عز المعالي مات يوسف سابا … عز الفضائل فيه والآدابا
عز الإمارة والوزارة والندى … والبأس والأنساب والأحسابا
وإلى جميع الشرق فانع مهذبا … فقدانه في الشر عم مصابا
ما حال مصر ودون يوسف قد جرى … حكم القضاء فقطع الأسبابا
خطب على التعداد في أمثاله … راع النفوس وحير الألبابا
فكأن ما يرديه في بطن الثرى … يرميه من كبد السماء شهابا
مات الذي ملئت صحائف عمره … آيا تضمنها الفخار كتابا
وبها سما أوج المراتب واقتنى … أسنى السمات وأحرز الألقابا
ولي الوزارة لم يخله حينما … لبى على الآساد يدخل غابا
ورآه كم رؤيا كذوب ناهجا … نهجا يفيد اليل والأعقابا
حتى إذا كشفت له عما بها … لم يرضه فخر تبطن عابا
ولي الإدارة رائضا علاتها … يتدارك التحسين بابا بابا
مهما يلاق من الصعاب يكد في … طلب النجاح ولا يبال صعابا
يوفي جزاء المستحق ويصطفي … أدعى الأمور إلى الصلاح عقابا
فغدا البريد بمصر وهو وليه … عجبا لمن عرف النظير عجابا
أسفا على ذاك الذي عن قومه … في كل محمدة أنيب ونابا
قد كان في الظلمات كوكب عزهم … فاليوم كوكب عزهم قد غابا
إن الشيوخ إذا بكوه قرزؤه … أبكى كهولا بعده وشبابا
صرف الزمان وقد رماه رمى به … قلب المروءة والندى فأصابا
لما نعوه نعوا هماما ماجدا … ملأ النهى بصفاته إعجابا
وكأن ألسنة من البرق الذي … ينعي مددن إلى القلوب حرابا
كيف الضمير العبقري مشارفا … هذا الوجود جلا أكان ضبابا
كيف البناء كذل الجسم الذي … عمرته تلك الروح بات يبابا
ذاك التبسم عن صفاء طوية … ذاك البدار تحية وجوابا
ذاك التلفت وهو من صيد امرئ … ما هان يوم كريهة أو هابا
ذاك المحيا مشرقا في لحية … زان السواد بها بياض شابا
تلك اللحاظ سدسدة فإذا نبت … فلعلها تجد المريب فتابى
تلك الشمائل والمعارف والنهى … والحسن والحسنى أصرن ترابا
لم يرض سابا أن يكون له عدى … واستكثر الإخوان والأحبابا
ما قال فاحشة ولم يهمم بها … يوما ولم يلمم بأمر رابا
فاظنن بعال منصبا ووظيفة … ما اغتابه الحساد أو ما اغتابا
من لم يفرط في حساب ضميره … لم يخش يوما للعباد حسابا
أعرفت حرا غير سابا لم يجئ … قولا وفعلا ما يثير عتابا
إن مر ورد الدهر ظل حديثه … عذبا وإن خبثت أناس طابا
سمح إلى الإتلاف إن يتقاضه … ذاك الوفاء ولم يظن ثوابا
ما أم مشرع جاهه أو ماله … قمن بتحقيق الرجاء فخابا
متنزه عالي الجناب وقل من … جمع التنزه والعلو جنابا
يتوسم الإخلاص في أعماله … حتى ليوشك أن يشف حجابا
ثبت على الرأي الصحيح فإن يقع … خطأ تجده الراجع التوابا
لم يدعه داع لأمر واجب … إلا تشمر مسرعا وأجابا
بالجد يكسب في النفوس مهابة … ويقل ما شاء الكمال دعابا
يدع القشور لكل دي لهو بها … ويرى الأمور حقيقة ولبابا
لا يعرف الدعوى ولا يرضي امرأ … كذبا ويفعل ما استطاع صوابا
ويرى من المزري تكلف سيد … في يوم صدق أن يقول كذابا
يوم سابا ما فعلت بأمة … ثكلته دع أهليه والأصحابا
ألقطر مهتز الجوانب لوعة … والنيل لو يعلو لسال سحابا
والوافدون يشيعون عزيزهم … حشد به الطرقات ضقن رحابا
فكأن حول النعش بحرا مائجا … وكأنه فلك يشق عبابا
ما من أمير أو رفيع مكانة … إلا عليه استمطر الأهدابا
ما من يتيم أو ضعيف بائس … إلا بكاه بحر قلب ذابا
لله يا حلو الصداقة كم سقت … هذي النوى فيك الأحبة صابا
أليوم عدن استأنست من وحشة … بأبر مبتكر إليها آبا
إن قلت لا تبعد فإنك بيننا … هل مائت من يخلف الأنجابا