اختلاف النهار والليل ينسي … اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وصفا لي ملاوة من شباب … صورت من تصورات ومس
عصفت كالصبا اللعوب ومرت … سنة حـلوة ولذة خلس
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها … أو أسا جرحه الزمان المؤسي
كلما مرت الـليالـي عليه … رق، والعهد فـي الليالي تقسي
مستطار إذا البواخر رنت … أول الليل، أو عوت بعد جرس
راهب في الضلوع للسفن فطن … كلما ثرن شاعهن بنقس
يا ابنة اليم، ما أبـوك بـخيل … ماله مولعاً بمنع وحبس
أحرام على بلابـله الدوح … حلال للطير من كل جنس؟
كل دار أحق بالأهل إلا … في خبيث من المذاهب رجس
نفسي مرجل، وقلبي شراع … بهما في الدموع سيري وأرسي
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك … يـد (الثغر) بـين (رمل) و(مكس)
وطـني لو شغلت بالخلد عنه … نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهـفا بالفؤاد في سلسبيل … ظمأ للسواد مـن (عين شمس)
شهد الله لم يغب عن جـفوني … شخصه ساعة ولم يخل حسي
يا فؤادي لكل أمر قرار … فيه يبدو وينجلي بعد لبس
عقلت لجة الأمور عقولاً … طالت الحوت طول سبح وغس
غرقت حيث لا يصاح بطاف … أو غريق، ولا يصاخ لحس
فلـك يكسف الشموس نـهـاراً … ويسوم البدور ليلة وكس
ومواقيت للأمور إذا ما … بلغتها الأمور صارت لعكس
دول كالرجال مرتهنـات … بقيام من الجدود وتعس
وليال من كل ذات سوار … لطمت كل رب (روم) و(فرس)
سددت بالهلال قوساً وسلت … خنجراً ينفذان من كل ترس
حكمت في القرون (خوفو) و(دارا) … وعفت (وائلاً) وألوت (بعبس)
أين (مروان) في المشارق عرش … أموي وفي الـمغارب كرسي؟
سقمت شمسهم فرد عليها … نورها كل ثاقب الرأي نطس
ثم غابت وكل شمس سوى هاتيك … تبلى، وتنطوي تحت رمس
وعظ (البحتري) إيـوان (كسرى) … شفتني القصور من (عبد شمس)
رب ليل سريت والبرق طرفي … وبساط طويت والريح عنسي
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالغرب … وأطوي البلاد حزنـاً لدهس
في ديار من الخلائف درس … ومـنار من الطوائف طمس
وربى كالجنان في كنف الزيتون … خضر، وفي ذرا الكرم طلس
لم يرعـني سوى ثرى قرطبي … لمست فيه عبرة الدهر خمسي
يا وقى الله ما أصبح منه … وسقى صفوت الحيا ما أمسي
قرية لا تعد في الأرض كنت … تمسك الأرض أن تميد وترسي
غشيت ساحل المحيط وغطت … لجة الروم من شراع وقلس
ركب الدهر خاطري في ثراها … فأتى ذلك الحمى بــعد حدس
فتجلت لي القصور ومن فيها … من العز في منازل قعس
سنة من كرى وطيف أمـان … وصحا القلب مـن ضلال وهجس
وإذا الدار ما بها من أنيس … وإذا القوم ما لهم من محس
ورقيق من البيوت عتيق … جاوز الألف غير مذموم حرس
أثر من (محمد) وتراث … صار (للروح) ذي الولاء الأمس
بلغ النجم ذروة وتناهى … بين (ثهلان) في الأساس و(قدس)
مرمر تسبح النواظر فيه … ويطول المدى عليها فترسي
وسوار كأنها في استواء … ألفات الوزير في عرض طرس
فترة الدهر قد كست سطريها … ما اكتسى الهدب من فتور ونعس
ويحها كم تزينت لعليم … واحد الدهر واستعدت لخمس
وكأن الرفيف في مسرح العين … ملاء مدنرات الدمقس
ومكان الكتاب يغريك رياً … ورده غائباً فتدنو للمس
صنعة (الداخل) المبارك في … الغرب وآل له ميامين شمس
من (لحمراء) جللت بغبار … الدهر كالجرح بين بـرء ونكس
كسنا البرق لو محا الضوء لحظاً … لمحتها العيون من طول قبس
حصن (غرناطة) ودار بني الأحمر … من غافل ويقظان ندس
جلل الثلج دونها رأس (شيرى) … فبدا منه في عـصائب برس
سرمد شيبه، ولم أر شيئاً … قبله يـرجى البقاء وينسي
مشت الحادثات في غرف (الحمراء) … مشي النعي في دار عرس
هتكت عزة الحجاب وفضت … سدة الباب من سمير وأنسي
عرصات تخلت الخيل عنها … واستراحت من احتراس وعس
ومغان على الليالي وضاء … لم تجد للعشي تكرار مس
لا ترى غير وافدين على التاريخ … ساعين في خشوع ونكس
نقلوا الطـرف في نضارة آس … من نقوش، وفي عصارة ورس
وقباب من لازورد وتبر … كالربى الشم بين ظل وشمس
وخطوط تكفلت للمعاني … ولألفاظها بأزيـن لبس
وترى مجلس السباع خلاء … مقفر القاع من ظباء وخنس
لا (الثريا) ولا جواري الثريا … يتنزلن فيه أقمار إنس
مرمر قامت الأسود عليه … كلة الظفر لينات المجس
تنثر الماء في الحياض جماناً … يـتنزى على ترائب ملس
آخر العهد بالجزيرة كانت … بعد عرك من الزمان وضرس
فتراها تقول: راية جيش … باد بالأمس بـين أسر وحـس
ومفاتيحها مقاليد ملك … باعها الوارث المضـيع ببخس
خرج القوم في كتائب صم … عن حفاظ كموكب الدفن خرس
ركبوا بالبحار نعشاً وكانت … تحت آبائهم هي العرش أمس
رب بان لهادم، وجموع … لمشت ومحسن لمخس
إمرة الناس همة لا تأنى … لجبــان ولا تسنى لجبس
يا دياراً نزلت كالخلد ظلاً … وجـنى دانياً وسلسال أنس
محسنات الفصول لا نـاجر فيها … بقيظ ولا جمادى بـقرس
لا تحش العيون فوق ربــاها … غير حور حو المراشف لعس
كسيت أفرخي بظلك ريشاً … وربا في رباك واشتد غرسي
هم بنو مصر لا الجميل لديهم … بمضاع ولا الصنيع بمنسي
من لسان على ثنائك وقف … وجنان على ولائك حبس
حسبهم هذه الطلول عظات … من جديد على الدهور ودرس
وإذا فاتك التفات إلى الماضي … فقد غاب عنك وجه التأسي