عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ … وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ
كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ … وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ
شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ … في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ
ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ … وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ
الهِندُ والِهَةٌ وَمِصرُ حَزينَةٌ … تَبكي عَلَيكِ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ
وَالشامُ تَسأَلُ وَالعِراقُ وَفارِسٌ … أَمَحا مِنَ الأَرضِ الخِلافَةَ ماحِ
وَأَتَت لَكِ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَمًا … فَقَعَدنَ فيهِ مَقاعِدَ الأَنواحِ
يا لَلرِجالِ لَحُرَّةٍ مَوؤودَةٍ … قُتِلَت بِغَيرِ جَريرَةٍ وَجُناحِ
إِنَّ الَّذينَ أَسَتْ جِراحَكِ حَربُهُمْ … قَتَلَتكِ سَلمُهُمُ بِغَيرِ جِراحِ
هَتَكوا بِأَيديهِمْ مُلاءَةَ فَخرِهِمْ … مَوشِيَّةً بِمَواهِبِ الفَتّاحِ
نَزَعوا عَنِ الأَعناقِ خَيرَ قِلادَةٍ … وَنَضَوا عَنِ الأَعطافِ خَيرَ وِشاحِ
حَسَبٌ أَتى طولُ اللَيالي دونَهُ … قَد طاحَ بَينَ عَشِيَّةٍ وَصَباحِ
وَعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرى أَسبابِها … كانَت أَبَرَّ عَلائِقِ الأَرواحِ
جَمَعَتْ عَلى البِرِّ الحُضورَ وَرُبَّما … جَمَعَتْ عَلَيهِ سَرائِرَ النُزّاحِ
نَظَمَتْ صُفوفَ المُسلِمينَ وَخَطوَهُمْ … في كُلِّ غَدوَةِ جُمعَةٍ وَرَواحِ
بَكَتِ الصَلاةُ وَتِلكَ فِتنَةُ عابِثٍ … بِالشَرعِ عِربيدِ القَضاءِ وَقاحِ
أَفتى خُزَعبِلَةً وَقالَ ضَلالَةً … وَأَتى بِكُفرٍ في البِلادِ بَواحِ
إِنَّ الَّذينَ جَرى عَلَيهِمْ فِقهُهُ … خُلِقوا لِفِقهِ كَتيبَةٍ وَسِلاحِ
إِن حَدَّثوا نَطَقوا بِخُرسِ كَتائِبٍ … أَو خوطِبوا سَمِعوا بِصُمِّ رِماحِ
أَستَغفِرُ الأَخلاقَ لَستُ بِجاحِدٍ … مَن كُنتُ أَدفَعُ دونَهُ وَأُلاحي
مالي أُطَوِّقُهُ المَلامَ وَطالَما … قَلَّدتُهُ المَأثورَ مِن أَمداحي
هُوَ رُكنُ مَملَكَةٍ وَحائِطُ دَولَةٍ … وَقَريعُ شَهباءٍ وَكَبشُ نِطاحِ
أَأَقولُ مَن أَحيا الجَماعَةَ مُلحِدٌ … وَأَقولُ مَن رَدَّ الحُقوقَ إِباحي
الحَقُّ أَولى مِن وَلِيِّكَ حُرمَةً … وَأَحَقُّ مِنكَ بِنُصرَةٍ وَكِفاحِ
فَامدَح عَلى الحَقِّ الرِجالَ وَلُمهُمُ … أَو خَلِّ عَنكَ مَواقِفَ النُصّاحِ
وَمِنَ الرِجالِ إِذا انبَرَيتَ لِهَدمِهِمْ … هَرَمٌ غَليظُ مَناكِبِ الصُفّاحِ
فَإِذا قَذَفتَ الحَقَّ في أَجلادِهِ … تَرَكَ الصِراعَ مُضَعضَعَ الأَلواحِ
أَدُّوا إِلى الغازي النَصيحَةَ يَنتَصِحْ … إِنَّ الجَوادَ يَثوبُ بَعدَ جِماحِ
إِنَّ الغُرورَ سَقى الرَئيسَ بِراحِهِ … كَيفَ احتِيالُكَ في صَريعِ الراحِ
نَقَلَ الشَرائِعَ وَالعَقائِدَ وَالقُرى … وَالناسَ نَقْلَ كَتائِبٍ في الساحِ
تَرَكَتهُ كَالشَبَحِ المُؤَلَّهِ أُمَّةٌ … لَم تَسلُ بَعدُ عِبادَةَ الأَشباحِ
هُمْ أَطلَقوا يَدَهُ كَقَيصَرَ فيهُمُ … حَتّى تَناوَلَ كُلَّ غَيرِ مُباحِ
غَرَّتهُ طاعاتُ الجُموعِ وَدَولَةٌ … وَجَدَ السَوادُ لَها هَوى المُرتاحِ
وَإِذا أَخَذتَ المَجدَ مِن أُمِّيَّةٍ … لَم تُعطَ غَيرَ سَرابِهِ اللَمّاحِ
مَن قائِلٌ لِلمُسلِمينَ مَقالَةً … لَم يوحِها غَيرَ النَصيحَةِ واحِ
عَهدُ الخِلافَةِ فِيَّ أَوَّلُ ذائِدٍ … عَن حَوضِها بِبَراعَةٍ نَضّاحِ
حُبٌّ لِذاتِ اللهِ كانَ وَلَم يَزَلْ … وَهَوًى لِذاتِ الحَقِّ وَالإِصلاحِ
إِنّي أَنا المِصباحُ لَستُ بِضائِعٍ … حَتّى أَكونَ فَراشَةَ المِصباحِ
غَزَواتُ «أَدهَمَ» كُلِّلَت بَذَوابِلٍ … وَفُتوحُ «أَنوَرَ» فُصِّلَت بِصِفاحِ
وَلَّتْ سُيوفُهُما وَبانَ قَناهُما … وَشَبا يَراعي غَيرُ ذاتِ بَراحِ
لا تَبذُلوا بُرَدَ النَبِيِّ لِعاجِزٍ … عُزُلٍ يُدافِعُ دونَهُ بِالراحِ
بِالأَمسِ أَوهى المُسلِمينَ جِراحَةً … وَاليَومَ مَدَّ لَهُمْ يَدَ الجَرّاحِ
فَلتَسمَعُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ داعِيًا … يَدعو إِلى الكَذّابِ أَو لِسَجاحِ
وَلتَشهَدُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ فِتنَةً … فيها يُباعُ الدينُ بَيعَ سَماحِ
يُفتى عَلى ذَهَبِ المُعِزِّ وَسَيفِهِ … وَهَوى النُفوسِ وَحِقدِها المِلحاحِ