رفَّ النَّدَى ، وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ … وَتَكَلَّمَتْ بِلُغَاتِها الأَطْيَارُ
وَتَأَرَّجَتْ سُرَرُ الْبِطَاحِ، كَأَنَّمَا … فِي بَطْنِ كُلِّ قَرارَة ٍ عَطَّارُ
زَهْرٌ يَرِفُّ عَلَى الْغُصُونِ، وَطَائِرٌ … غَرِدُ الهَديرِ ، وجدولٌ زَخَّارُ
وَنَوَاسِمٌ أَنْفَاسُهُنَّ طَوِيلَة ٌ … وَهَواجِرٌ أَعْمَارُهُنَّ قِصَارُ
وَالْبَاسِقَاتُ الْحَامِلاتُ كَأَنَّهَا … عُمُدٌ مُشَعَّبَة ُ الذرا ومنارُ
عَقدت ذَلاذِلَ سُوقِها فى جِيدِها … وَسمَتْ، فَلَيْسَ تَنَالُهَا الأَبْصَارُ
فَأُصُولُهَا لِلسَّابِحَاتِ مَلاعِبٌ … وَفُرُوعُهَا لِلنَّيِّراتِ مَطَارُ
يَبدُو بِها زَهوٌ تَخالُ إهانه … فُتُلاً تَمَشَّتْ في ذُرَاهَا النَّارُ
طَوراً تَميلُ معَ الرِياحِ ، وتارَة ً … تَرْتَدُّ، فَهْيَ تَحَرُّكٌ وَقَرَارُ
فَكَأَنَّمَا لَعِبَتْ بِها سِنَة ُ الْكرَى … فَتَمَايَلَتْ، أَوْ بَيْنَهَا أَسْرَارُ
فإذا رأيتَ رأيتَ أحسنَ جَنَّة ٍ … خَضْرَاءَ تَجْرِي بَيْنَهَا الأَنْهَارُ
يَتَرنَّمُ العُصفورُ فى عَذباتِها … ويَصيحُ فِيها العَندَلُ الصَّفَّارُ
فَالتُّرْبُ مِسْكٌ، وَالْجَدَاولُ فِضَّة ٌ … وَالْقَطْرُ دُرٌّ، وَالْبَهَارُ نُضَارُ
فاشرَب على وَجهِ الرَبيعِ ، فإنَّهُ … زَمَنٌ دَمُ الآثَامِ فِيهِ جُبَارُ
واعلَم بِأنَّ المرءَ غَيرُ مُخلَّدٍ … والناسُ بَعدَ لِغيرهِم أخبارُ
إِنِّي وَإِن لَعِبَ الزَّمَانُ بصَعْدَتِي … وابيضَّ مِنِّى مَفرِقٌ وَعِذارُ
فَلَنِعْمَ ما بَقِيَتْ لَدَيَّ مَهَابَة ٌ … تَقذى بِها عَينُ العِدا ووقارُ
وسَعى إلى َّ الحِلمُ فى أثوابهِ … طَرِباً ، وآنَ لِجَهلى َ الإقصار
أَنَا لِلصَّدِيقِ كَمَا يُحِبُّ، وَلِلْعِدَا … عِنْدَ الْكَرِيهَة ِ ضَيْغَمٌ زءَّارُ
خَيْلِي مُسَوَّمَة ٌ، وَرُمْحِي ذَابِلٌ … يَوْمَ الطِّعَانِ، وَصَارِمِي بَتَّارُ
وَبِراحَتِي قَلَمٌ، إِذَا حَرَّكْتُهُ … رَويَتْ بهِ الأمهامُ وَهى َ حرارُ
تَرتَدُّ عَنهُ قنابِلٌ وجحافِلُ … وَتَكِلُّ عَنْهُ أَسِنَّة ٌ وَشِفَارُ
غَردٌ إذا ما جالَ فوقَ صَحيفَة ٍ … سَجَدَتْ لِحُسْنِ صَرِيرِهِ الأَوْتَارُ
وإذا امتطى ظَهرَ البنانِ لِغاية ٍ … خَضَعتْ إِلَيْهِ قَوَارِحٌ وَمِهارُ
فَإِذَا رَكِبْتُ فَكُلُّ قِرْنٍ أَمْيَلٌ … وإذا نَطقتُ فَكلُّ نُطقٍ رارُ
أَلقى الكَلامُ إلى ثنى َ عِنانهِ … وتَفاخَرت بِكَلامِى َ الأشعارُ