ركد الرجاء فما يهزك مأرب … ومضى المراح فما يهيجك مطرب
شمس الزمان فما يلين وربما … أخذ الصبي عنانه يتلعب
وأرى الحوادث جامحاتٍ بعدما … غنيت نزائعها تقاد وتجنب
في الجانب الوحشي منها مرتقى ً … ما يستطاع وسورة ٌ ما تغلب
ألقت جوافلها بشعبٍ رازحٍ … ألف الهوان يجر فيه ويسحب
عرف النوائب ناشئاً وعرفنه … كهلاً يكب على اليدين ويحدب
ولئن نضا برد الشباب فما نضا … من جهل ذي العشرين ما يتجلبب
ويح الكنانة كيف تلعب أمة ٌ … شمطاء واهنة ٌ وشعبٌ أشيب
يرجو ويأمل والحياة صريمة ٌ … تمضي نوافذها وعزمٌ يدأب
ادفع بنفسك لا تكن متهيباً … ما اعتز في الأقوام من يتهيب
عجز الفتى في ظنه ورجائه … الظن يخلف والرجاء يخيب
إشرع لأمتك الحياة ولا يكن … لك في حياتك غير ذلك مأرب
لم يعرف الأقوام حقاً واجباً … إلا وخدمتها أحق وأوجب
لو شئت لم تعتب عليك ولم يلم … وطنٌ أسأت به الصنيع معذب
تعب المطالب والرجاء مفجع … ما انفك يرزأ بالخطوب وينكب
ترمي يد الحدثان منه مروعاً … حل العقاب به وأنت المذنب
هل عند نفسك للحفاظ بقية ٌ … تحمي البقية من حياة ٍ تسلب
ذهب الألى كانوا الغياث لأمة ٍ … حاق البلاء بها وضاق المذهب
صدعت تصاريف الخطوب رجاءها … فهوى وطاح بها الزمان القلب
بطشت أناملها فأعوز ساعدٌ … وأعان ساعدها فخان المنكب
ذهبت ملمات الزمان بنورها … مما تكر على الهداة وتجلب
في كل مطلع شارقٍ ومغيبه … قمرٌ يزول وفرقدٌ يتغيب
رزئت بينها الصالحين وغودرت … ولهي مروعة ً ترن وتندب
تلغ العوادي في نقيع دمائها … فيطيب من فرط الغليل ويعذب
لم يبق منها غير شلوٍ مسلمٍ … عكفت عليه ضباعها والأذؤب
يدعو الحماة الناصرين ودونهم … ناب يهال النصر منه ومخلب
تجد القلوب عزاءها وعزاؤه … أعيا وأعوز ما يرام ويطلب
عزيته فأبى وما من ريبة ٍ … غيري يخون وغيره يتريب
وأنا الوفي إذا تقلب خائنٌ … شر الرجال الخائن المتقلب
لم أدر إذ جن الظلام ألوعة ٌ … بين الحشا أم ذات سم تلسب
في القلب من مضض الهموم مثقف … ماضٍ ومكروه الضريبة أشطب
قل للفوارس والأسنة والظبى … الهم أطعن في القلوب وأضرب
لو طار في الهيجاء عن يد قاذفٍ … ذاب الحديد له وريع الأسرب
حربٌ يصد البأس عن هبواتها … ويهاب غمرتها الكمي المحرب
ما الحرب موقعة ٌ يطيح بها الفتى … الحرب ما يشقي النفوس وينصب
كذبت ظلال السلم كم من وادعٍ … فيهن يرجو لو يصاب فيعطب
ما العيش في ظل الهموم بنافعٍ … الموت أنفع للحزين وأطيب
ريب المنون إذا الحياة تنكرت … أدنى لآمال النفوس وأقرب
مصر الحياة وحبها الشرف الذي … بطرازه العالي أدل وأعجب
علمتهم حب البلاد أجنة ً … وذوي تمائم ينصتون وأخطب
يقضي سليمان المبارك حقها … وتصون حرمتها الرضية زينب
أبني إنك للبلاد وإنها … لك بعد والدك التراث الطيب
شمر إزارك إن ندبت لنصرها … إن الكريم لمثل ذلك يندب
وإذا بليت بجاهلٍ يستامها … فقل المنية دون ذلك مركب
مهلاً فما وطني الأعز بضاعة ٌ … تزجى ولا قومي متاعٌ يجلب
أمسك يديك فإنما هي صفقة ٌ … سوأى يسب بها الكريم ويثلب
ما شق مكروه الأمور على امرئٍ … إلا وتلك أشق منه وأصعب
ولقد رأيت من العجائب ما كفى … فإذا الذي منيت نفسك أعجب
أأبيع عظم أبي ولحم عشيرتي … المجد يغضب والمروءة تعتب
وإذا الفتى المغرور باع بلاده … فالمال من أعدائه والمنصب
ما المرء إلا قومه وبلاده … فانظر إلى أي المواطن تنسب
واستفت أصداء القبور فإنها … لتبين عن معنى الحياة وتعرب
إن الرفات لتستعز بأرضها … وثرى البلاد إلى النفوس محبب
ليس التعصب للرجال معرة ً … إن الكريم لقومه يتعصب
عود بنيك الخير إن نفوسهم … صحفٌ بما شاءت يمينك تكتب
للمرء من شرف العشيرة زاجرٌ … ومن الخلال الصالحات مؤدب
ولكل نفسٍ في الحياة سبيلها … ونصيبها مما تجر وتكسب
من أنعم التاريخ أن حسابه … حقٌ وأن قضاءه لا يشجب
تقف الخلائق تحت راية عدله … فيقام ميزان الحقوق وينصب
في موقفٍ جللٍ تجيش جموعه … فيداس فيه متوجٌ ومعصب
ملك الزمان فما لعصرٍ موئلٌ … يحميه منه وما لجيلٍ مهرب
دجت الحقائق حقبة ً ثم انبرى … فتبلجت وانجاب عنها الغيهب
يا نيل والموفون فيك قلائلٌ … ليت الذعاف لمن يخونك مشرب
أيخون عهدك غادرٌ فيضمه … ما بين جانحتيك وادٍ مخصب
قتل الوفاء فما غضبت وإنما … يحمي الحقيقة من يغار ويغضب
تهب الحياة له وليس لقاتلٍ … في غير حكمك من حياة ٍ توهب
أولعت بالغدر النفوس وغرها … أملٌ يخادعها وبرق خلب
ما للحقيقة من يحامي بعد ما … وهن الأشد من الحماة الأصلب
سلني بأدواء الشعوب فإنني … طب بأدواء الشعوب مجرب
إن الشعوب إذا استمر جثومها … جثم الردى من حولها يترقب
ليس الشقاء بزائلٍ عن أمة ٍ … حتى يزول تفرق وتحزب
متألب يبغي الحياة كأنه … جيشٌ على أعدائه يتألب
الله يقدر للشعوب حياتها … ويجيرها مما تخاف وترهب
وإذا قضى أمراً فليس لحكمه … بين الممالك والشعوب معقب
أين الرجال العاملون فإنما … تبقى الممالك بالرجال وتذهب