صُروفُ المنايا ليسَ يُودى قَتيلها … ودارُ الرَّزايا لا يَصِحُّ عَلِيلُها
مُنِيتُ بِها مُسْتَكْرهاً فکجْتَوَيْتُها … كما يجتَوِي دارَ الهوانِ نزيلُها
يُشهِّي إليَّ الموتَ عِلْمِي بأمْرِها … ورُبَّ حَياة ٍ لا يَسُرُّكَ طُولُها
وأكْدَرُ ما كانَتْ حياة ُ نُفُوسِها … إذا ما صَفَتْ أذهانُها وعُقُولُها
ومَنْ ذا الذي يحْلُو لهُ العَيشُ بعدَما … رَأتْ كُلُّ نَفْسٍ أنَّ هذا سَبِيلُها
أَقِمْ مأْتَماً قد أُثْكِلَ الفضْلُ أهْلَهُ … وبَكّ المعالِي قدْ أجدَّ رحِيلُها
إذا أنْتَ كَلَّفْتَ المَدامِعَ حَمْلَ ما … عَناكَ مِنَ الأحْزانِ خَفَّ ثَقِيلُها
ويَا باكِيَ العَلْياءِ دُونَكَ عَبْرَة ً … ملِيّاً بإسْعادِ الخليلِ هُمُولها
وَمُهْجَة َ مَخْزُونٍ تَخَوَّنَها الضَّنا … فلَمْ يَبْقَ إلاّ وجْدُها وغَليلُها
ألا بِکلتُّقى وَکلصَّالِحاتِ مُفَارِقٌ … طَوِيلٌ عَلَيْهِ بَثُّها وَعَوِيلُها
أصابَ الرَّدى نَفْساً عزِيزاً مُصابُها … كَرِيماً سَجاياها قَلِيلاً شُكُولُها
فأقْسَمْتُ ما رامَتْ منيعَ حجابِها الـ … ـمَنُونُ وَفِي غَيرِ الكِرامِ ذُحُولُها
وما زالَ ثَأْوُ الدَّهْرِ عندَ معاشِرٍ … يَشِيمُ النَّدى أيْمانَهُمْ وَيُخِيلُها
فمَنْ يَكُ مدفُوعاً عنِ المجْدِ قوْمُهُ … فإنَّ قَبيلَ المكْرُماتِ قَبيلُها
ومَنْ يَكُ مَنْسِيَّ الفِعالِ فإنَّهُ … مَدى الدَّهْرِ بالذِّكْرِ الجَمِيلِ كَفِيلُها
يطيبُ بقدْرِ الفائِحاتِ نَسيمُها … وتزْكُوا الفُرُوعُ الطَّيباتُ أُصُولُها
سَحابَة ُ برٍ آنَ مِنْها انْقِشاعُها … وأيْكَة ُ مجدٍ حانَ منها ذُبُولُها
أوَدُّ لَها سُقْيا الغَمامِ ولَوْ أشا … إذاً كَشَفَتْ صَوْبَ الغَمامِ سُيُولُها
وَكَيْفَ أُحَيِّي ساكِنَ الخُلْدِ بالحَيا … وَما ذُخِرَتْ إلاّ لَهُ سَلْسَبِيلُها
سيَشْرُفُ في دارِ الحِسابِ مقامُها … وَيَبْرُدُ فِي ظِلِّ الجِنانِ مَقِيلُها
نَلُوذُ بأَسْبابِ العزاءِ وإنَّهُ … لَيَقْبُحُ فِي حُكْمِ الوَفاءِ جَمِيلُها
وهَلْ يَنْفَعُ المَرْزِيَّ أنْ طالَ عتْبُهُ … عَلَى الدهَّرِ والأيَّامُ صَعْبٌ ذَلُولُها
فَلا يَثْلِمَنَّ الحُزْنُ قَلْبَكَ بَعْدَها … فَقِدْماً أبادَ المُرْهَفاتِ فُلُولُها
وماذا الذي يأْتِي بهِ لكَ قائِلٌ … وَأنْتَ قَؤُولُ المَكْرُماتِ فَعُولُها
إذا ابْنُ عليٍّ رامَ يوماً بحزْمِهِ … لِقاءَ خُطُوبِ الدَّهْرِ دَقَّ جَلِيلُها
وَما زِلْتَ مَمْلُوءًا مِنَ الهِمَمِ الَّتِي … تُقَصِّرُ أيّامَ الرَّدى وتُطِيلُها
يَنالُ مَدى المَجْدِ البَعِيدِ رَذِيُّها … ويَقْطَعُ في حَدِّ الزَِّمانِ كَليلُها
فقدْتَ فلمْ تَفْقَدْ عزاكَ وإنَّما … يُضَيِّعُ مَأثُورَ الأُمورِ جَهُولُها
عَلى أنَّ مَنْ فارَقْتَ بالأمْسِ لا تَفِي … بِحَقٍّ لَهُ أغْزارُ دَمْعٍ تُسِيلُها
وَمَا عُذْرُها أنْ لا يَشُقَّ مُصابُها … عَلى الدِّينِ وَکلدُّنْيا وَأنْتَ سَلِيلُها