رنا وكأن البابلي المصفقا … ترقرق من جفنيه صرفا معتقا
ورد يدا عن ذي حباب مرنق … وحيا بها من وجنتيه مروقا
وراح وشمس الراح في غسق الدجى … تقابل منه البدر في بانة النقا
سعى في خضاب من رحيق مشعشع … ببرد رضاب ذبت منه تحرقا
ولي عبرات تستهل صبابة … عليه إذا برق الغمام تألقا
أنهنه وجدي أن يفوه بلوعتي … وكان لسان الحب بالحب أنطقا
فإما أشم عذري سعى بي مكذبا … وإن اختصم دمعي سعى بي مصدقا
فلله ما ألقاه من فيض مدمع … إذا كفكف العذال منه تدفقا
ألفت الهوى حتى حلت لي صروفه … ورب نعيم كان جالبه شقا
ألذ بما أشكوه من ألم الجوى … وأفرق إن قلبي من الوجد أفرقا
فها أنا ذو حالين أما تحرقي … فحي وأما سلوتي فلك البقا
يقول نجي الدمع رفقا بمائه … ولو رفق الحادي به لترفقا
فإن بنات الصدر ما دام في اللهى … لها مرتقى فالدمع في غير مرتقى
وردت شراب الدمع فازددت غلة … ومن ذا يعاطيك الإخاء المحققا
وأرخص شوقي في الهوى صدق خلتي … ويهدي النفاق من أراد التنفقا
سفرت لهذا الدهر عن غير شيمتي … ومن كان مأخوذا بخلق تخلقا
وأصبحت لا أرضى القوافي لمنطقي … على أن لي فيها لسانا ومنطقا
وصنت بنات الفكر عن غير أهلها … ومن ولي الحسناء صان وأشفقا
ومنيتها كفؤا تليق بمجده … فكانت بآلاء ابن أحمد أليقا
كدأبي ما كانت سهام مطالبي … لترمي هوى ما لم تجد فيه مرشقا
فزارت عفيف الدين شاكية العلى … ليمنحها محض الوداد فأصدقا
فتى خطب الزلفى فأجزل مهرها … تقى ورأى الدنيا نعيا فطلقا
أخو ثقة ولى على المال راحة … ترى أن جمع الحمد أن يتفرقا
إذا علقت أخرى النسيب بمدحه … خروجا رأيت المدح بالسمع أعلقا
رسيل الغوادي يستهل بنانه … سماحا إذا ما رائد النجم أخفقا
تباين في حاليه سح على العلى … وأسرف في الجدوى فأثرى وأملقا
وأنفد في جمع المحامد همه … ولم يدخر إلا التلاد المفرقا
فلا مجد إلا ما به شهد الندى … ولا مال إلا ما أتاك وأنفقا
تمرس بالألوى الأبي فما وفى … وقرطس في المعنى الخفي فأغرقا
يجيل رموز الطرف من لحظاته … ويقرأ في النجوى الكلام المعلقا
رأى بيت مال الملك نهبى فأصبحت … كفايته سورا عليه وخندقا
فما سئل الإنصاف إلا أناله … ولا احتاط للسلطان إلا توثقا
أمانة مرجو الأناة مخوفها … تحلمه العدوى ويملكه التقى
كذا ما ادعى طرق السياسة صادقا … سوى من بلوناه على العجم أصدقا
رأيت بني عبد اللطيف إذا انتموا … كواكب لا ترضى سوى المجد مشرقا
أناس تجلوا في دجى كل غمة … سنا وتحلوا لؤلؤ الحمد منتقى
وصانوا علاهم عن كلام مذمم … ولم يقتنوا إلا الثناء المعشقا
إذا كسد الفضل الغريب بموسم … وسيق إلى أسواقهم كان أسوقا
شفعت مساعيهم بسعيك يا أبا الحسين … فحزت الحسنيين موفقا
وخلوا لك الغايات لا عن كلالة … ولكن تقدمت السوابق أسبقا
بقيت على رغم العدى فائت الردى … تجمع من شمل الندى ما تفرقا
ودمت لأعياد الزمان مهنأ … بكل رداح تبهر الشمس رونقا
فدونكها من مطلع الشعر مبسما … ترى معرقا في نسبة الفضل مغرقا
معاني من لم يورد السمع ماءها … تغمر منها في سراب ترقرقا