سلوا عن فؤادي بعدكم كيف حاله … وقد قوضت عند الصباح رحاله
ولا تحسبوا أني سلوت على النوى … فسلوان قلبي في هواكم محاله
وما حال من شطت بغرب دياره … وفي الشرق أهلوه وثم حلاله
ولكنني وطنت نفسي وإنها … سجية من طابت وجلت خلاله
وعللت نفسي باللقاء فإنني … لآمل لطف الله جل جلاله
وما الحر إلا من يعاني ضرورة … فيبدو عليها صبره واحتماله
سجية آباء كرام ورثتها … بحق ويبني المجد للمرء آله
توارثت عز الملك عن كل ماجد … سما في المعالي باسه ونواله
صهيل الجياد الصافنات غناؤه … وتحت البنود الخافقات ظلاله
سل الدهر عن أبناء نصر وإن ضنا … فسل عنهم الدين الذي هم رجاله
عسى جبل الفتح الذي بجنابه … حللت بقرب الفتح يصدق فاله
نسائل أنفاس النسيم إذا سرى … عسى خبر عنكم تؤدي شماله
ونرجو مزار الطيف في سنة الكرى … ومن لي بنوم فيه يسري خياله
بنفسي غزال قد غزتني لحاظه … وتيم قلبي حسنه وجماله
هو البدر والجوزاء قرط معسجد … وجنح الليالي فرعه ودلاله
تقربه الأوهام مني وإن نأت … منازله عني وعز مناله
وأسأل عن أخباره كل وارد … فيا ليت شعري كيف عني سؤاله
ألا في سبيل الله قلب مقلب … على البعد لا يخلو من الوجد باله
وبالجانب الشرقي سرب من الدما … بغير الكرى ما إن يصاد غزاله
تقنصت منه ظبية الأنس فانثنت … رهينة حب وثقتها حباله
أفاتكة اللحظ الذي بجوانحي … على غرة منها استقرت نباله
يطيع الورى ملكي امتثالا لأمره … وأمرك مكتوب علي امتثاله
لئن غبت عن عيني فشخصك حاضر … يلازم فكري شكله ومثاله
وإن نقلت عنك الليالي ركائبي … فؤادي فشيء ليس يخفى انتقاله
إذا ما جدت ريح الزفير مدامعي … تسح فتروى من دموعي رماله
وتالله ما اعتل النسيم وإنما … تعلم من شجوي فبان اعتلاله
تذكرت ليلا بالحبيب قطعته … وشملي على كل الأماني اشتماله
تحير فيه الفجر أين طريقه … وفوق ذراعي بدره وهلاله
وعاطيته من خمره ورضابه … شرابا به منه عليه انتقاله
وعانقت منه الغصن مالت يد الصبا … به فسباني لينه واعتداله
ترى هل يعود الشمل كيف عهدته … ويبلغ قلبي ما اشتهى ويناله
سقى الله من غرناطة متبوئا … غماما يروي ساحتيها سجاله
وربعا بحمراء المدينة آهلا … أنيطت على بدر السماء حجاله
وغابا به للملك أشبال ضيغم … يروع الأعادي باسه وسباله
لقد هاجني شوق إليها مبرح … إذا شمت برق الشرق شب ذباله
فكم لي على الوادي بها من عشية … يقل لها ذكر الفتى ومقاله
عسى الله يدني ساعة الفرج التي … بها يتسرى عن فؤادي خباله
صرفت إلى الله الوفاء ضراعة … وما خاب يوما من عليه اتكاله