طَرَقَتْ فَنَمَّ عَلى الصَّباحِ شُروقُ … واللَّيلُ تَخْطِرُ في حَشاهُ النُّوق
وَالنَّجْمُ يَعثُرُ بِالظَّلامِ فَيَشتَكي … ظَلعاً ليجذِبَ ضَبْعِهُ العَيُّوق
فَاسْتَيْقَظَ النَّفَرُالهُجودُ بِمَنْزِلٍ … لِلقلبِ مِنْ وَجَلٍ لَدَيهِ خُفوقُ
وَالرُّعْبُ يَسْتَلِبُ الشُّجاعَ فُؤادَهُ … وَيَغُضُّ مِنْ كَلماتِهِ المِنطيقُ
نَزَلَتْ بِنا وَاللَّيْلُ ضافٍ بُرْدُهُ … ثُمَّ انثنتْ وقَميصُهُ مَخْروقُ
والأُفقُ مُلْتَهِبُ الحَواشي يَلتظي … وَالأرضُ ضاحِيَة ُ الوشُومِ تَروقُ
لِلّهِ ناضِرَة ُ الصِّبا يَسْرِي لَها … طَيفٌ إذا صَغَتِ النُّجومُ طَروقُ
طَلَعَتْ عَلينا، والمُعَرَّسُ عالِجٌ … وَالعِيسُ أَهوَنُ سيرهِنَّ عنِيق
وَاللَّيْلُ ، ما سَفَرَتْ لَنا ، عَجِلُ الخُطا … وَالرَّملُ، ما نَزَلتْ بِهِ، مَوموق
هَيفاءُ نَشْوَى اللَّحْظِ يُقْصِرُ طَرْفَها … خَفَرٌ، وَيَسْكَرُ تارة ً وَيفيقُ
فَكأَنَّهُ، وَالبَينُ يُخضِلُ جَفنَهُ … بِالدَّمْعِ مِنْ حَدَقِ المَها مَسْروقُ
يا أًخْتَ مُقتَنِصِ الكماة ِ بِمَوقِفٍ … لِلْنَسْر تَحْتَ عَجاجِهِ تَرنِيقُ
أَتَركتنا بِلوى َ زَرُودَ، وقد صَفا … عَيْشٌ كَحاشية ِ الرِّداءِ رَقيقُ
وَالرِّيحُ أَيقَظَتِ الرِّياضَ ، وَلِلْحيِا … فيها إذا رَقَدَ العَرارُ، شَهيقُ
وَطَلَبْتِنا وَعَلى المُضَيَّحِ فَالحِمَى … مَغْدَى النَّجائِب، وَالمَراحُ عَقيقُ
هَلاّ بخلتِ بنا، وَنَحْنُ بِعبطَة ٍ … وَالدَّهْرُ مَصْقولُ الأَديمِ أَنيقُ
وَعَلَي مِن حلَلِ الشَّبابِ ذَوائِبٌ … عَبِقَتْ بِريّا المِسْكِ وَهْوَ فَتيقُ
وَهَوايَ تِلْوُ هَواكِ في رَوقِ الصِّبا … حَتَّى كَأَنَّ العاشِقَ المَعْشوقُ
وَتَصَرَّمَتْ تِلكَ السِّنونَ وَشاغَبت … نُوَبٌ تَفُلُّ السَّيفَ وَهوَ ذَليقُ
عَرَضَتْ عَلى غَفَلاتِ ظَنِّي عَزْمة ٌ … لَمْ يستَشَفَّ وراءَها التَّوفيقُ
واسترقصَ السَّمعَ الطَّروبَ روَاعِدٌ … وَاسْتَغْوَتِ العَيْنَ الطَّموحَ بُروقُ
وَأُشبَّ لي طَمَعٌ، فليتَ ركائبي … عَلِمَتْ غَداة َ الجِزْعِ أَينَ أسوقُ
فَغَرَفْتُ ما جَنتِ الخُطوبُ وَلم أُطل … أَملاً، فما لِمخَيلة ٍ تَصديقُ
وَنَجوتُ منصَلتاً وَلَم أَكُ ناصِلاً … سِيمَ المُروقَ فَلَمْ يُعِنْهُ الفُوقُ
وَإذا اللَّئيمُ تَغَضَّنَتْ وَجَناتُهُ … بُخْلاً ، وَجَفَّ بِما ضِغَيْهِ الرِّيقُ
فَالعَرْصَة ُ الفَيحاءُ مَسْرَحُ أَيْنَقٍ … لَمْ يَنُبُ عَن عَطَنٍ بِهِنَّ الضِّيقُ
وَعَلى نَدى المُستَظهِرِ بنِ المقتدى … حامَ الرَّجاءُ يُظِلُّهُ التَّحقيقُ
وَرِثَ الإِمامَة َ كابِراً عَن كابِرٍ … مُتَوكِّلِيٌّ بِالعَلاءِ خَليقُ
كَهْلُ الحِجى عَرُضَتْ مَنادِحُ رأْيِهِ … والغُصْنُ مُقْتَبِلُ النَّباتِ وَريقُ
خَضِلُ البَنانِ بِنائلٍ ، مِنْ دُونِهِ … وَجهٌ يجولُ البِشرُ فيهِ طَليقُ
تَجْري عَلى ظَلَعٍ إلى غاياتِهِ … هَوجاءُ طائِشَة ُ الهُبوبِ خَريقُ
وَيُخَلَّفُ المُتَطَلِّعينَ إلى المَدى … في الفَخرِ مُنجَذِبُ العِنانِ سبوقُ
وَيُقيمُ زَيغَ الأمْرِ ، ناءَ بِعِبْئِهِ … ذو الغارِبِ المَجْزولِ ، وَهْوَ مُطيقُ
وَعَلَيهِ مِن سيماءِ آلِ مُحَمَّدٍ … نُورٌ يُجيرُ عل الدُّجى مَرموقُ
وَالبردُ يَعلَمُ أَنَّ في أثنائِهِ … كَرَماً يَفوقُ المُزْنَ ، وَهْوَ دَفوقُ
أَفْضَتْ إليهِ خِلافة ٌ نَبويَّة ٌ … مِنْ دونِها لِلْمَشْرَفِيّ بَريقُ
فَاحتالَ مِنبرها بهِ وَسريرُها … وَكِلاهُما طَرِبٌ إليهِ مشوقُ
فَالآنَ قَرَّتْ في مُعَرَّسِها الّذي … كانَتْ على قَلَقٍ إليهِ تَتُوقُ
لَكَ يا أميرَ المؤمنينَ تُراثُها … وَبهِ استَتَبَّ لَها إليكَ طَريقُ
وَلَكَ الأَيادي ما يَزالُ بِذكرها … يَطْوي الفَلا مَرِحُ النَّجاءِ فَنيقُ
وَمَناقِبٌ يَزْدادُ طولاً عِنْدَها … باعٌ بِتَصْريفِ القَناة ِ لَبيقُ
شَرَفٌ مَنافِيٌّ ، وَمَجْدٌ أَتْلَعٌ … يَسمو بهِ نَسَبٌ أَعزُّ عَتيقُ
وَشَمائلٌ طَمَحَتْ بِهِنَّ إلى العُلا … في سُرَّة ِ البَلَدِ الأَمينِ عُروقُ
وَبَلَغْتَ في السِّنِّ القَريبَة ِ رُتْبَة ً … نَهَضَ الحَسودُ لَها فَعَزَّ لَحوقُ
وَنَضا وَزيرُكَ عَزْمة ً عَرَبيَّة ً … نَبَذَتْ إلَيكَ الأَمْرَ وَهْوَ وَثيقُ
وَدَعا لبيعَتِكَ القُلوبَ فَلَمْ يَمِلْ … مِنها إلى أَحدٍ سِواكَ فَريقُ
يَرمي ورَاءَكَ وَهوَ مَرهوبُ الشَّذا … وعليكَ مُلْتَهِبُ الضَّميرِ شَفيقُ
رَأيٌ يُطِلُّ على الخُطوبِ فَتَنْجَلي … عَنْهُ ، وَكَيْدٌ بِالعَدُوِّ يَحيقُ
لا زالَ مَمْدودَ الرِّواقِ عَلَيْكُما … ظِلٌّ يَقيلُ العِزُّ فيهِ صَفيقُ