَ المتقادمِ … ببغدادَ في رغدٍ منَ العَيْش ناعمِ
وفي الكرخِ جاد الكرخَ صوبُ الغمائمِ … ديارٌ بها نيطَتْ عليَّ تمائمي
يكلِّفُني عنها النّوى فوقَ طاقتي … فسكري بتذكاري بها وإفاقتي
منازلُ أحبابي ومنشا علاقتي … بها سَكني في رَبعها الخصب ناقتي
تذكَّرتُ أحباباً لأيامِ جمعها … ولم يصدعِ البينُ المشتُّ بصدعها
فآهاً على وصلي لها بعد قطعها … ألا ليت شعري هل أراني بربعها
عفا ربعها من رَسْمِه وطلوله … وأضحى هشيماً روضها بمحموله
فيا هلْ يروّيها الحيا بهموله … وهل روضها يخضرُّ بعد ذبوله
لقد شاقني منها كرامٌ أماجدُ … مشاهدهم للعالمين مقاصدُ
فهلْ أنا في تلك المقاعد قاعد … وهل أنا في يوم العروبة قاصد
وهل أنا يوماً ظافرٌ بمقاصِدي … فمكرمُ أحبابي ومكبتُ حاسدي
وأجري مع الإخوان مجرى عوائدي … وهلْ كلّ يوم لاثم كفَّ والدي
وهلْ علماءٌ طبَّقَ الأرض علمهم … وحيَّر أفهامَ البريّة ِ فهمهمْ
تَقَرّ بهم عَيني وينجاب غمّهم … وهل أدباء الجانبين يضمّهم
فأغدو ولا كانَ التفرُّق لاقيا … وجوها عليها قد بللتُ المآقيا
بطاقٍ رقى فيمن حواه المراقيا … وذلك طاقُ الشهم لا زال باقيا
وهلْ يُريني مُصبحاً كلّ منجب … وخوّاض أغمارِ الخطوب مجرّب
وكلّ فتى ً عذب الكلام مهذّب … وهل يريّني ذاهباً بعد مغرب
بناها لأشياخٍ قرارة عزِّهم … وصدَّرهم فيها ولاذَ بحوزهم
وإنْ كان لم يفقه إشارة رمزهم … ففيها صدورٌ لازموه لعجزهم
بلونا سراها بعد إصرام حبلها … فكان من البلوى تعذُّرُ مثلها
ديارٌ عَرَفنا بعدها كنه فضلها … سلام على تلك الديار وأهلها
يروقُ لعيني أنْ تكونَ جلاءها … وتشتاقُ نفسي أرضها وسماءها
ومَن قال أسلو ماءَها وهواءَها … فوالله لا أسلو هواها وماءها
أحبَّتَنا مِنّي السلامُ عليكمُ … إذا نُشِرَتْ صحفُ الغرام لديكمُ
أحبَّتنا والدهرُ أبعد عنكمُ … أحِبَّتنا هلْ من وُصولٍ إليكمُ
تناءيت عنكم والهوى فيكم معي … كأنْ لم أكنْ منكم بمرأى ً ومسمع
وقد طالَ بعدي عن دياري وأربعي … ألا هِمَّة ٌ تُرجى ووصلٌ مُرجعي
أحبَّتنا أصبوا إلى حسن قولكم … وإنْ ذقتُ فيه المرَّ من حلو عذلكم
أحِنُّ لمغناكم وسامي محلكم … وإنّي بناديكم على سُوء فعلكم
سألتُ إلهاً لم أخبْ بسؤاله … بلوغَ المنى من فضله ونواله
وأدعو دعاءَ العيد عند کبتهاله … وأسأل ربي بالنبيّ وآله